النجاح الديبلوماسي الملكي

أجمع المراقبون على النجاح الديبلوماسي  لتحركات جلالة الملك في نيويورك، بمناسبة مشاركته في أعمال قمة الأمم المتحدة حول أهداف الألفية للتنمية، وذلك إن من خلال اللقاءات التي عقدها مع العديد من زعماء العالم، أو من خلال  المضامين الهامة التي ميزت خطاب جلالته أمام المشاركين في القمة. لقد كانت قمة ألفية التنمية مناسبة أدرك جلالة الملك أهميتها، وحجم الحضور المتوقع في أشغالها، ولذلك قرر جعل تمثيل المملكة يكون على أعلى مستوى، ونجح، بذلك، في إضفاء دينامية ديبلوماسية قوية لفائدة مواقف وقضايا وصورة المغرب.
وعليه، فقد كان من الطبيعي أن تحتل قضية وحدتنا الترابية المكانة الأبرز في الاهتمام الملكي، حيث إنه في  ظل انسداد  أفق المفاوضات حاليا، وأمام تزايد الاستفزاز والجنون الجزائريين، واختطاف ولد مولود، وحيث إن النظام الجزائري معهود فيه استغلال مثل هذه التظاهرات الدولية لمزيد من الاستفزاز، فإن وجود جلالة الملك في نيويورك مثل ردا قويا وذكيا على كل مناورات الخصوم، علاوة على أن لقاءاته مع الأمين العام الأممي ومع زعماء فرنسا وإسبانيا وألمانيا، مكنت من محاصرة كل المكائد على هذا الصعيد.
من جهة ثانية، فإن تواتر المخاطر الأمنية والإستراتيجية في منطقة الساحل والصحراء، وانشغال الكثير من القوى الإقليمية والدولية بذلك، مكن المغرب من عرض تصوراته بهذا الخصوص، وشدد على التزاماته للدفاع عن الأمن والاستقرار، انطلاقا مما يفرضه عليه موقعه الجغرافي والاستراتيجي والسياسي .
زد على هذا، ما مثله لقاء جلالة الملك بالرئيس الفلسطيني، من حيث التأكيد مجددا على المواقف المغربية الثابتة تجاه قضية السلام والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومن ثم فإن كل هذه المحطات استطاعت أن تعيد تقديم المملكة كفاعل يمكن الاعتماد عليه إقليميا ودوليا.
من جهة أخرى، لقد أعاد الخطاب الملكي أمام القمة إلى أذهان الكل، أن الأمر يتعلق ببلد يخوض بثبات وبعزيمة مسلسل تنميته وتحديثه ودمقرطته، وذلك من خلال عرض برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومنجزات المغرب في مجالات: التعليم، الصحة، المساواة  وحقوق الإنسان وغيرها.
لقد مكن جلالة الملك إذن الديبلوماسية المغربية من نفس جديد. واليوم، لا بد من استثمار هذا النجاح الديبلوماسي الملكي، لتحويله إلى مكاسب ونقاط قوة دائمة، ومنطلقات لسياسة خارجية مغربية أكثر احترافية، وأكثر دينامية وتفاعلا مع ما يجري في عالم اليوم.

Top