النهوض بقطاع الصيد

يعود قطاع الصيد البحري في بلادنا هذه الأيام إلى صدارة الأخبار، سواء من خلال فعاليات  الدورة الأولى لمعرض «أليوتيس»، أو من خلال نقاشات ومواقف برزت مؤخرا وسط مهنيي القطاع، وستتكثف هذه العودة  في الأسابيع المقبلة، في مفاوضات المملكة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تجديد اتفاقية الصيد، وهذه الظرفية مؤهلة لتفعيل حوار وطني حقيقي من أجل النهوض الشامل بهذا القطاع القادر على جر قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
بلا شك سيساعد  معرض أكادير على إغناء التفكير بطرح حلول تقنية واقتصادية مرتبطة بما يشهده القطاع من تحولات، بالإضافة إلى أنه يعتبر واجهة للتعريف بالقطاع دوليا، وللبحث عن شراكات مثمرة، ولكن الحاجة تبقى ملحة اليوم أيضا إلى تقييم مسلسلات تطبيق البرامج والخطط التي أعلن عنها سابقا لفائدة القطاع، وعلى سبيل المثال فقط هناك برنامج «إبحار» وضرورة الانكباب على إيجاد الحلول اللازمة لأوضاع بحارة الصيد الساحلي والتقليدي، والاستجابة لمطالبهم.
من جهة ثانية، فإن المعرض نجح في جذب عدد من المستثمرين الأجانب ومجموعة من وزراء الصيد عبر العالم، وهذا إيجابي، إنما من الضروري كذلك بلورة خطط تحفيزية لفائدة مستثمرين وطنيين، وحل مشكلات تمويل القطاع وغلاء المحروقات وآليات الصيد، وغير ذلك، بما سيساعد على تطوير  صناعة وطنية جدية وذات تنافسية في مجال الصيد.
لقد أقدمت السلطات الحكومية المعنية في الفترة الأخيرة على خطوات وقرارات مهمة تتوجه إلى القطاع، بغاية الانتقال به ليشكل رافعة فعلية للاقتصاد الوطني، وبدأت بعض النتائج الإيجابية تبرز في الميدان، وإن كانت غير كافية لحد الآن، لكن من الضروري الانطلاق منها لمواصلة تأهيل القطاع وعصرنته.
اليوم لابد من الانكباب على قضايا تأهيل الأسطول، وعلى تصحيح مسارات تطبيق برنامج «إبحار»، وعلى مواصلة واستكمال هيكلة المصايد بما ينعكس إيجابا على حياة وشروط عمل الصيادين، ويؤدي إلى عصرنة مجهود الصيد…
لقد بدأت بعض الجهات تحقق خطوات مهمة في تطوير القطاع محليا، ونموذج الداخلة من خلال تطوير صيد محلي ذي طابع اجتماعي يعتمد على تربية الأحياء المائية يستحق التشجيع والمواكبة، وبإمكانه تعزيز الدينامية التنموية للمدينة وتطوير قطاعي الصيد والسياحة بها .
وهذا النموذج، من الضروري تعميم منهجيته وفق خصوصية كل منطقة ساحلية، بما يساهم في تطوير التنافسية الجهوية، وينعكس إيجابا على الصادرات المغربية، وعلى مردودية وإنتاجية القطاع.
إن هيكلة القطاع وتأهيله وأيضا تخليق منظومته المؤسساتية والمهنية، هو الطريق القادر على تثمينه، وعلى تحصين الموقف المغربي لدى التفاوض مع الأوروبيين أو مع غيرهم.

[email protected]

Top