النموذج التنموي الجديد فرص لإدماج الجميع وتوطيد الرابط الاجتماعي

يهدف المحور الإستراتيجي الثالث، المتمثل في الإدماج، إلى مساهمة كل المواطنات والمواطنين في الدينامية الوطنية للتنمية، الأمر الذي يستوجب إدماج كافة المواطنين وكل المجالات الترابية في المجهود التنموي الجماعي من خلال المشاركة والولوج المتكافئ إلى الفرص الاقتصادية، ومن خلال الحماية الاجتماعية، ومن خلال الانفتاح على الغير وتقبل التنوع الذي يميز المجتمع المغربي. لذا، يجب محو كل المعايير االجتماعية التمييزية وتجاوز النقائص المرتبطة بالمؤهلات والقدرات، والتي تتسبب في الإقصاء الاجتماعي، لفسح المجال لدينامية الإدماج بواسطة النمو االقتصادي والعمل وتعبئة المواطنين وتقوية الرابط الاجتماعي.
ويرتكز هذا المحور على أربع مرتكزات، أولها “تمكين النساء من الاستقلالية وضمان المساواة بين الجنسين والمشاركة”، من خلال دعم آليات التربية والتكوين والإدماج والمواكبة والتمويل المخصصة للنساء، ورفع الإكراهات الاجتماعية التي تحد من مشاركة النساء، والنهوض بقيم المساواة والمناصفة وتنميتها وعدم التسامح نهائيا مع أشكال العنف ضد النساء، ثم دعم حقوق النساء بارتباط مع مبادئ الدستور وقراءة للمبادئ الدينية تتلاءم مع السياق.
ويهم المرتكز الثاني ضمن هذا المحور على “تشجيع إدماج وازدهار الشباب بالزيادة في فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم”، من خلال تقوية الإدماج المهني للشباب، ووضع برنامج وطني مندمج للشباب تدبره هيئات مهنية في إطار عقود ترتكز على حسن الأداء، وإرساء خدمة مدنية مواطنة وطنية لتقوية المشاركة المواطنة والحس المدني للشباب وتعزيز مهاراتهم وإمكانية تشغيلهم.
أما المرتكز الثالث فيهم “النهوض بالتنوع الثقافي كرافعة للانفتاح، للحوار وللتماسك”، من خلال دمج قوي للثقافة في بيئة المنظومة التربوية، والنهوض بالإعلام كمرفق عمومي ويساهم في إغناء الحوار والتحسيس والإشعاع الدولي للمغرب، تشجيع تطوير مبادرات ثقافية مبدعة، ودعم وتنشيط إنتاج ثقافي وإعلامي مبتكر يتسم بالجودة ويساهم في إغناء الحوار والتحسيس والإشعاع الدولي للمغرب، وإنشاء وتنشيط الفضاءات الثقافية، ثم ضمان المحافظة على الموروث الوطني والذاكرة الجماعية وتثمينهما وتعزيز إشعاع التاريخ والثقافة المغربية على المستوى الدولي.
أما المرتكز الرابع ضمن هذا المحور، فهو “ضمان قاعدة أساسية من الحماية الاجتماعية تعزز الإدماج والقدرة على التحمل وتجسد التضامن بين المواطنين”، من خلال تسريع المجهودات لإدماج العمل غير المنظم والتصريح بالأجر ومحاربة الغش الاجتماعي، وإرساء قاعدة للحماية الاجتماعية الأساسية تضم التغطية الصحية المعممة، والتعويضات العائلية المعممة دخلا أدنى للكرامة، تحديث حكامة نظام الحماية الاجتماعية وضمان فعالية تدخلاته، ضمان تمويل مستدام للحماية الاجتماعية سواء بالنسبة لقطب التأمين أو لقطب التضامن.

النموذج التنوي الجديد: مجالات ترابية قادرة على التكيف وكفضاءات لترسيخ أسس التنمية

ويتعلق المحور الاستراتيجي الرابع بالمجالات الترابية وتعزيز مكانتها في صلب العملية التنموية. ويستدعي هذا التوجه الانتقال بالمجالات الترابية من مجرد وعاء نهائي لتفعيل سياسات عمومية، مقررة على المستوى المركزي، إلى فاعل رئيسي في إعداد السياسات العمومية وإرسائها وإنجازها. ومن شأن ذلك أن يمثل رافعة أساسية تضمن الولوج العادل إلى الخدمات العمومية وإطارا سليما وجيدا للعيش، مع الحفاظ على الموارد واحترام كل روافد الهوية الوطنية وضمان كرامة كل المغاربة داخل كل الأوساط، أخذا بعين الاعتبار الانتظارات والإمكانات على حد سواء.
وتمحور هذا المحور الأخير حول خمس مرتكزات، أولها “العمل على انبثاق “مغرب الجهات” مزدهر وحيوي”، من خلال تسريع عملية الجهوية المتقدمة موازاة مع لاتمركز فعلي، وتعزيز الموارد المالية والبشرية للجماعات الترابية، وإرساء منظومات مندمجة للدفع بعجلة الاقتصاد على مستوى الجهات، وتعزيز الديمقراطية التشاركية على مستوى المجالات الترابية.
أما المرتكز الثاني، فيهم “ضمان إعادة تنظيم متجدد للمستويات الترابية وتشجيع ترابطها”، من خلال الاعتراف بمكانة “الدوار” كوحدة ترابية أساسية، وإعادة التفكير في توسيع الخدمات العمومية بالعالم القروي عبر استثمار “الدائرة” كبنية للتنسيق، وملاءمة أدوات التهيئة لخصوصيات المجالات القروية، ودعم أكبر للفلاحة التضامنية والعائلية من أجل صمود العالم القروي.
وصب المركز الثالث ضمن هذا المحور، على “تيسير تهيئة مندمجة للمجالات الترابية وتحسين السكن وإطار العيش وتعزيز الربط بالشبكات والتنقل”، من خلال اعتماد “إطار مرجعي وطني للتنمية الحضرية” ينبني على تصور جديد للتخطيط يركز على جودة إطار العيش والتمازج الاجتماعي، وتكريس دور مرفق النقل العمومي كخدمة عمومية أساسية وكنمط مفضل للتنقل، ثم تحسين الولوج إلى السكن وتبني سياسة للسكن تعزز التنوع الاجتماعي، وتسهم في التنقل والاندماج الاجتماعي والاقتصادي وتوفر إطارا أفضل للعيش، وتضمن الاستخدام الفعال للموارد العمومية، وأيضا تسريع الإدماج الرقمي للمجالات الترابية.
وضمن مرتكزات هذا المحور هناك “الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقوية قدرات الصمود لدى المجالات الترابية أمام التغيرات المناخية”، من خلال دعم حكامة الموارد الطبيعية، والحرص على التفعيل العملي للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، تعزيز المجهودات الرامية إلى تنمية الفلاحة بإدماج كامل للإكراهات المرتبطة باستدامتها، حسن استغلال إمكانيات الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق الذين يتولد عنهما تحقيق قيمة مضافة في جميع المجالات الترابية.
أما المرتكز الخامس والأخير ضمن هذا المحور الأخير فقد هم “الحفاظ على الموارد المائية النادرة لصالحنا ولصالح أبنائنا والأجيال المقبلة”، من خلال إعادة تنظيم القطاع وتعزيز الشفافية حول تكاليف الموارد المائية في كل مرحلة من مراحل تعبئتها، ووضع تعريفة تعكس القيمة الحقيقية للمورد المائي وتدفع إلى ترشيد استعماله، وإنشاء وكالة وطنية لتدبير الماء، ثم تعبئة الإمكانات التي تتيحها الموارد المائية غير التقليدية والعمل بشكل حثيث لأجل الحفاظ على الموارد الجوفية.

الدكتور عمر الكتاني: من الضروري إنشاء قطاع ثالث ذي طبيعة اجتماعية

قال الدكتور عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن في التقرير يوجد خطابين متميزين “خطاب كلاسيكي حول الحاجة إلى الإصلاح الإداري وتشجيع المبادرة الخاصة وخفض تكلفة الطاقة والخدمات اللوجستية. وكذلك ضرورة توجيه الاستثمارات الخاصة والعامة نحو قطاعات جديدة. مع المقترحات التي قيلت مرات عديدة: تنمية السيادة الغذائية للقطاع الزراعي والموارد البشرية، والغريب تنمية الموارد البشرية ليس في قطاع الريفي بل في قطاع السياحة؟ وخطاب خجول ومقتضب وأحيانا غامض بخصوص ثلاثة محاور مهمة: استقلال العدالة، محاربة الريع، المعالم والتعريف إنشاء قطاع ثالث غير محدد”.
واعتبر الدكتور الكتاني، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنه “كان من الممكن اعتبار هذه المحاور الثلاثة حقا رافعات نموذج تنموي جديد بدلا من الاستشهاد بإصلاح الإدارة والرقمنة، معتبرا أن النتيجة هي مجموعة من المقترحات المفككة غير مرتبطة حقا بتشخيص واضح للنموذج السابق وغير مرتبطة بمعيار مركزي تشخيصي”.
وتابع الدكتور الكتاني أن “النموذج الحالي وصل إلى حدوده لأنه يركز على التنمية الحضرية وليس التنمية الريفية ولأن معظم الاستثمارات العامة في المناطق الريفية تركز على القطاع الزراعي. وتغفل القطاعات الأخري في البادية لأنها تمر عبر التكوين..”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن النموذج الحالي يستثمر بشكل رئيسي في المشاريع الكبيرة ذات رأس المال المرتفع وتتركز هذه الاستثمارات بشكل رئيسي في المدن الكبرى التي تكرس المركزية المالية وتحمي الدولة رأس المال الخاص قانونيا وماليا وبطريقة انتقائية، مشيرا إلى أنه بحسب خبراء البنك الدولي، لم يستفد الشباب المغربي كثيرا من هذه الاستثمارات لأنها تعتمد على رأس مال أكثر من كونها تخلق فرص عمل ولغياب تكوين أغلبية الشباب..
واستطرد الدكتور الكتاني “في هذا النموذج، تعتبر القطاعات الاجتماعية التابعة للقطاع العام (المدارس والمستشفيات والإسكان الاقتصادي) غير خاضعة للضريبة، على عكس القطاع الخاص، وبالتالي يفضل هذا النموذج تسهيل خصخصتها وكذلك الأمر بالنسبة للنموذج الجديد، وبالتالي ربح الدولة مرتين، عن طريق تقليل التكاليف والمصروفات المتكبدة في عملياتها العامة) وعن طريق تحصيل ضريبة الدخل من هذه الشركات الخاصة”.
من جهة أخرى كشف الأستاذ الجامعي، أنه فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي في المغرب، فقد لوحظ أنه في السنة الممطرة يصل إلى 6٪ وفي سنة الجفاف يتأرجح حول 2.5٪، متسائلا “كيف يحدد قطاع زراعي يمثل 13٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي ثلثي إجمالي النمو؟”.
وتابع “الجواب بسيط: لسكان الريف (40٪ من مجموع السكان) نشاط رئيسي واحد فقط يتعلق بالزراعة. إذا كان العام ممطرًا ، فإن الطلب على الاقتصاد يزداد بشكل حاد و يتبعه النمو ، وإذا لم يكن كذلك ، فإن سكان الريف المرتبطين بالسكان الزراعيين لا ينتجون شيئًا آخر بسبب نقص التعليم والتكوين. لذلك نلاحظ هجرة سنوية منتظمة لشباب الريف (بين 60.000 و 100.000) إلى المدن، لكونهم فقراء بلا عمل وبدون تكوين. إنهم هم الذين يملؤون بشكل أساسي السكن غير اللائق والقطاع غير المهيكل في المدن”.
وشدد الكتاني على أن “هذه هي النقطة السوداء الرئيسية في الاقتصاد المغربي، حقيقة وجود قدمين، قدم اقتصادية حضرية فعالة، وقدم اجتماعية ريفية مريضة. ما يتم تحقيقه في الأداء عن طريق القدم الأولى يتقلص بسرعة بسبب عجز القدم الثانية. لذلك من المستحيل تحقيق سرعة نمو منتظم بنسبة 6 أو 7٪ ، لذا فإن الاستثمارات العامة، ولا سيما في المدن، تعالج تبعات الخلل الاجتماعي الموجود في الريف وليس أسبابه”.
البديل الحقيقي والمستعجل
اعتبر الدكتور عمر الكتاني أنه من الضروري إنشاء قطاع ثالث ذي طبيعة اجتماعية له أربع خصائص:
1. أنه يجمع بين أربع خدمات اجتماعية: التعليم والتدريب، والصحة، والإسكان الاقتصادي، والنقل العمومي
2. أن الخصاص الكبير في هذه الخدمات متواجد في سكان الريف من حيث التغطية الاجتماعية في مجالات التدريب والصحة والإسكان والنقل. وبالتالي فاقد الشيئ لا يعطيه. هذا هو السبب في أن المناطق الريفية غير منتجة بتاتا في فترات الجفاف..
3. يمكن خلق هذا القطاع الثالث بشكل رئيسي في المناطق الريفية وبشكل أكثر دقة في القرى الكبيرة لتحويلها إلى مدن أي إلى فضاء يخلق آلاف فرص العمل عن طريق إنشاء في هذه القرى الرئيسية مجمعات للتكوين المهني في مهن البناء و الميكانيك والكهرباء والمهن الصحية وغيرها.
4. يتم تمويله بشكل أساسي من قبل المجتمع المدني وخاصة من خلال تعبئة الصناديق الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الاجتماعية (البنوك الاجتماعية ، تأمين التكافل الوقفي، صندوق الحج، وقف الصكوك، إلخ. وهناك إمكانية تعبئة 22 صندوق اجتماعي بين ما هو موجود حاليا وما هو ممكن إنشاؤه اعتمادا بالأساس على تمويل المجتمع المدني. لذلك كان البديل عن النموذج القديم هو إنشاء هذا القطاع الاجتماعي الثالث.
واعتبر الدكتور عمر الكتاني أن هذه الطريقة في التفكير بطريقة اجتماعية غائبة تماما عن التقرير، وهذا ليس بالغريب لأن ثقافة المشروع التنموي الاجتماعي غائبة لدى أعضاء اللجنة مع كامل الأسف مما يدفعنا إلى اعتبار أن التقرير لا يحمل أي مشروع اجتماعي جديد؛ ولكن بكل بساطة لغة عامة لإعادة إنتاج جوهر النموذج الاقتصادي المتركز رأسماليا واقتصاديا في المدن..

***

قالوا

عبد الغني بوعياد*

طموح تثمين الثروة الوطنية

اقال عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، عبد الغني بوعياد، إن النموذج التنموي الجديد يحمل طموح تثمين الثروة الوطنية بمعدل نمو أعلى وأكثر استدامة.
وأوضح بوعياد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن النموذج التنموي الجديد الذي قدم تقريره العام أمام جلالة الملك، يتطلع إلى مواجهة التحديات الاجتماعية، وخصوصا في مجال التشغيل وتحسين ظروف عيش المواطنين والتقليص من الفوارق الاجتماعية والترابية.
وسجل الأستاذ الجامعي حضورا قويا لمسألة الحكامة في التقرير العام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي معتبرا أن الأمر يتعلق بقضية تكتسي أهمية حاسمة في أفق الاستفادة المثلى من حركية النمو الاقتصادي.
ويرى بوعياد أن النموذج التنموي الجديد يبتغي إعطاء دينامية جديدة لعدة قطاعات اجتماعية منها التعليم والتكوين المهني والصحة، موضحا أن المغاربة يتطلعون إلى شروط معيشية أفضل من خلال خلق المزيد من الثروات وتنشيط عدة قطاعات إنتاجية.
وبخصوص التشغيل، لاحظ أن التقرير يركز على تشجيع الشباب على اتخاذ المبادرات وخلق المشاريع ودعم تمويل حاملي المشاريع.
وخلص إلى أن تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد تظل رهينة تضافر جهود الفاعلين المعنيين وانخراط المواطنين في مشروع وطني يحقق الطموحات المنشودة.

*عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس

موسى محمد عمر*

المغرب مصدر إلهام بالمنطقة

أكد المحلل الموريتاني، موسى محمد عمر، أن المغرب يمثل نموذجا ومصدر إلهام في مجال الاستقرار والتنمية بالنسبة لبلدان المنطقة.
وقال محمد عمر، وهو مدير عام سابق للوكالة الموريتانية للأنباء، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن التقرير حول النموذج التنموي الجديد، الذي تم تقديمه، لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أول أمس الثلاثاء، “يشكل مرجعا جديدا للسياسات في مجال التنمية بالمنطقة”.
وأوضح محمد عمر، المتخصص في قضايا الأمن بمنطقة الساحل، أن التقرير الذي يتمحور حول “تحرير الطاقات واستعادة الثقة للرفع من وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع”، يعكس المسار الرائع للمملكة، والتحولات الهامة التي شهدتها خلال العقدين الأخيرين.
وأعرب عن “قناعته” التامة بوجاهة النموذج التنموي الجديد بالمغرب، الذي يأتي إطلاقه في سياق خاص، يطبعه تفشي جائحة (كوفيد-19) على الصعيد العالمي.
ويتعلق الأمر بأداة لتحفيز الاقتصاد ما بعد الجائحة، ترتكز على روح ثورية، والاستباقية التي ستكشف السنوات المقبلة عن أهميتها القصوى.
وأوضح أن هذا النموذج التنموي الجديد يشكل أيضا ضمانة جديدة لمغرب جديد، يتمتع بالاستقرار والأمن.
وأوضح هذا الخبير أن “المغرب مثال ممتاز للتنمية والحكامة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية”، مذكرا بأن الاستفتاء على دستور 2011 تكلل “بتطور سلس”، بفضل الملكية، الضامنة لاستقرار وازدهار البلاد.
وثمن محمد عمر العمل الذي تقوم به المملكة، وأدى إلى توسيع الطبقة الوسطى، باعتبارها محركا للاستهلاك ولسوق وطنية دينامية.
كما أشاد بريادة وبالرؤية الاستباقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، واللتان مكنتا من إرساء اقتصاد متنوع، “متجه نحو بلدان الجنوب”، وخاصة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، وحتى نحو وسط إفريقيا.
ولاحظ أنه بهذه المناطق توجد شركات مغربية كبرى، متخصصة، بالأساس، في قطاعات التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، والمالية، والتأمين، وكذا العقار.

*محلل الموريتاني

عتيق السعيد*

هدف استراتيجيا لتحقيق الإقلاع التنموي المستدام

أكد المحلل السياسي عتيق السعيد أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حريص على جعل النموذج التنموي الجديد هدفا استراتيجيا لتحقيق الإقلاع التنموي المستدام بالمملكة.
وأوضح السعيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإقلاع التنموي المنشود يتأتى من خلال تعزيز متانة الدولة الاجتماعية كدعامة أساسية ثابتة تروم رفع رهان سقف المبادرات التنموية، وكإطار مؤمن من كل التحولات و المتغيرات الداخلية و الخارجية كيفما كان حجمها.
وبالتالي، يضيف الباحث، يشكل الإطار العام لهذا الورش تصورا مجتمعيا يعكس الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها، بالإضافة إلى ما تنعم به من قيم التضامن والتكافل والتآزر المجتمعي بمفهومه الواسع الذي يعكس صرح المجتمع وبناءه المتين والمنيع ضد الأزمات والجوائح، وهي كلها مكتسبات محفزة على الاستقرار التنموي و النماء البشري المستدام. من جانب آخر، يرى عتيق السعيد، الباحث في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن تجديد النموذج التنموي الذي وضع هندسته جلالة الملك برؤية استباقية و استشرافية ترمي بالأساس إلى تعزيز قدرة المجال التنموي على الابتكار والتجديد المتكامل لمختلف الأبعاد التنموية و الأهداف المستدامة، كحافز وصانع لديمومة التغيير والاصلاح المبني على إعادة نظام اجتماعي متجدد مساير لتطلعات مغرب الغد، يجعل من ورش النموذج التنموي الجديد المرتكز في جوهره على مؤهلات المملكة وعلى منهجية الإنصات والتشاور مع مختلف القوى الحية ببلادنا، “يشكل مرحلة جديدة تساير وتواكب من جهة، التحولات الاقتصادية والمتغيرات الاجتماعية في تفاعلاتها مع حركية المجتمع، و من جهة أخرى تضمن التأقلم السريع مع سيرورة تحديث وعصرنة بنيات ومؤسسات الدولة”.
وشدد على أن هذا الورش المجتمعي/التنموي المتكامل، من شأنه تحرير الطاقات البشرية الإبداعية بشكل أفقي (محليا وجهويا ووطنيا)، وكذا تعزيز القدرات الإنتاجية لمختلف القطاعات، مضيفا أن الأمر يتعلق بتصور تنموي، ذي مصداقية وقابلية للتنفيذ على أرض الواقع في بعده المتجدد، يروم تعبئة كافة مكونات المجتمع بروح المواطنة وحس التضامن والسعي نحو تحديد الأولويات و مجابهة التحديات لصيانة وتأمين الازدهار والرفاه المستدام لكافة مكونات المجتمع. وقال الباحث إن المغرب استطاع، سواء قبل أو اثناء تفشي الجائحة العالمية، وضع تشخيص للوضع الاجتماعي والاقتصادي ورصد مختلف المؤهلات والتحديات التي تواجهه، وبالتالي كان يسيرا عليه، بفضل التوجيهات الرشيدة لجلالة الملك، استيعاب تداعيات وآثار الأزمة الوبائية و انعكاساتها على كافة المستويات الترابية أو المجالات الحيوية.
وأشار إلى أن هذه المعايير والمؤشرات التشخيصية و التقييمية، مكنت المغرب من أن ينطلق اليوم في طريق بلورة ميثاق وطني جديد، عماده نموذج تنموي مغربي خالص متأصل بطابعه المجتمعي المتفرد، يشكل قوة دفع لمشروعه الجماعي القائم على تعزيز روابط الثقة المتبادلة بين كافة مكونات المجتمع، عبر الانصاف و العدالة الاجتماعية، و تشجيع الابتكار والتعددية، تسريعا لوتيرة التقدم و تحقيق الرفاه المجتمعي.
وأكد عتيق السعيد أن المغرب تمكن بفضل حكمة جلالة الملك من أن يكون البلد الرائد في مجال التنمية بالقارة الإفريقية والأكثر تكاملا في مجال الاقتصاد الكلي، كما استطاع أن يحظى بثقة العديد من الدول الكبرى والمنظمات والمؤسسات الدولية.
وأبرز الباحث من جهة أخرى التناسق والتكامل بين الطموح التنموي الجديد والإمكانيات المتاحة، مشيرا إلى أن المكتسبات على مستوى البنى التحتية عنصر أساسي لتحفيز الاستثمار وخلق مناصب الشغل، والتي تكون قادرة على احتضان مشروع تنموي ناجع و مستدام بجميع المقاييس الاجتماعية و الاقتصادية، يدخل تخصصات جديدة، من شأنها تعزيز وتكثيف الاندماج المحلي و الجهوي.

واعتبر الباحث أن نهج مرجعية جديدة للتنمية بالمغرب تفضي إلى إحداث توجه تنظيمي يكرس التفاعل والتكامل في ذات الوقت بين دولة مؤسساتية مستثمرة، ومجتمع حيوي متماسك، “تعد حصنا قويا من الآثار الآنية للأزمات والجوائح أو تداعياتها المستقبلية، و بالتالي سيدفع ورش النموذج التنموي بإطلاق دينامية جديدة لخلق الثروة تمكن من إدماج جميع المواطنين وجميع المجالات الترابية وتعبئة إمكانات الدولة وتغتنم كافة الفرص المتاحة، باعتباره دعامة لمغرب مزدهر قائم على رؤية اجتماعية شاملة بأبعاد متعددة ترتكز في المقام الأول على تنمية العنصر البشري وتحقيق الازدهار المجتمعي”.
وأضاف أن ما يميز هذا الورش الملكي في جوهره التنموي على غرار باقي المشاريع و الأوراش التنموية التي شهدتها المملكة، هو اعتماده مقاربة تشاركية متعددة الأبعاد مكنت من تشخيص و تقييم صريح وشفاف للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية و الثقافية، كما خرج بخلاصات بخصوص التحديات والتغييرات الجديدة التي نتجت عن الجائحة في العديد من المجالات الاستراتيجية.
وخلص الباحث إلى القول: “نحن أمام نموذج تنموي يعد مرآة عاكسة للمجتمع المغربي سواء تعلق الأمر باحتياجاته الآنية أو ارتبط بتطلعاته المستقبلية، مما يستدعي طاقات بشرية مشهود لها بالكفاءة و الوطنية العالية قادرة على ضمان تنزيله بشكل يضمن توفر آليات النجاعة و الفعالية و السرعة في الأداء بغية استشعار شرائح ومكونات المجتمع للتغيير على الواقع المعاش تحقيقا للإقلاع التنموي المندمج والمستدام”.

* محلل السياسي

خالد حاجي*

دعوة إلى تبني توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي

أكد الكاتب والمفكر المغربي خالد حاجي أن النموذج التنموي الجديد، الذي قدمته اللجنة الخاصة للنموذج التنموي أمام جلالة الملك محمد السادس، يتضمن دعوة إلى “تبني توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي”.
وقال حاجي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “نفهم من صياغة التقرير أن الأمر جل ل، وأن المطلوب هو إعادة صياغة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، فاللجنة الساهرة على إعداد التقرير تدعو إلى «تبني توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي»”.
وأوضح المفكر المغربي أن “هذه الدعوة تفيد بأن الواقع الحالي يشهد تنافرا بين دولة قوية ومجتمع ضعيف، ويزكي هذا الفهم ما ورد في التقرير من توضيح بأن المطلوب ليس هو حضور أقل للدولة، بل دولة قوية تملك القدرة على التوجيه والتدبير وحسن الإدارة”، مبرزا أنه متى كانت الدولة بهذه المواصفات صار بمقدورها انتشال المجتمع من وضع الهشاشة وتحقيق الرفاه للجميع، عوض أن تظل الدولة مجرد أداة لتحقيق الرفاه للأقلية.
واعتبر أن أهم ما جاء في تقرير اللجنة هو الدعوة إلى توجه تنظيمي جديد يكرس التكامل بين دولة قوية ومجتمع قوي، لافتا إلى أن الساهرين على إعداد التقرير على وعي بأن تحقيق هذا التكامل يقتضي تعبئة الحس الوطني واستدعاء التاريخ والهوية واستنهاض الوازع الأخلاقي واستحضار الوعي بطبيعة الواقع الكوني.
و”الحاصل أن الوعي بأهمية هذه الأمور مجتمعة وضرورة توفرها شرطا لتحقق نموذج تنموي جديد، هو وعي دقيق بطبيعة التحدي الذي يجابه المجتمع المغربي اليوم”، يوضح المفكر المغربي، مستدركا “أنه ومع دقة التشخيص، هناك ما يدعو إلى الحيطة والحذر من أن يتحول الحديث عن وضع استراتيجية للتنمية إلى ما يشبه أحاديث أصحاب مشاريع النهوض الفكرية الذين ظلوا على امتداد ما يفوق قرن من الزمن يفسرون أسباب السقوط ويعينون سبل النهوض”.
وتابع “إذا كان الساهرون على بلورة نموذج التنمية الجديد يعون مواطن الفصل والوصل بين الرؤية الاستراتيجية التنموية والسياسات العمومية، فإنهم، بالمقابل، ينزعون نحو الدمج بين مشروع النهوض الفكري، الذي هو منوط بالنخب المفكرة، وبين استراتيجية التنمية التي هي منوطة بمن يسهر على تنفيذها ويتحمل مسؤولية نجاحها أو فشلها”، مؤكدا أن “التقرير يضعنا أمام مفترق طرق؛ فإما أن يسلك بنا طريق الجدل الإيديولوجي حول أسباب الفشل وسبل النجاح؛ أو أن يحدد المسؤولية وراء إفشال أو إنجاح استراتيجية النموذج التنموي الجديد”.
ولم يفت السيد حاجي التنويه بهذا التقرير، قائلا إن “من يقرأ النموذج التنموي الجديد، الذي قدمته اللجنة الخاصة للنموذج التنموي أمام جلالة الملك محمد السادس، لا يملك إلا أن ينوه بالجهد الذي ب ذ ل في إنجازه وأن ي ثم ن ما جاء فيه من ملاحظات قيمة متعلقة بالواقع المغربي وما يعتريه من مشاكل وما يختصم داخله من عزائم”.
وأضاف “يكفي الساهرين على إنجازه نزاهة أنهم اختاروا للتقرير حول النموذج عنوانا فرعيا يجلي بوضوح تام الحاجة التي أملت الاشتغال عليه، حيث ورد في هذا العنوان ما يلي: «تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وتيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع»؛ مبرزا “نفهم من هذا أننا أمام وضع متأزم ت كب ل فيه الطاقات وت فتقد فيه الثقة، مما يبطئ وتيرة التقدم ويمنع تحقق الرفاه للجميع”.
وخلص إلى أن الساهرين على إنجاز التقرير سعوا إلى بلورة استراتيجية ت مك ن من تحرير الطاقات واستعادة الثقة، ذلك أن الأمر، بحسبهم، لا يتعلق ببرنامج حكومي ظرفي، بل بالبحث الجاد عن سبل الخروج من وضع هو أشبه بما يسميه العلامة بن خلدون بـ “نقطة وقوف في تاريخ الأمم”.

*كاتب ومفكر

Related posts

Top