المؤتمر العالمي حول معاهدة حظر الدين في السياسية يشكل قيمة مضافة بالغة الأهمية

أكد صلاح الوديع، رئيس جمعية حركة ضمير وممثل منظمة “بيبيور أنترناشيونال” أن المؤتمر العالمي حول معاهدة حظر الدين في السياسية يشكل قيمة مضافة بالغة الأهمية في أجندة الحملة العالمية للحركة التي تقود ها المنظمة وداعميها من شخصيات وبرلمانيات وبرلمانيين ومنظمات غير حكومية. وشدد صلاح الوديع على أنه لا يوجد تناقض بين ما تدعو له المبادرة والركائز التي يقوم عليها النظام السياسي المغربي، مشيرا إلى أن أهم النتائج التي خرج بها هذا المؤتمر هو إعلان الرباط الختامي الذي يدعو إلى التعبئة من أجل الدفع بهذا المسار، حيث يؤكد على استناد هذه المبادرة على قيم ومعايير ومواثيق حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا ويدعو الدول إلى الانخراط في هذه المبادرة هذا المشروع.
فيما يلي النص الكامل للحوار:

> على مدى يومين استضافت العاصمة الرباط المؤتمر العالمي حول معاهدة حظر الدين في السياسية، ما هي أبرز أو أهم الخلاصات التي خرج بها هذا المؤتمر؟

< ينبغي في البداية التأكيد على الانخراط القوي لتنظيمات المجتمع المدني بالمغرب في مشروع بيبيور أنترناشيونال”، التي هي منظمة دولية مدنية تعمل من أجل اعتماد معاهدة دولية من أجل حظر استخدام الأديان لأغراض سياسية أو لانتهاك حقوق الإنسان، وهذه المعاهدة تنطلق من أقصى احترام لجميع الأديان والاختيارات الروحية وهي لا تتصادم معها، فهي تسعى فقط إلى إقرار معايير وقواعد دولية تتجسد في معاهدة يجب أن يصار إلى اعتمادها أمميا، تحظر على أي كان استخدام الأديان من أجل غرض سياسي.
وتحظى الآن مبادرة منظمة” بيبيور أنترناشيونال”، باهتمام وتتبع في 60 دولة من جميع القارات، علما أن المؤتمر عرف مشاركة أكثر من 20 بلدا، حيث حضر عدد كبير من البرلمانيين وشخصيات عالمية وفاعلين مدنيين وصناع الرأي العام ، ونحن سعداء في المجتمع المدني المغربي، ممثلا في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، حركة ضمير، منتدى مساهمات المغرب، منتدى المغرب المتعدد منتدى مغرب المستقبل، شبكة الشباب الديمقراطي، والتي هي جمعيات انخرطت كلها في هذا العمل وكان من نتائج انخراطها أن انعقد هذا المؤتمر لأول مرة بالمغرب ، منذ انطلاق المبادرة قبل ثلاث سنوات .
وبالنسبة لأهم النتائج التي خرج بها هذا المؤتمر هو إعلان الرباط الختامي الذي يدعو إلى التعبئة من أجل الدفع بهذا المسار، حيث يؤكد على استناد هذه المبادرة على قيم ومعايير ومواثيق حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا ويدعو الدول إلى الانخراط في هذه المبادرة هذا المشروع.

> بالنسبة لانعقاد المؤتمر بالمغرب، ما مدى الأخذ بعين الاعتبار السياق المغربي الذي يحتكم لدستور تم فيه التنصيص على الدين الرسمي للدولة؟

لا تناقض في نظرنا في المغرب بين ما تدعو له المبادرة والركائز التي يقوم عليها النظام السياسي المغربي حيث إن إمارة المؤمنين تكفل لكل المؤمنين حماية شعائرهم الدينية وليس فقط المسلمين. فهناك تعايش بين الأديان في البلاد، ولا يوجد أي اضطهاد للأقليات الدينية الذي يمكن أن يخلق مشكلا. بالنسبة لنا في المبادرة الدين في حد ذاته جدير بالاحترام والتقدير اعتبارا لدوره في المجتمعات، لكن ما نحن بصدده يتعلق بمشروع نسعى فيه إلى سن معاهدة تحظر الاستخدام السياسي للأديان ومنع انتهاك حقوق الإنسان.

> من خلال الوثائق التي تنشرها منظمة “بيبيور أنترناشيونال” على موقعها الإلكتروني، قرأت على أن الهدف الذي تنشده أيضا المبادرة يتعلق بمواجهة التطرف، في نظركم ما مدى قدرة معاهدة عالمية من هذا النوع على مواجهة التطرف الذي يبقى ظاهرة معقدة ولها تشعبات كثيرة ومتعددة؟

< نحن نقدر كل معطيات الواقع التي ربما تكون صعبة في التدبير والتفاعل، لكننا مؤمنون بأن منطق هذه المبادرة سوف يحرم كل من يريد أن يستخدم أي دين من أجل أغراض سياسية أن يستنكف عن ذلك لوجود معاهدة تحظر ذلك، وطبعا نعلم جميعا بأن استخدام الأديان لأغراض سياسية يؤدي بالضرورة إلى انتهاك قيم المساواة وحرية العبادة وحرية المعتقد وغيرها من الحريات والحقوق ، ونؤمن أن هذه الخطوة ستكون جبارة لأنها سوف تركز في معاهدة يصار إلى التصديق عليها من طرف بلدان العالم، ونحن متفائلون بالدور الذي سيقوم به المغرب كمجتمع مدني في القادم من مسارات هذه المبادرة ، بالنظر لما يميز المغرب كبلد للتسامح والتعايش والاعتدال ، وهناك عنصر يشجعنا على هذا التفاؤل والأمل واستمراره هو أن المؤتمر انعقد بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي تعد مؤسسة رسمية دستورية بالمملكة

> ماهي القيمة المضافة لهذا المؤتمر في أجندة الحملة العالمية للحركة التي تقود ها منظمة “بيبيور أنترناشونال” وداعميها من شخصيات وبرلمانيات وبرلمانيين ومنظمات غير حكومية؟

< أهمية المؤتمر، في الواقع، تتمثل في أنه لأول مرة ينعقد مؤتمر بخصوص المبادرة، ولأول مرة يجمع شخصيات تنتمي لثقافات وديانات مختلفة، حيث حضر أشغاله رجال دين يمثلون مختلف الديانات والطوائف، فهناك رجال دين من الصابئة، ورجل دين من الكنيسة الأرتودوكسية، ورجل دين من الكنيسة الأنجليكانية ورجل دين مسلم، وهذا يرفع من منسوب التفاؤل لدينا، خاصة وأن هناك برلمانيين راعين للمبادرة في برلمانات بلدانهم متحمسين ويحشدون التأييد عن طريق تعبئة زملاء وزميلات لهم من البرلمانيين من أجل عرض الأمر على حكوماتهم.
وهذا المسار اعتمدناه نحن أيضا كمجتمع مدني بالمغرب خلال السنة الفارطة، حيث التقينا في هذا الصدد مع رئيس الحكومة آنذاك سعد الدين العثماني قبل الانتخابات الأخيرة، الذي استقبلنا وقدمنا له ملفا في الموضوع، يتضمن توقيعات 43 برلمانيا من المؤسسة التشريعية المغربية و43 من جمعيات المجتمع المدني بالمغرب، وطلبنا خلال هذا اللقاء أن يتم تشجيع هذا المسار وان تتكلف الحكومة المغربية بذلك، علما أن هناك مجموعات برلمانية في بلدان أخرى تعمل لدى حكوماتها بنفس المنطق.
نحن على وعي أن هذه المعاهدة تراعي جميع الحساسيات الدينية، وهي لا تستهدف بلدا أو دينا معينا أو مجموعة بشرية دون أخرى، بل تتوجه للظاهرة بشكل عام، أين ما كانت وأين ما تفاعلت، ووجود رجا الدين معنا في هذا المؤتمر والبرلمانيين والفاعلين من المجتمع المدني وأهل الفكر والفن يشكل دليلا على أن هناك تململ إيجابي في المجتمعات في اتجاه رفض هذا الاستخدام للأديان والذهاب من أجل اعتماد هذه المعاهدة، التي بالتأكيد سيكون لها أثر إيجابي ولن يكون هناك مبرر لأي جهة وإلا عزلت نفسها عن الأسرة الدولية كأن تدعي أن من حقها أن تستخدم الأديان لأغراض سياسية أو قمع الحريات والحقوق.

> هل تلقيتم خلال هذا المؤتمر دعما لمبادرتكم من قبل حكومات بعض الدول؟

< هناك بلدان يتقدم فيها المشروع أكثر من بلدان أخرى، ربما يكون انعقاد هذا المؤتمر في بلادنا مؤشرا على دعم ضمني رسمي للمبادرة خاصة وانه ينظم بدعم من مؤسسة وطنية وانخراط قوي للمجتمع المدني، بما يتيح المجال على تقبل هذه الفكرة أكثر وتبنيها في مختلف المحافل، علما أن المؤتمر خرج بمكسب لصالح المشاركين المغاربة، حيث من بين ضمن النتائج التي أسفرت عنها النقاشات ومخرجات اللقاء، أنه أوصى بإحداث سكرتارية بالمغرب تضطلع بمهمة تنظيم وتأطير العمل الترافعي لدى أصحاب القرار في العالم، كما أوصى بأن يصار بعد اعتماد المعاهدة إلى تأسيس مرصد لتتبع وفضح كل الانتهاكات التي تطال مقتضياتها وعزل الدول التي ستسجل عليها تلك الممارسات.

> هل تقصد إحداث المرصد بما يعنيه ذلك من خلق آلية خاصة جديدة تلتحق بالمجلس الأممي لحقوق الإنسان؟

< يبقى أمر محتمل، لكن يجب التـأكيد في الوقت الحالي أن المرصد الذي أوصى المؤتمر بإحداثه هو مرصد سيكون مدني في البداية، على أن يتكفل المنتظم الأممي بالعمل الذي يعود إليه، لكن نحن حريصون على أن يكون المجتمع المدني مندرجا في هذا المسار وضمنه المجتمع المدني المغربي لما فيه خير بلدنا وكل الشعوب والأمم.

< حاورته: فنن العفاني – تصوير: موسى رضوان

Related posts

Top