انطلقت مؤخرا بالمركز الثقافي المغربي بنواكشوط، فعاليات المهرجان الثقافي والفني الذي تنظمه جمعية الصداقة الموريتانية المغربية حتى السادس والعشرين من فبراير الجاري.
وقال رئيس الجمعية محمد التراد، في كلمة بالمناسبة، إن من شأن هذه التظاهرة، التي تنظم بتعاون مع مؤسسات مغربية وموريتانية من بينها الخطوط الملكية المغربية، أن تساهم في توطيد العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتجسير التواصل الثقافي بينهما.
وذكر بأن الجمعية، تسعى إلى تطوير علاقات الأخوة والتعاون بين الشعبين الموريتاني والمغربي في المجالات العلمية والثقافية والفنية والاجتماعية والرياضية بما يخدم مصالحهما المشتركة.
كما أن من أهداف هذه الجمعية الثقافية والفنية المستقلة تبادل الخبرات وتقوية الروابط مع المؤسسات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الرسمية وغير الرسمية في البلدين والعمل على خلق تواصل يتسم بالفعالية والديمومة بين الشعبين.
وثمن مدير المركز الثقافي المغربي بنواكشوط محمد القادري مبادرة جمعية الصداقة الموريتانية المغربية بإقامة هذه التظاهرة الثقافية والفنية التي تعد الأولى من نوعها.
وقال إن احتضان المركز لمحاضرة ومعرض للفن التشكيلي يندرجان ضمن مشاركته في هذه الاحتفالية الثقافية والفنية، والتي تدخل في صميم عمله المتمثل في تشجيع ورعاية كل ما ينمي التواصل بين البلدين الشقيقين من خلال موروثهما الثقافي الأصيل المشترك.
وبالمناسبة ألقى الباحث المغربي في مجال الفكر الإسلامي والعلوم الشرعية، محمد المهدي بوزيد، محاضرة تحت عنوان “السماع والغناء بين النقد والتأييد عند علماء المسلمين”.
وقال المحاضر إن السماع شكل محل خلاف رئيسي بين المدارس العلمية المختلفة سواء في باب الأحكام الشرعية أو عند رجال التصوف، مسجلا في ما يخص الجانب الفقهي تضاربا كبيرا بين العلماء في القبول والكراهة والرفض.
وقال إن نتائج البحث المستقصي تظهر أن مستند تحريم السماع هو ثلاث آيات من القرآن الكريم، ومجموعة من الأحاديث، فضلا عن أقوال منسوبة لأئمة المذاهب الأربعة.
وذكر أن ابن الجوزي من خلال كتابه (تلبيس إبليس) قد لخص المواقف المختلفة من الغناء وهو يقول: “تكلم الناس في الغناء فأطالوا، فمنهم من حرمه، ومنهم من أباحه من غير كراهة، ومنهم من كرهه مع الإباحة”.
وأوضح أن كتاب (تلبيس إبليس) به كلام كثير عن الغناء والسماع وحاول ابن الجوزي الوصول إلى تحريم ذلك فبدأ برواية مذاهب الأئمة الأربعة وآرائهم في الموضوع، ثم حاول استنباط ذلك من القرآن الكريم مستندا إلى ثلاث آيات ومن السنة النبوية إلى أحاديث كثيرة ، إلا أنه في نقله لآراء المذاهب الأربعة لم يلمس حكما بالتحريم أو الكراهة الأصولية وإنما توقف الحكم على رأي الإمام أو أتباعه.
وفي كتاب (إحياء علوم الدين) يقول أبو حامد الغزالي “أعلم أن السماع قد اختلف الناس فيه، فمنهم من حرمه، ومنهم من أباحه، ونحن نبين حقيقة السماع وإباحته، فنقول: السماع هو استماع صوت طيب موزون مفهوم المعنى محرك للقلب، وليس في جملة ذلك إلا التذاذ حاسة السمع والقلب، فهو كالتذاذ حاسة النظر إلى الخضرة والتذاذ القلب به ” مستندا في ذلك إلى قوله تعالى: ” يزöيد في الخلق ما يشاء”، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري “لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود” أي صوتا حسنا مطربا.
وقال المحاضر إن السماع لا يكره عند العرس والوليمة والعقيقة وغيرها لأن فيها تحريك لزيادة سرور مباح أو مندوب، ويدل على ذلك ما روي من إنشاد النساء بالدفوف والألحان عند قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة “طلع البدر علينا من ثانيات الوداع….”.
وأكد الباحث المغربي أن الحكم على السماع لا ينبغي أن يصدر جزافا حيث تبين اختلاف العلماء والفقهاء في السماع والغناء أما عند الصوفية فهم بمعزل عن هذا الخلاف لأنه ارتقى عندهم من درجة الإباحة إلى رتبة المستحب.
وخلص محمد المهدي بوزيد إلى القول ” إنه لا شيء يخلو من حسن وقبيح وكذلك السماع والغناء، إلا أن الحسن منه يقع في مجالس الذكر والورع، والقبيح يقع في مجالس السوء”.
وتتميز هذه التظاهرة الثقافية والفنية بإقامة معرض للفن التشكيلي تعرض خلاله لوحات للفنانين الموريتانيين أمي صو ومنصور كيبي ببهو المركز الثقافي المغربي، فضلا عن معرض للصناعة التقليدية المغربية طيلة أيام المهرجان.
وستقام يومه الخميس بأحد فنادق العاصمة سهرة فنية للموسيقى الحسانية والأندلسية ستحييها فرقة الفنانة منى بنت الدندني من موريتانيا ومجموعة محمد أمين الدبي من المغرب.
المهرجان الثقافي والفني لجمعية الصداقة الموريتانية المغربية
الوسوم