احتفلت الشغيلة المغربية، أول أمس الاثنين، بفاتح ماي الذي يأتي هذه السنة في ظل ظرفية اقتصادية صعبة تجسدت في الارتفاع القياسي وغير المسبوق لأسعار المواد الاستهلاكية، وما نتج عنه من إنهاك تام للقدرة الشرائية، في ظل انحصار الأجور وتعنت حكومة ظلت تكتفي بالوعود دون أن تفي بها.
هذا الواقع كان مهيمنا أول أمس على شعارات النقابات والتي جلعت من فاتح ماي مناسبة للمطالبة بالرفع الرفع من أجور الطبقة العاملة وجعل هذا المطلب اساسيا ومحوريا، بل واستعجاليا.
فقد حث الاتحاد المغربي للشغل على ضرورة وقف “مسلسل التهاب الأسعار والهجوم على القدرة الشرائية للطبقة العاملة”، فيما اختارت الكونفدرالیة الدیمقراطیة للشغل، هذه السنة، شعار”لا لتدمیر القدرة الشرائیة، والمس بمكتسبات التقاعد، والإخلال بالاتفاقات الاجتماعیة”.
وجدد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التزامه من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، وتعزيز مكتسباتها من خلال المساهمة الجادة والبناءة في الحوار الاجتماعي، فيما رفعت الفيدرالية الديمقراطية للشغل شعار “تحسين الأوضاع المادية للأجراء رافعة أساسية للدولة الاجتماعية”.
الحكومة بمقدورها تحسين القدرة الشرائية
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للاتحاد، الميلودي موخاريق، إن فاتح ماي لهذه السنة “يأتي في ظروف جد استثنائية، تتسم بغلاء المعيشة وضرب القدرة الشرائية لعموم الأجراء ومختلف الفئات الشعبية وحتى الفئات المتوسطة”، مضيفا أنه “من غير المعقول أن تظل الحكومة مكتوفة الأيدي أمام هذه الظروف، كما لا يمكن أن تتحجج دائما بالظرفية الدولية”.
وأكد الميلودي موخاريق أن “بيدها العديد من الآليات الكفيلة بدعم القدرة الشرائية، منها خفض الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بمختلف المواد الاستهلاكية والخدمات، ولو بشكل جزئي ومرحلي”.
ويقول الميلودي موخاريق، في هذا الصدد، إن الاتحاد المغربي للشغل طالب الحكومة بمراجعة الأشطر وخفض الضريبة على الدخل، التي تصل إلى 38 في المائة، و”يؤديها الأجراء بطريقة منتظمة وبدون تهرب”، معتبرا أنه “من غير المعقول أن تتحمل الشغيلة وحدها كل هذا العبء الضريبي، لاسيما وأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن 74 في المائة من مجموع الضريبة على الدخل تتأتى من الضريبة على الأجور”.
وشدد في السياق ذاته، على أن الوقت قد حان لتقرر الحكومة زيادة عامة في الأجور قيمتها لا تقل عن 1000 درهم صافية، والزيادة العامة في معاشات التقاعد، “التي تعتبر جد هزيلة”، مشددا على أن “سن ضريبة على الثروة أصبح أمرا ملحا، لتكريس التضامن الاجتماعي”.
ومن جهة أخرى، يشكل إصلاح نظام التقاعد إحدى المواضيع التي تتصدر مطالب الطبقة الشغيلة بمناسبة عيد الشغل. ففي الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة حرصها على ضمان ديمومة صناديق التقاعد بإصلاحات هيكلية وجوهرية تراعي مصلحة الجميع، تعارض النقابات الرفع من سن التقاعد، والزيادة في الاقتطاعات أو التخفيض من المعاشات.
وبالإضافة إلى الرفع من الأجور وإصلاح التقاعد تجدد النقابات بمناسبة فاتح ماي التأكيد على ضرورة حماية الحريات النقابية داخل المقاولة، وإخراج النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بذلك وعلى رأسها قانون الإضراب وقانون النقابات ومدونة الشغل.
تمتزج في عيد الشغل لهذه السنة إذن مطالب الطبقة العاملة بدعوة الحكومة إلى القيام بإصلاحات اقتصادية تعيد التوازن بين الأجور والأسعار، وبإيجاد حلول عملية وفعالة لمواجهة موجة الغلاء.
الارتقاء بميثاق الحوار الاجتماعي إلى قانون ملزم
من جهتها، طالبت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى الارتقاء بميثاق الحوار الاجتماعي إلى قانون ملزم لكل الأطراف على كافة المستويات.
ودعا خالد العلمي الهوير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمة ألقاها خلال لقاء تواصلي نظمته الكونفدرالية، بمناسبة الاحتفال بالعيد الأممي للعمال، إلى إجراء حوار وطني شامل لإعادة الثقة للعملية السياسية وللمؤسسات التمثيلية، وإشراك حقيقي لكافة المتدخلين في ظل حماية الحريات النقابية وتوفير الشروط الضرورية للمساهمة الجماعية في البحث عن الحلول والبدائل للمشاكل القائمة.
وأبرز العلمي، خلال هذا اللقاء المنظم تحت شعار “لا لتدمير القدرة الشرائية، والمس بمكتسبات التقاعد، والإخلال بالاتفاقات الاجتماعية”، أن الطبقة العاملة مستعدة دوما للمساهمة في كل المبادرات البناءة والهادفة إلى جعل بلادنا تواجه التحديات، انطلاقا من مرتكزات حقيقية لبناء الدولة الاجتماعية، وإشراك حقيقي للحركة النقابية في القرارات والسياسات العمومية.
من جهة أخرى، شدد العلمي على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية وملموسة وآنية لحماية القدرة الشرائية للمغاربة عبر تسقيف الأسعار وهوامش الربح وتخفيض الضرائب على المحروقات والتصدي لكل أشكال الاحتكار والمضاربات، بالإضافة إلى الإعفاء الكلي من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية.
كما أكد على ضرورة احترام اتفاق 30 يناير 2022، خاصة الالتزامات المرتبطة بآليات تحسين الدخل، وضمنها الزيادة العامة في الأجور، ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل وإحداث درجة جديدة للترقي، ومراجعة القوانين الانتخابية المهنية.
وبخصوص القضية الوطنية، أبرز العلمي الهوير، أن قضية الوحدة الترابية للمملكة تعد من أولويات الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مؤكدا أنه “لن نسمح في شبر واحد من ترابنا الوطني”. وبالمناسبة ذاتها، جدد تضامن الكونفدرالية مع الشعب الفلسطيني ومساندتها لحقه المشروع في إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
المساهمة الجادة والبناءة في الحوار الاجتماعي
من جهته، جدد الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التزامه من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة، وتعزيز مكتسباتها من خلال المساهمة الجادة والبناءة في الحوار الاجتماعي.
وأشاد الاتحاد، خلال لقاء نظم بمناسبة الاحتفال بعيد العمال، بمشاركة الأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النعم ميارة، والأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، بمأسسة الحوار الاجتماعي، والإنجازات التي تحققت في ما يخص تحسين دخل الطبقة العاملة في كل من القطاعين الخاص والعام، داعيا الحكومة إلى تعزيز حقوق الطبقة العاملة والحفاظ على قدرتها الشرائية.
وفي هذا الصدد، أشار الأمين العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إلى أن عيد الشغل هو يوم مهم في تاريخ الحركة النقابية في المغرب، مبرزا أن الاتحاد يواصل التزامه في مسار تعزيز أوضاع الطبقة الشغيلة.
كما أشاد ميارة بهذه المناسبة، بمأسسة الحوار الاجتماعي الذي يشكل انتصارا للطبقة العاملة، مؤكدا على المساهمة البناءة والجادة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب في جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة.
من جهة أخرى، جدد ميارة التأكيد على التعبئة الشاملة والكاملة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والمضي قدما في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وفي تصريح لقناة M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد ميارة أن الاحتفال بعيد الشغل هو فرصة لتقييم الاتفاقات الموقعة مع الحكومة، وتجديد مجموعة من المطالب المتعلقة بالجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي مع الحكومة.
وأعرب عن امتنان الاتحاد العام للشغالين بالمغرب اتجاه الطبقة الشغيلة المغربية لثقتها وتفانيها، داعيا الحكومة إلى تعزيز حقوق هذه الفئة من خلال دعم الحريات النقابية وتحسين الأجور خاصة في ظل السياق العالمي الصعب.
وأكد ميارة، أن روح التفاؤل التي لطالما سادت الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والحوار الجاد والبناء مع الحكومة سيمكنان بدون أدنى شك من تحقيق منجزات مهمة لفائدة الطبقة الشغيلة المغربية ومزيد من التنمية السوسيو اقتصادية للبلاد.
من جانبه، أكد الأمين العام لحزب الاستقلال، أن حزبه دأب على النضال من أجل حرية التعبير والحرية النقابية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للملكة.
وسلط بركة الضوء على أهمية الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وحماية حقوق الطبقة العاملة، مذكرا بالإنجازات التي حققتها الحكومة لفائدة الطبقة الشغيلة.
وفي تصريح لقناة M24 الإخبارية، أشار إلى أن عيد الشغل هو فرصة لتجديد التأكيد على دعم حزب الاستقلال الدائم للطبقة الشغيلة وتحسين ظروف عملها، وكذا تقديم عمل الحكومة لفائدة هذه الطبقة. وأكد أن الحزب يواصل عمله من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتمهيد الطريق لخلق المزيد من الفرص أمام الشباب والنساء حتى يتمكنوا من الاندماج في سوق الشغل.
وأشاد بركة بورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقته بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا أنه من بين تجليات هذه المبادرة يوجد الدعم المباشر للفئات المعوزة والذي سيشرع تنفيذه مع متم السنة الجارية.
وتميز التجمع الخطابي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي أقيم بالقاعة المغطاة للمركب الرياضي محمد الخامس، بمشاركة عدد من أطر هذه الهيئة النقابية وحزب الاستقلال.
تسقيف الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة
وطالب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الحكومة بضرورة العمل على تسقيف الأسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة، في ظل الظرفية الراهنة المتسمة بغلاء المعيشة.
وفي كلمة بمناسبة مهرجان خطابي نظم للاحتفاء باليوم العالمي للعمال، دعا الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد الزويتن، الحكومة، إلى التعجيل بسن إجراءات فورية لتسقيف الأسعار، وإحداث توازن بين الاستيراد والتصدير مع التحكم في التضخم والحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة.
كما شدد الزويتن على ضرورة مراجعة الضريبة على الدخل والزيادة الفورية في الرواتب والأجور والمعاشات ومراجعة أرباح شركات المحروقات، بالإضافة إلى إقرار دعم مباشر للأسر لمواجهة موجة الغلاء التي تشهدها أسعار المنتجات المعيشية.
ولتطويق الأزمة الاجتماعية دعا إلى ضرورة فتح حوار حقيقي متعدد الأطراف، والعمل على توفير شروط إقامة سلم اجتماعي قوامه الاستجابة للمطالب الموضوعية والعادلة للشغيلة، وتعزيز آلية الحوار والمفاوضة مع مختلف النقابات الممثلة في مجلس المستشارين.
من جانب آخر ثمن الاتحاد ما أنجزته الدبلوماسية المغربية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل صون السيادة الوطنية على كافة التراب الوطني، كما جدد موقفه الداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
يشار إلى أن هذا المهرجان الخطابي، الذي عرف مشاركة على الخصوص، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، استهل بمسيرة عمالية انطلقت من قنطرة أولاد زيان على امتداد شارع أبي شعيب الدكالي والى غاية شارع عبد الله الصنهاجي بمشاركة مختلف القطاعات المنضوية تحت لواء هذه الهيئة النقابية.