المعارضة فيها وفيها

يعتبر من الواضح والمفضح، ومن قبيل ( السماء فوقنا )، القول بأن أي أغلبية حكومية، ولكي تكون قوية، فهي في حاجة إلى معارضة قوية أيضا.
سنخطئ من جديد، إذا اعتبرنا أن أحزابنا المصطفة في المعارضة اليوم غير معنية هي الأخرى بأسئلة التأهيل الذاتي، والتحديث الحزبي، وتعزيز الديمقراطية والانفتاح بداخل صفوفها. إنها، كما باقي الأحزاب معنية بضرورة إنجاح تطلعنا الجماعي لتطوير حقلنا الحزبي والسياسي والمؤسساتي.
فعلا، لدينا اليوم معارضة ومعارضة، وخلال الأيام الأخيرة قدم لنا الإعلام بعض الوجوه، وكثيرا من الكلام، بعضه لم يخل من قلة حياء فعلا.
من غير الوارد هنا حجب حق الكلام أو الرفض عن المعارضة، أو فرض أية وصاية أو تهجين في حقها، لأن ذلك سيقودنا جميعا إلى تفاهة لم تعد البلاد تطيقها اليوم.
مع ذلك ففي الصور وفي الكلمات والتصريحات التي اقتحمتنا في الفترة الأخيرة، استغربنا لكثير تنطع وعمى من بعض أشباه الزعماء…
أحدهم، ويريد أن يقنعنا (بزز) أنه محلل سياسي أكاديمي صبغ بأزرق من لون الحمام، يصرخ أن الحكومة الحالية نصف وزرائها يطابق أحكام الدستور، والنصف الثاني يستحق الطعن وبقية الاتهام، ويزيد من (تخراج) عينيه فينا، ويؤكد أن الحكومة الجديدة ليست سوى إطفائي حرائق..
ومن أشعل الحرائق التي يجب إطفاؤها اليوم ياسيد الفاهمين؟ أليس هذا اعتراف بمرتبة سيد الأدلة؟
أما الزعيم الأكبر لأصحابنا الزرق فهو لم يتردد في إبداء الأسف كون الهيكلة الحكومية لم تحمل جديدا، وكون عدد الوزراء لا زال كبيرا، وحتى الهزيمة أو الخيبة لم تقنعه بالتزام صمت المنهزمين، أو اللجوء إلى استقالة تعيد له بعض عزة وقليل انسجام.
ورغم كون أحزاب  بقيت عاجزة عن اختيار عضواتها ولو لرئاسة فرقها النيابية، أو أنه لم يسبق أن رشحت بعضهن وزيرات في حكومات سابقة، فهي مع ذلك  توزع الاتهامات على أحزاب أخرى لعدم استو زار نساء في الحكومة الحالية، ولا تريد أن تسمع منها أي تفسير، كما لا تريد أن تتأمل في عمق الإشكال الذي يعنيها بدورها.
أما المحامي الموهوب، والذي رمت به ريح 25 نونبر، وطوحت به إلى داخل القبة، فهو لم ينجح في أن يهب نفسه قليل تروي ورصانة، وصار الكلام لديه في البرلمان وفي التلفزيون لا يعني سوى تضييع ذاكرة المغاربة الذين يعرفون جدا تفاصيل سيره إلى غاية الوصول إلى حيث قبة التشريع..
في بلادنا فعلا توجد أحزاب بإمكانها أن تكون معارضة حقيقية وذات مشروعية، ولكن مع ذلك ابتلينا بكثير من الوافدين، قدامى ومستحدثين، قطر بهم سقف التحكم واختلاق الهيئات والتجمعات وأشباح الزعماء، ورغم كل الصفعات والشعارات والخيبات لم يفهموا، ولم يخجلوا، ولم يختفوا…
المغاربة يعرفون كل هذه الأفواه المشرعة اليوم في التلفزيون وفي البرلمان، ويذكرون من أين أتت، وكيف مشت ودبت وزحفت، ولا يطلبون منها سوى بعض حياء وخجل…
[email protected]

Top