اختتمت فعاليات المهرجان الدولي للنساء المخرجات يوم الأحد الماضي بمسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط، مجسدا التغيير الذي بات يشهده فن الخشبة بالمغرب المطبوع ببروز نساء مبدعات في الإخراج المسرحي، وتحقيقهن نقلة نوعية ومنظور جديد بصيغة المؤنث اعتمادا على مقاربة النوع في تناول قضايا المجتمع، وتقديمهن عروضا مذهلة تنهل من خبايا ما يعانيه النساء كجسد في الفضاء العمومي.
وحاز المهرجان الذي حمل شعار «جسد» شكل مبادرة مشتركة بين فرقتي أكواريوم وأنفاس، سلطت الضوء خلاله على تجربة الإخراج النسائي والصعوبات التي تحيط بالمهنة، والتحدي الذي تتملكه النساء المخرجات واجتهاداتهن من أجل تقديم عروض مختلفة برؤية ومنظور نسائي، على دعم وزارة الثقافة، حيث أعلن المهدي بنسعيد وزير الثقافة في كلمة ألقاها في حفل اختتام هذا المهرجان «على استعداد الوزارة لمواكبة المهرجان لتنظيم دورته الثانية مستقبلا، وعلى توفير كل الظروف لتنظيم جولات فنية للعروض المسرحية المشاركة في المهرجان، ويقصد أساسا مسرحية «خريف» التي أخرجتها المبدعة أسماء هوير، والتي عرضت قبيل حفل الاختتام.
وتميز المهرجان الذي امتد على مدى خمسة أيام بعرض أعمال مسرحية لـ 8 مخرجات ينتمين لسبع (7) دول وهي لبنان، إسبانيا، المغرب، الدانمارك، رومانيا، فرنسا وتونس، وبتنظيم ندوة فكرية اعتلى فيها النقاش حول الفن المسرحي بصيغة المؤنث حيث تمحورت الندوة حول موضوع «المهنة:امرأة مسرح»، تم خلالها التطرق لكل ما يحيط بهذا المجال.
ومن جانبها، أعلنت المخرجة نعيمة زيطان، مؤسسة مسرح الأكواريوم، في كلمتها في حفل الاختتام، عن نجاح الدورة الأولى التي شهدت زخما على مستوى حضور جمهور شغوف بفن الخشبة، وبالنظر لمستوى النقاش والحوار الذي ميز الأنشطة الذي تخللت هذا المهرجان، خاصة بين المبدعات التي ينتمين لمدارس مسرحية مختلفة وتصورات ورؤى قد تكون متباينة لكن يتقاسمن تيمة الإبداع المسرحي بصيغة المؤنث، مبرزة أن المهرجان شكل جسرا فريدا للتبادل بين المبدعات والجمهور من خلال العروض المقدمة والنقاشات التي تلت عرضها.
وأبدى الكاتب المسرحي، عصام اليوسفي، مدير سابق للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، عضو اللجنة التحضيرية لهذا المهرجان، خلال تصريحه لجريدة بيان اليوم منسوبا عاليا من الارتياح لنجاح هذه الدورة الأولى من مهرجان اختار منظموه أن يقارب شؤون المسرح بصيغة المؤنث وفتح فضاء جديد للنقاش والتبادل حول تجارب من المسرح المغربي لنساء اخترن هاته المهن وكثير منهن يشتغلن في الخفاء بعيدا عن الأضواء.
وهذا النجاح يترجمه الحضور المكثف للجمهور لمختلف الفعاليات التي شهدها المهرجان، والذي كان في غالبيته من الشباب والمهتمين الذين أبدوا اهتماما وشغفا بما تم تقديمه من عروض وفعاليات فكرية، وأوضح بالنسبة لغياب الجوائز عن المهرجان، «أن تصور اللجنة المنظمة للمهرجان انبنى على القيم التي تعتمد على الرؤية والتصور، بعيدا عن أي تعالي أو تفاضل، حيث أريد للمهرجان أن يكون جسرا ممتدا للحوار وربط العلاقات وطرح تصورات بشأن المشاريع».
وأشار، إلى «أن الدورة لقيت تجاوبا إيجابيا وأن نوعا من الفخر وإحساسا جماعيا يتملك المنظمين بأن الرهان مربوح»، مبرزا أن الحضور الشبابي المسجل على مستوى متابعة محطات المهرجان أمر مشجع في اتجاه استشراف توسيع فضاءات المهرجان مستقبلا.
وحول عنوان «جسد» الذي حملته فعاليات الدورة الأولى للمهرجان، والذي اعتبر البعض اختياره عنوانا يسعى عنوة لاستفزاز توجه معين، وما إن كان هذا العنوان ستحمله الدورة القادمة، قال عضو اللجنة التنظيمية عصام اليوسفي «إن حمل الشعار ذاته خلال الدورة المقبلة يبقى من اختيار فريق العمل».
وأضاف بالنسبة لماهية هذا العنوان فهو بقدر ما له بعد مهني ويرتبط بالحرفة، بقدر ما أن الجسد يعد الركيزة الأساسية في التعبير، وفي العلاقات الاجتماعية ويبقى هو أرقى التعابير الفنية، وطرح كعنوان فيه محاولة لبسط سؤال بل أسئلة حاضرة داخل المجتمع بل ويفرزها مجتمع يتطور ويتغير، مردفا أن «لا خطوط حمراء في الإبداع».
< فنن العفاني
< تصوير: رضوان موسى