بالرغم من المسافة التي تفصلهما جغرافيا، فإن المغرب والإمارات العربية المتحدة متقاربان جدا في علاقاتهما الثنائية التي يحرصان بانتظام على تقويتها وتنويعها.
وبالفعل، فإن علاقات الصداقة بين البلدين الشقيقين تتجه نحو إرساء شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد تكرس إرادة وعزم قائدي البلدين، جلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على المضي قدما وإعطاء تعاونهما بعدا في مستوى طموحاتهما.
وتؤكد زيارة الصداقة والعمل التي يقوم بها جلالة الملك محمد السادس للإمارات العربية المتحدة ابتداء من الأربعاء بمناسبة تنظيم أسبوع المغرب في أبوظبي، هذا النفس في التعاون، مع الإسهام في تعزيز العلاقات العريقة القائمة بين المغرب وبلدان مجلس التعاون الخليجي.
وستخول هذه الزيارة أيضا تقييم ومتابعة تفعيل 21 اتفاقية تم توقيعها في مارس الماضي بالدار البيضاء تحت رئاسة جلالة الملك وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وشملت اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم هاته العديد من مجالات التعاون والدبلوماسية والتعليم، مرورا بالفلاحة والسياحة والدين والصحة والطاقات والبيئة وحتى التعمير. وتضم بالخصوص اتفاقية حول المجال الأمني ومكافحة الإرهاب.
وفي المجال الاقتصادي، تتعلق إحدى الاتفاقيات بصفقة شراء الحصص الكاملة المملوكة لمجموعة مؤسسة الإمارات للاتصالات في شركات بإفريقيا من طرف “اتصالات المغرب”.
ولا تعد الشراكة المغربية-الإماراتية، التي نسجت على مدى عقود، فقط ثمرة للعلاقات السياسية الممتازة بين البلدين، وإنما أيضا لنجاح مسلسل يجد فيه كل من أصحاب القرار والفاعلين الخواص وفاعلي المجتمع المدني أنفسهم.
وأعطى الإطار القانوني المحفز الذي يحكم العلاقات بين البلدين، وأهمه اتفاقية إحداث منطقة للتبادل الحر التي وقعت في 2001 ودخلت حيز التنفيذ في 2003، بالفعل دفعة لتسريع الاستثمارات المشتركة وقوى الآليات المؤسساتية الموجهة نحو المستقبل.
وتعد الصناعة الفندقية وباقي الأنشطة السياحية والصناعة الغذائية والعقار والطاقة الفروع المفضلة بالنسبة للمجموعات الإماراتية تشجعها المزايا المقدمة للمستثمرين والاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي للمغرب وقربه من أوروبا.
وأثمرت هذه المزايا شراكات متينة في القطاعات الواعدة، وعلى رأسها طبعا السياحة والطاقة.
ويشكل إحداث هيئة الاستثمار السياحي “وصال كابيطال” في 2011 بين المغرب والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت مثالا ساطعا على ذلك.
واعتبرت هذه المبادرة، التي أطلق جلالة الملك أولى مشاريعها “وصال الدار البيضاء الميناء” و”وصال أبي رقراق” على التوالي بكل من الدار البيضاء والرباط، خطوة كبيرة نحو الاندماج الاقتصادي بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي ومؤشرا قويا على انخراط بلدان هذا الفضاء الإقليمي في الدينامية الإصلاحية الجارية بالمملكة.
ولن تفوت زيارة الصداقة والعمل التي يقوم بها جلالة الملك للإمارات إعطاء دفعة أخرى للاستثمارات المشتركة والمبادلات التجارية بين البلدين، بما يضفي بعدا لشراكتهما الاستراتيجية لصالح مشاريع ملموسة تتجه نحو تكامل اقتصادي متقدم، يرقى لمستوى علاقاتهما التاريخية.
المغرب -الإمارات العربية المتحدة .. علاقات صداقة وشراكة استراتيجية متعددة الأبعاد
الوسوم