المركزيات النقابية تطالب الحكومة و”الباطرونا” بالمحافظة على مناصب الشغل

انطلقت، أمس الجمعة، أولى جلسات الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وذلك في سياق يتسم بأزمة اقتصادية واحتقان اجتماعي غير مسبوق.
وتأتي بداية هذا الحوار في إطار مصادقة الحكومة على مشروع القانون المالي التعديلي الذي أملاه انتشار فيروس كورونا، حيث توقفت العديد من الأنشطة الاقتصادية طيلة الثلاثة أشهر الماضية.
وسبقت هذه الجولة مجموعة من اللقاءات الإعدادية بين رئيس الحكومة سعد الدين العثماني والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وذلك على مدى ثلاثة أيام (6 و7 و8 يوليوز الجاري).
وخصص الاجتماع ثلاثي الأطراف بحسب رئاسة الحكومة، لمناقشة الشروط الكفيلة بإنجاح استئناف الأنشطة الاقتصادية، واستئناف العمل بالمقاولات، وذلك للحفاظ، من جهة، على حقوق الشغيلة وعلى مناصب الشغل، ومن جهة أخرى، لإنعاش إنتاج السلع، وتقديم الخدمات، وتقوية المقاولة الوطنية، والحفاظ على تنافسيتها.
وعبرت المركزيات النقابية في خرجات إعلامية مختلفة لها، عن استعدادها لمناقشة الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة في المغرب، داعية، في بداية هذا الحوار، إلى إحداث لجنة اليقظة الاجتماعية التي تم تغييبها طيلة فترة تدبير جائحة فيروس كورونا.
وقال خالد لهوير العلمي، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية ،للشغل CDT، إن مرحلة تدبير الجائحة، “عرفت تغييبا إراديا للمركزيات النقابية، وهذا خطأ استراتيجي ارتكبته الحكومة بتغييب الفاعل الاجتماعي، في الوقت الذي كان فيه الفاعل الاقتصادي حاضرا وبقوة، من خلال لقاءاته وتواجده بلجنة اليقظة الاقتصادية، وكذا اجتماعه بوزير المالية واستماع هذا الأخير لأطروحتهم التي نختلف معها”.
وأكد خالد لهوير العلمي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه، “منذ بداية الأزمة، راسلنا رئيس الحكومة نطلب منه إحداث لجنة اليقظة الاجتماعية، نظرا لتوقعنا وجود مشاكل اجتماعية قوية، لكن للأسف لم يأخذ مقترحنا بعين الاعتبار، بيد أنه، في اللقاء الأخير، أقر رئيس الحكومة بتغييب الفاعلين النقابيين في متابعة انعكاس الجائحة على عالم الشغل”.
وبحسب خالد العلمي، اقترح رئيس الحكومة أن تشتغل لجنة اليقظة الاجتماعية في إطار الحوار الاجتماعي، علما أن دورات الحوار الاجتماعي تكون محددة بأجل معين، وهو ما سيكون غير كاف لمعالجة الآثار القوية التي بدأت وستستمر في عالم الشغل.
وكشف العلمي أنه، مع بداية، الجائحة توقف حوالي مليون أجير عن العمل، حيث لم يستطع إلا 300 ألف أجير استئناف عملهم، مما يعني أن الفئة الأخرى لم تستطع العودة بعد إلى عملها، استنادا إلى المؤشرات الرسمية للحكومة.
وتعليقا منه على مشروع قانون المالية الجديد، اعتبر نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن هذا المشروع المطروح لا توجد به حلول ابتكارية ولا مجهودات استثمارية، خاصة في القطاعات الأساسية، وذلك من أجل معالجة هذه الأزمة والعمل على تحريك الاقتصاد الوطني.
وأشار القيادي النقابي إلى أن قانون المالية يشير إلى أن دعم المقاولات المغربية رهين بعودة 80 في المائة من الأجراء، ويغيب الـ 20 في المائة المتبقية، ما يجعلنا نتأكد أن هناك نية مبيتة للتخلص من 20 في المائة المتبقية، وأن الحكومة تشجع بهذا المنطق على البطالة والهشاشة”، على حد تعبير المتحدث.
وأفاد المتحدث ذاته، أن “المركزيات النقابية مع دعم المقاولة المغربية، لكن مع الحفاظ على جميع مناصب الشغل، وهذا التزام كانت قد أكدت عليه الحكومة في أول لقاء لنا مع رئيسها، غير أنه اليوم هناك تحول في هذا الالتزام”.
ودعا خالد العلمي لهوير إلى ضرورة احترام قانون الشغل، مسجلا وجود العديد من الخروقات في مدونة الشغل خلال هذه المرحلة، علاوة على عدم احترام مجال السلامة الصحية في الوحدات الصناعية.
وذكر خالد العلمي أنه بهذا الوضع يتجه المغرب نحو وضع اجتماعي مقلق، خصوصا وأن “الباطرونا” ترفض الزيادة في الحد الأدنى للأجور، في الوقت الذي لا يتعدى فيه أجر 65 في المائة من المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 3000 درهم.
وشدد العلمي في الأخير على أن المركزيات النقابية لم تأت بملف مطلبي للزيادة في الأجور، لأنها على وعي بخصوصية المرحلة، غير أنها تنادي بوضع لجنة اجتماعية خاصة لمعالجة الأزمة الحالية، مهمتها السهر على احترام الالتزامات السابقة، لاسيما وأن العديد من القطاعات لم تتضرر من الوباء.

<  يوسف الخيدر

Related posts

Top