النقود عبر التاريخ.. من الجلود والحيوانات إلى عملة بيتكوين -الحلقة 8-

لم يكن التبادل التجاري بين الشعوب والجماعات والأفراد يتم عن طريق العملات التي تتداول حاليا. بل مر زمان لم تكن فيه أية وسيلة للدفع مقابل اقتناء سلعة ما. وقد مر النشاط الاقتصادي للإنسان بعدة مراحل كان أولها مرحلة الاكتفاء الذاتي، حيث كانت الأسرة أو القبيلة تنتج ما تستهلكه، ولم تكن هناك، بالتالي، حاجة إلى تبادل السلع أو الخدمات مع أي مجتمع آخر، نظرًا لبساطة المعيشة وقلة الحاجات.
وبمرور السنين عرف الإنسان ميزة التخصص وتقسيم العمل، وبدأت آثارها تظهر في تحسين نوعية الإنتاج وزيادة كميته، فظهرت الحاجة إلى عملية تبادل المنتجات أو ما يسمى بعملية المقايضة. لكن مع تطور المجتمعات اختار الناس بديلا للمقايضة أو يسمى نظام النقود السلعية، حيث اختار الناس بعض السلع لتستعمل كأداة دفع، إذ اختيرت لذلك السلع الأكتر استعمالا كالجلود وبعض الحيوانات وغيرها. واستمر التطور وتعدد النشاط الاقتصادي وتخصص المجتمعات في فروع معينة إلى أن ظهرت الحاجة على النقود المعدنية حيث توجه الناس الى استخدام الذهب والفضة كوسيلة للتبادل في المبادلات لقيمتهما في صنع الحلي والأواني، ولكون الذهب والفضة نادرين وغير موجودين مثل المعادن الأخرى. ثم تواصل التطور إلى ظهور العملة الورقية ثم العملة الخطية إلى النقود الافتراضية المتمثلة في عملة البيتكوين.

الأسواق المالية.. البيع والشراء بدون نقود ولا عملات

يرتبط مفهوم السوق بأنه مكان لتلبية حاجة معينة مقابل التخلي عن مبلغ معين من النقود.
والأسواق المالية تعمل كغيرها من الأسواق على تلبية حاجة المستثمرين فيها من خلال العمل على انتقال الأموال من وحدات الفائض (من يملكون المال ) إلى وحدات العجز( من يريدون التمويل) مقابل أوراق مالية معينة. ويشترك في هذا السوق مجموعة من الأفراد والمؤسسات ضمن إجراءات خاصة تنظم عملهم .
وقد أدى تدخل الأبناك في الوساطة بين كل التعاملات المالية والتجارية لفتح انطلاقة جديدة نحو سوق مالية جديدة سميت بسوق الاوراق المالية أو”البورصة”.
إنها أسواق حقيقية، لكن ما يميزها عن الأسواق المعروفة هوأنها لاتعرض السلع والبضائع، بل تعرض أصول وأوراق مالية غالبا ما تكون عبارة عن أسهم أو سندات .
وهناك نوعان : السوق الأولي، وهو السوق الذي يتم فيه إصدار الأوراق المالية لأول مرة من قبل المؤسسات من أجل تمويل مشروعاتها ولدفع عملية التنمية الاقتصادية.
والسوق الثانوي، وهو السوق الذي يتم فيه تدول أوراق مالية أصدرت في السوق الأولي ومستوفية لشروط معينة , ويتم تداولها من خلال وسطاء معتمدين وبحسب الأنظمة والتعليمات المعمول بها.
وللسوق المالية ضوابط وقوانين تحكم التعامل فيها، وهي لا تخلو من مخاطر واحتمالات التعرض لخسائر كارثية في حال شراء أو بيع الاوراق المالية دون دراية وتقدير لبيانات السوق. وفي الكتير من الأحيان يؤول سوق البورصة أو الاوراق المالية إلى عمليات مضاربة شديدة تنهار فيها مؤسسات وشركات كبرى، كما حدث في بورصة وولستريت بنيويورك أو ما سمي “بالخميس الاسود”.
والسوق المالي الدولية تعني وجود العديد من المؤسسات المالية و وكالات الوساطة المالية التي توفر الخدمات المالية بين المقرضين و المقترضين.
فغالبا ما تحتاج الشركات إلى رأس مال دائم طويل الأجل لتمويل كل نشاطاتها المختلفة, أو أن تقوم بمشاريع توسيع لنشاطاتها. كما تحتاج المؤسسات الحكومية كالبنك المركزي و البنوك المحلية إلى كميات كبيرة من الأموال لتساعدها على تجهيز و توفير و توسيع خدماتها. فتعمد إلى الحصول على الأموال من الشركات العامة التي تقدم قروض رأس المال, و رأس مال المشارك, فيما تقدم الدولة الأسهم المساهمة في رأس المال. وتوفر البورصة في السوق المالية سوقا لبيع و شراء القروض و الأسهم الموجودة أو القائمة فعليا لشركات مختلفة. وتمة نوعان من الأسواق المالية حسب الاستحقاق. فهناك السوق النقدية، وهي السوق التي يتم فيها تداول الأدوات المالية قصيرة الأجل, وعادةً تكون تواريخ استحقاقها أقل من عام و يكون الهدف منها توفير السيولة. وهناك سوق رأس المال ،وهي السوق التي يتم فيها تداول الأدوات المالية طويلة الأجل و التي يتجاوز تاريخ استحقاقها العام وقد يصل إلى الثلاثين عاما.
وإضافة لهذه البورصة فإن هناك السوق الدولية لرأس المال و تشتمل على سوق السندات الأوروبية, و سوق العملات الأوروبية, و سوق الدولارات الأوروبية, و هناك شركات و مؤسسات التمويل, و هي شركات تؤسس لمواجهة المتطلبات المالية للعديد من نشاطات الأعمال التي تحتاج إلى مصادر رئيسية للأموال الطويلة الأجل, بينما البنوك تتعامل مع التمويل قصير الأجل أحيانا.
وهناك العديد من المصادر الدولية المتوفرة لتقديم رأس المال في السوق الدولية لرأس المال، و أهمها الشركات الدولية العملاقة، و مؤسسات التمويل الدولية الأخرى التي تحظى بحصة جيدة من خلال تواجدها في السوق المالية الدولية.

الاستثمار والمضاربة :
تختلف المضاربة عن الاستثمار في أن المضارب يقوم بالبيع والشراء خلال مدة قصيرة معتمداً على خبرة متراكمة عن السوق وقدرة أكبر على تحليل المخاطر. وتكون المخاطرة كبيرة جداً في المضاربة إذ أن المضارب يسعى إلى الربح السريع من خلال فوارق الأسعار . وعادة ما تتم صفقات المضاربة خلال يوم عمل واحد. ويرافق هذا النوع من التداولات مخاطر عالية.
أما قرار الاستثمار في الأوراق المالية فيتم اتخاذه بالنظر إلى قوة الشركة وحسن أدائها وتطور سعرها خلال فترة معقولة . وينظر إلى الأداء المستقبلي للشركة من أجل الوصول إلى القيمة المتوقعة للسهم في المستقبل.
فالاستثمار يختلف عن المضاربة في كون هدف المستثمر هو تحقيق عوائد سنوية على استثماراته مستفيداً من ارتفاع القيمة طيلة فترة الاستثمار، في حين أن المضارب يأمل جني الأرباح في فترة زمنية قصيرة من خلال فوارق سعر البيع والشراء .

> عبد الحق ديلالي

Related posts

Top