المحقق العدلي يستأنف تحقيقه في انفجار مرفأ بيروت بعد 13 شهرا على تعليقه

استأنف المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت الاثنين، وبرغم الضغوطات السياسية المتواصلة عليه، تحقيقاته بعد 13 شهرا على تعليقها جراء دعاوى رفعها ضده تباعا عدد من المدعى عليهم، وفق ما أفاد مسؤول قضائي وكالة فرانس برس.
وعلق التحقيق في الانفجار في دجنبر 2021 جراء دعاوى رفعها تباعا مدعى عليهم بينهم نواب حاليون ووزراء سابقون ضد المحقق العدلي طارق بيطار.
ويندد ذوو الضحايا ومنظمات حقوقية بمحاولات عرقلة الوصول إلى العدالة في انفجار اعتبر أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم وتسبب بمقتل 215 شخصا على الأقل وإصابة 6500 آخرين.
وقال مسؤول قضائي لوكالة فرانس برس إن بيطار “استأنف تحقيقاته في ملف المرفأ” وقرر إخلاء سبيل خمسة موقوفين منذ الانفجار، ومنعهم من السفر، بينهم عامل سوري ومسؤولان سابقان في المرفأ هما مدير الجمارك السابق شفيق مرعي ومدير العمليات السابق سامي حسين.

ولا يزال هناك 12 شخصا آخر موقوفين.
كما قرر بيطار، بحسب المسؤول القضائي، الادعاء على ثمانية أشخاص جدد بينهم سياسيون وقضاة ومسؤولان أمنيان رفيعان هما المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا.
وتربط إبراهيم علاقة جيدة بالقوى السياسية وخصوصا  حزب الله، الذي يقود الحملة المطالبة بتنحية بيطار، كما يعد صاليبا مقربا  من الرئيس السابق ميشال عون.
ولم يقدم المسؤول القضائي أي  تفاصيل حول أسباب الادعاء كما لم يكشف عن الشخصيات الست  الأخرى.
وحدد بيطار، وفق المصدر نفسه، “مواعيد لاستجواب المدعى عليهم الجدد وأرسل مذكرات لتبليغهم مواعيد الجلسات”.
ومنذ البداية عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تعرف أسبابه.
وتبين لاحقا أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.
وأوضح المسؤول القضائي أن “بيطار أجرى دراسة قانونية أفضت إلى اتخاذ قرار استئناف التحقيقات برغم الدعاوى المرفوعة ضده”.
وكان بيطار ادعى قبل أكثر من عام على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل. كما كان طلب استجواب كل  من ابراهيم وصليبا.
وغرق بعد ذلك في فوضى قضائية بعدما حاصرت عمل المحقق العدلي عشرات الدعاوى مطالبة بكف يده عن الملف.
واصطدم بتدخلات سياسية حالت دون إتمام بيطار عمله، مع اعتراض قوى سياسية عدة أبرزها حزب الله، اللاعب السياسي والعسكري الأبرز في لبنان، على عمله واتهامه بـ”تسييس” الملف، وصولا  إلى المطالبة بتنح يه.
وردا على سؤال حول استئناف التحقيقات، قال المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل الاثنين لصحافيين إن “هذا الثوب القضائي الذي يفترض أن يكون أبيض اللون، للأسف تعرض للكثير من النقاط السوداء، أحدها ما جرى قضائيا في ملف المرفأ”.
وشاركت جهات عد ة في عرقلة التحقيق، إذ امتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن نواب شغلوا مناصب وزارية، وامتنع مسؤولون عن منح بيطار الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين تحت سلطتهم، وامتنعت قوى الأمن عن تنفيذ مذكرات التوقيف.
ويعكس مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ثقافة “الإفلات من العقاب” التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، نادرا ما تمت محاسبة المتورطين فيها.
وقال المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية وهي منظمة غير قانونية تعنى بشرح القوانين، لفرانس برس إن “ما يحصل الآن هو أن  هناك قاضيا يتحدى سياسة الإفلات من العقوبات”.
وأوضح أن بيطار “أجرى مراجعة قانونية تخو له استئناف التحقيق، ما سيحدث جدلا قانونيا  واسعا من دون شك، وستكون هناك تدخلات وضغط سياسي بالطبع”، مضيفا “لا شك أنه ست ستخدم ضده الآن وسائل سياسية وقانونية كثيرة لوقف عمله”.

واعتبر صاغية أن “المواجهة ستكون صعبة”.
ويأتي قرار بيطار استئناف تحقيقاته بعد نحو أسبوع على لقائه وفدا قضائيا فرنسيا خلال زيارة هدفت للاستفسار عن معلومات طلبها القضاء الفرنسي الذي يجري تحقيقا في باريس بشأن مقتل وإصابة فرنسيين في الانفجار.
ويؤجج تعليق التحقيق والتدخلات السياسية المتكررة غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية تطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة، أمام تعثر التحقيق المحلي.
وقالت تاتيانا حصروتي، التي فقدت والدها الموظف في اهراءات المرفأ، “نعيش مع مافيا، وكل  من ادعى عليهم بيطار ينتمون إلى هذه المافيا”.
وأضافت “حان الوقت لأن يستأنف القاضي بيطار عمله.. جميعهم متورطون ويخافون من الحقيقة”، معتبرة أن “جميعهم محص نون ولا أعتقد أنهم سيحضرون جلسات الاستجواب”.
وينفذ أهالي الضحايا بين الحين والآخر وقفات واعتصامات تطالب باستئناف التحقيق آخرها الأسبوع الماضي.
وأوقفت القوى الأمنية قبل أكثر من أسبوع وليام نون، الذي فقد شقيقه في الانفجار وهو أحد أبرز المتحدثين باسم عائلات الضحايا.
وأوقف نون بسبب تصريحات أدلى بها عبر شاشات التلفزة خلال اعتصام، قال فيها إن هم قد يقدمون على “تكسير” أو “تفجير” قصر العدل. وأطلق سراحه لاحقا  بعد اعتصام مفتوح نفذه العشرات من أهالي الضحايا.

Related posts

Top