المراقبة المستقلة للانتخابات

من بين النصوص المطروحة اليوم للتشاور، في سياق إعداد القوانين الانتخابية الجديدة، هناك النص المتعلق بملاحظة الانتخابات، وهو يمس مجالا حيويا بالنسبة لكل استحقاق يراد له أن يكون شفافا وديمقراطيا ونزيها وذا مصداقية. لقد انخرطت الجمعيات الحقوقية الوطنية في السنوات الأخيرة في مسلسل مراقبة نزاهة الانتخابات، وباشر مجلس حقوق الإنسان والنسيج الجمعوي عملا هاما على هذا الصعيد، ما يجعل التقنين اليوم خطوة أخرى تستحضرهذه التجارب الحقوقية والمدنية المغربية، وتستحضر أيضا المعايير الدولية بهذا الخصوص، فضلا عن التطلع إلى تنظيم انتخابات يكون العالم كله شاهدا على نزاهتها ومصداقيتها.
يتعلق الأمر اليوم إذن بالتتبع الميداني لسير العمليات الانتخابية وتقييم ظروف تنظيمها وإجرائها ومدى احترامها للمبادئ الدستورية والنصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات من خلال إعداد تقارير بشأنها تتضمن ملاحظات الجهات المعدة لهذه التقارير، وعند الاقتضاء توصياتها التي ترفعها إلى الجهات المعنية.
وفي الإطار ذاته، فإن مسودة النص توكل القيام بمهام الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات للمؤسسات الوطنية المؤهلة بحكم القانون للقيام بمهام الملاحظة الانتخابية، وجمعيات المجتمع المدني الفاعلة والمشهود لها بالعمل الجاد في مجال حقوق الإنسان ونشر قيم المواطنة والديمقراطية، والمنظمات غير الحكومية الأجنبية..
بعد إقرار هذا النص، يجب الانكباب على إنجاح تحدي مصداقية العملية، وذلك من خلال الانفتاح الواسع على المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، وتمكينها من العمل المستقل، وتسهيل تحركاتها عبر كامل التراب الوطني، ومساندة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لينجح في تدبير هذه العملية الهامة والحساسة، بالإضافة إلى أن الأمر يطرح تحديا مماثلا على الجمعيات المغربية، وذلك من خلال تكوين مراقبيها ومدهم بالمهارات والتقنيات والمعلومات اللازمة لمثل هذا العمل، زيادة على ضرورة الحرص على  الحياد التام وعلى المهنية ..
وهنا لا بد من التذكير أنه بقدر ما على الدولة أن تؤمن الحرية الكاملة للملاحظين المستقلين والأجانب كي يؤدوا عملهم من دون تضييق، فإن على الملاحظين أنفسهم الالتزام بمعايير حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا في مثل هذه المهمات، كما أنه لا يمكن لمراقب مدني للانتخابات، وخصوصا المغاربة، استغلال هذه الصفة لتصريف مواقف سياسية يوم الاقتراع أو على هامشه عبر وسائل الإعلام أو غيرها.
إن التمثلات والقناعات والمسلكيات الحقوقية تختلف عن تلك المعروفة في المجال السياسي، والمراقب المستقل للانتخابات يجب أن يمتثل لمدونة سلوك تقوم على معايير حقوقية معروفة في العالم برمته.
بلادنا في حاجة إلى مراقبة مستقلة وحيادية للانتخابات، وإذا نجحنا جميعا في تأمين مصداقية هذا الورش وحماية استقلالية ونزاهة وتجرد الملاحظين المغاربة والأجانب، فلن يكون المغرب إلا رابحا.

[email protected]

Top