“النهضة العلمية على عهد الدولة العلوية”..تأريخ للحياة الثقافية والفكرية على مدى ثلاثة قرون ونصف

صدرت حديثا، عن المطبعة الملكية، الطبعة الثانية لكتاب “النهضة العلمية على عهد الدولة العلوية”، للمؤرخ مولاي عبد الرحمان ابن زيدان، وهو من تحقيق المؤرخ مصطفى الشابي، وتقديم مؤرخ المملكة، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني.
واعتمد المؤلف في إخراج هذا الكتاب الذي يقع في 448 صفحة من القطع المتوسط، أربع نسخ من مخطوطات محفوظة في الخزانة الحسنية بالرباط، والتي تتفاوت وتختلف في ما بينها من حيث حجمها والحالة التي توجد عليها وكذا مضمونها وترتيب الموضوعات والمواد داخلها.
ويؤرخ المؤلف في هذا الإصدار، لجوانب وأوجه من الحياة الثقافية والفكرية وبخاصة في مجال التعليم على امتداد فترة زمنية طويلة دامت حوالي ثلاثة قرون ونصف اعتبارا من عهد مولاي رشيد بن الشريف وانتهاء بسنة 1937 تاريخ انتهاء الكاتب من تحرير مواد مؤلفه.
كما تبنى المؤرخ مولاي عبد الرحمان ابن زيدان، خطة كرونولوجية في معالجة موضوع الكتاب، فخص كل سلطان من سلاطين الدولة العلوية الذين تعاقبوا على الحكم في الفترة المذكورة ولكن بعد إقصاء أحد عشر منهم كالمولى المستضيء (1152-1166هـ/1738-1757مـ) أو المولى اليزيد (1204-1206هـ/1790-1792مـ) بباب في كتابه استعرض فيه اهتمام وعناية ومنجزات العاهل الحاكم في مجال التعليم.
ويتجلى هذا على وجه الخصوص، في تربية وتعليم الأمراء وتتبع سير الدراسة بجامع القرويين بفاس وجامع ابن يوسف بمراكش وغيرهما من مراكز التعليم في المدن الكبرى الأخرى وكذا في الحرص على إقامة علاقات متواصلة مع شيوخ العلم وتعظيمهم والإنعام عليهم بين الفينة والأخرى، بصلات ومنح إلى غير ذلك من اوجه التقدير.
ويقول عبد الحق المريني في تقديم الكتاب، إن ابن زيدان أثار بمؤلفاته انتباه عدد من الباحثين في تاريخ المغرب مغاربة وأجانب في مطلع الستينات من القرن الماضي ، فأفردوه ببحوث ودراسات تعرضوا من خلالها إلى وسطه العائلي والاجتماعي وفترة الدراسة والتكوين في مسقط رأسه مدينة مكناس، ثم في جامعة القرويين وإلى نشاطه العلمي والثقافي ومشاركته في أعمال وأنشطة بعض المنتديات والمؤسسات العلمية والأدبية كمعهد الدراسات العليا المغربية بالرباط، وإلى مفهومه ومنهجه في كتابة التاريخ وإلى غير هذا من القضايا التي كان يتعين كشف النقاب عنها وإبرازها بهدف الاهتداء إلى معرفة الغاية المنشودة التي كان يسعى إلى إثباتها من وراء مؤلفاته.
وأضاف أن الفترة التاريخية التي كان ابن زيدان منهمكا خلالها في تحرير مصنفاته هي فترة سيطرة سلطات الاستعمارين الفرنسي والاسباني على المغرب، وإبعاد حكامه الشرعيين عن تسيير أموره وتدبير شؤونه والوقوف سدا منيعا أمام أهله وأبنائه للالتحاق بالركب الحضاري والعلمي فكان من الطبيعي أن ينتصب ثلة من المؤرخين والكتاب والفقهاء ويسخروا أقلامهم لتذكير الطبقة المثقفة بماضي المغرب المجيد وبمساهمات المغاربة في مجال مختلف العلوم والفنون.
وأشار إلى أن عبد الرحمن ابن زيدان امتاز من بين هؤلاء ب”انتصابه لإبراز منجزات سلاطين الدولة العلوية الشريفة في كافة المجالات السياسية والدبلوماسية والعمرانية والثقافية بدءا بالسلطان مولاي رشيد بن الشريف وانتهاء بالسلطان سيدي محمد ابن يوسف”.
وخلص المريني إلى أنه “اقتناعا بأهمية الكتاب، وبالنظر إلى ما تضمنه من معطيات ومعلومات نفيسة، كانت مغمورة ، لا يمكن أن تتوفر إلا لدى عبد الرحمن ابن زيدان التي كانت له صلات وثيقة وروابط متينة بالدولة العلوية وبعلمائها وأشرافها، استقر عزمنا على الاعتناء بنص المخطوط وتحقيقه وسبر أغوراه والعمل على إخراجه للوجود في حلة علمية رصينة اسهاما متواضعا مني ومن محققه المؤرخ مصطفى الشابي في عملية إحياء كتب التراث وإلقاء الأضواء الكاشفة عليها تعميما للفائدة المرجوة وتحقيقا للغاية المنشودة”.

Related posts

Top