اختار جلالة الملك في خطاب العرش الوضوح كعنوان بارز لتناول قضية الوحدة الترابية للمملكة، وأعلن أن المغرب سيظل مدافعا عن سيادته، ووحدته الوطنية والترابية، ولن يفرط في شبر من صحرائه. الخطاب كان واضحا، والرسالة كانت أوضح، وفي المعنى أن الشعب المغربي متشبث بوحدة ترابه وبسيادته الوطنية إلى آخر شبر في الصحراء، وهو ما ردت عليه جبهة عبد العزيز المراكشي برعونة، حيث عادت مرة أخرى لرياضتها المفضلة، وأخرجت معجم اتهاماتها المعروف، ورمت به في وجه المغرب والمغاربة، ومن جديد عبر وسائل الإعلام الجزائرية.
موقف الجبهة الانفصالية متوقع ومكرور، ولا يحمل أي جديد على كل حال، ويكرس جمود العقل والتفكير وعمى الأبصار، لكن صراحة الخطاب الملكي وواقعية الموقف المغربي موجهة للبلد الجار، وأساسا للمجتمع الدولي والمنظمة الأممية.
جلالة الملك أكد أن المغرب يعطي الأسبقية في علاقاته الخارجية لجواره ولمحيطه القريب والمتنوع، عاملا على جعل رهاناته المتعددة، فرصا حقيقية، يتعين استثمارها، لخدمة المصالح الجوهرية لكل شعوب المنطقة، كما وصف الاندماج المغاربي بكونه تطلعا شعبيا عميقا، وضرورة إستراتيجية وأمنية ملحة، وحتمية اقتصادية، يفرضها عصر التكتلات، مبرزا أن المغرب يحرص على مواصلة التشاور والتنسيق لتعميق علاقاته الثنائية مع البلدان المغاربية، وذلك في انتظار أن تتخلى الجزائر،عن معاكسة منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، بشأن قضية الصحراء المغربية، وعن التمادي في مناوراتها اليائسة، لنسف الدينامية، التي أطلقتها المبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية…
والى جانب هذا الوضوح الملكي في تحديد الجهة المسؤولة عن عرقلة البناء المغاربي، فان خطاب العرش وصف من جديد المقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية بالمبادرة المقدامة ( التي تظل مقترحا واقعيا يتسم بروح الابتكار والتوافق، لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي، في نطاق منظمة الأمم المتحدة).
الخطاب الملكي شدد على الموقف المغربي الثابت من وحدة ترابه، وفي نفس الوقت أبرز واقعية مقترحه حول الحكم الذاتي، كما حدد بوضوح الجزائر كجهة تعاكس منطق التاريخ والجغرافيا والمشروعية، وعبر عن استعداد المغرب لمواصلة دعم جهود الأمم المتحدة، واستحضر أيضا الرهانات الإستراتيجية والأمنية والتنموية المطروحة على المنطقة ككل، وبذلك فهو يقدم تصورا شاملا ومتكاملا وواضحا لحل النزاع المفتعل على أقاليمنا الجنوبية.
المغرب الواقعي والوحدوي والطموح في مواجهة طرف يصر على الجمود وعلى الجنون وعلى جر كل شيء إلى…الوراء.