النساء القلقات والمحبطات أكثر عرضة من الرجال للإصابة بأمراض مزمنة

أظهرت دراسة جديدة أن النساء (مختلف الفئات العمرية) والشبان، الذين يعانون من اضطرابات مزاجية معينة، أكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض المزمنة.

وحلل باحثون وضعوا دراسة استعادية نشرت في مجلة (JAMA Network Open) بيانات صحية مأخوذة من نظام ربط السجلات الطبية في مشروع علم الأوبئة في روتشستر، تعود لـ40360 بالغ من مقاطعة أولمستيد في ولاية مينيسوتا الأمريكية. وتضم قاعدة البيانات هذه معلومات طبية يتم جمعها بشكل متواصل من الأشخاص الذين يعيشون في المقاطعة.

وقسم فريق البحث البالغين إلى ثلاث فئات عمرية بحسب الجنس: 20، و40، و60 عاما. وصنف كل مشارك وفق احتفائه بعيد ميلاده بين عامي 2005 و2014. وتضمنت الدراسة أيضًا متابعة في 31 ديسمبر 2017.

إلى ذلك، تم توزيع المشاركين على أربع مجموعات: من يعانون من القلق، أو من الكآبة، أو من القلق والاكتئاب، أو من لا يعانون من القلق والاكتئاب.

وتبين أن النساء في الفئات العمرية الثلاث، والرجال في فئة العشرينيات الذين يعانون من الاكتئاب، أو القلق والاكتئاب، أكثر عرضة بشكل ملحوظ للإصابة بمرض مزمن، مقارنة مع المشاركين غير المصابين بالقلق أو الاكتئاب.

وشملت بعض الحالات المزمنة الـ15 التي لوحظت في الدراسة، ارتفاعا بضغط الدم، والإصابة بالربو، وبمرض الانسداد الرئوي المزمن، وبمعظم أنواع السرطان.

وقالت جاسمن ويرتز، المحاضرة بعلم النفس في كلية الفلسفة وعلم النفس وعلوم اللغة بجامعة إدنبرة في المملكة المتحدة، وغير المشاركة في الدراسة، “إنّنا نميل للاعتقاد بأن الشباب حيويون ورياضيون، ويتمتعون بصحة جيدة، وأن الحالات الطبية المزمنة تؤثر فقط على كبار السن. للأسف، هذا الواقع قد يختلف لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية”.

من مجمل النساء المشاركات في الدراسة، من هن في فئة العشرينيات من العمر كن أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة إذا عانين من القلق والاكتئاب، بزيادة مخاطر إصابة نسبتها 61٪، مقارنة مع المشاركين غير المصابين بأي اضطراب عقلي. ويتضاءل هذا الاحتمال لدى النساء ضمن فئة الستينيات من العمر، إذا عانين من القلق وحده، ويرتفع بنسبة 5٪ مقارنة مع المشاركين الذين لا يعانون من القلق أو الاكتئاب.

وأظهرت الدراسة أيضا أن الرجال المشاركون في الدراسة، الذين يعانون من القلق والاكتئاب ضمن الفئة العمرية 20 سنة، أكثر عرضة للإصابة بمرض مزمن، مع زيادة المخاطر بنسبة 72٪ تقريبا مقارنة مع المجموعة الصحيحة، أما الرجال الذين يعانون من القلق ضمن الفئة العمرية 60 عاما فهم أقل عرضة، وسجلوا انخفاضا لجهة المخاطر بنسبة 8٪.

التفسيرات الممكنة

وأوضح مؤلف الدراسة الدكتور ويليام بوبو، بروفسور الطب النفسي، ورئيس واستشاري بقسم الطب النفسي وعلم النفس لدى مايو كلينك في جاكسونفيل، فلوريدا، أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد سبب تأثر النساء أكثر من الرجال، لكن ثمة فرضيات محتملة.

وأشار إلى أن “هناك اختلافات بين الجنسين في تواتر تشخيص القلق، واضطرابات الاكتئاب، وقد يكون لذلك دور”.

كما يرجح أن تشخيص النساء بأنهن يعانين من اضطراب القلق بشكل عام أكثر من الرجال، وأن احتمال تشخيصهن بالاكتئاب أكبر بمرتين، وفقا لمايو كلينك.

وأضاف بوبو أن العوامل الهرمونية والبيولوجية والنفسية قد تساهم بذلك أيضا.

وأشارت ويرتز إلى أن المشاركين الذين يعانون من القلق والاكتئاب تأثروا أيضا بأمراض مزمنة متعددة، وليس حالة واحدة أو اثنتين فقط.

الأثر قد يطال مزيدا من الناس

وقال كايل بوورسا، الزميل في مركز أبحاث طب الشيخوخة والتعليم والمركز السريري المتقدم في دورهام فيرجينيا شمال كارولينا، وغير المشارك بالدراسة، إن الدراسة لم تشمل الأمراض المزمنة التي أصيب بها الأشخاص بالفعل في بداية الدراسة، عوض ذلك حلّلت البيانات التي تمّ جمعها في كل مرحلة.

وأوضح أن شخصا ضمن الفئة السيتينيات من العمر قد يكون مصابًا بالقلق و/ أو الاكتئاب معظم حياته، وقد يعاني حقيقة من أمراض مزمنة بحلول سن الستين جراء ذلك.

وقال بوورسا إن “كان هذا قرارا جيدا بالتحفظ على التقديرات الواردة في الدراسة، لكنه قد يؤدي أيضا إلى التقليل من الأثر بين كبار السن الذين شاركوا فيها”.

أكثر من 86٪ من المشاركين هم من البيض، وهو عامل مقيد آخر، بحسب ويرتز، مشيرة إلى أن هناك تباينات عرقية وإثنية كبيرة لجهة الصحة العقلية والبدنية لأن الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه الأقليات لا يمكنهم الحصول غالبا على رعاية صحية جيدة.

وتابعت أن هذا يعني أن الأشخاص الذين ينتمون إلى أقليات عرقية وإثنية قد يكون لديهم رابط بين القلق والاكتئاب أكبر، الأمر الذي يمكن أن يترجم زيادة في خطر الإصابة بأمراض مزمنة أكثر مما ورد في البيانات.

كيف تقلل من المخاطر

وقال بوورسا إن هناك علاجات سلوكية ودوائية للقلق والاكتئاب ثبت أنها تحسن من صحة المريض.

وأضاف أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تشير إلى أن تلك العلاجات يمكن أن تحسن الصحة البدنية أيضا، خصوصا عندما يكون الأشخاص أصغر سنا.

وبحسب بوورسا، فإن تضمين روتينك اليومي نشاطا بدنيا ووقتا للتأمل اليقظ، والنوم، يقلل من القلق والاكتئاب.

ولفت إلى أن تجنب التدخين، والإفراط بشرب الكحوليات بالإضافة إلى هذه الأنشطة، يمكن أن يساعد بتقليل مخاطر الإصابة بحالة مزمنة.

Related posts

Top