ينطلق، ابتداء من اليوم الجمعة ، في بلادنا، العمل بأحكام مدونة السير الجديدة، والتي أثارت جدلا واسعا بين الحكومة ومهنيي النقل، ونظمت بشأنها سلسلة حوارات، وأيضا العديد من الإضرابات والاحتجاجات، ومع الشروع في تطبيقها اليوم ينتصب أمام الكل، وخصوصا أمام السلطات المعنية، تحدي التنفيذ، وضرورة كسب رهاناته. إن المغرب صار عنوانا مرعبا جراء حجم ما تشهده طرقاته من حوادث سير، وما تخلفه من خسائر، ويعتبر الإخلال بقوانين السير من أهم أسباب ذلك، بالإضافة إلى عوامل أخرى يتفق الكل اليوم على ضرورة الانكباب عليها باستعجال.
إن تكلفة حوادث السير في المغرب، تعني 11 قتيلا في اليوم، وأزيد من أربعة آلاف سنويا، بالإضافة إلى 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وبعض الخبراء يقدرون هذه التكلفة السنوية ب11 مليار درهم، ويعتبرون ذلك يعادل كلفة 20 وحدة صناعية تستطيع كل واحدة منها توظيف خمسمائة عامل.
هذه الصورة وحدها يجب أن تجعلنا كلنا ننتفض ضد الحرب الحقيقية التي تشهدها طرقات المملكة، وتدفعنا جميعا للانخراط في معركة مواجهتها من أجل أمان أكبر لحركة السير في بلادنا.
من جهة ثانية، إن مواقف بعض أرباب النقل طغت على كل نقاش حقيقي بشأن مضمون المدونة الجديدة، ما جعل اليوم أغلب مستعملي الطريق والمواطنين لا يعرفون كل تفاصيل القانون، وهذا يفرض تكثيف حملات التحسيس والتوعية، وتعزيز برامج التعريف بالمدونة، على أنها منظومة متكاملة تروم تحقيق السلامة الطرقية، والتقليص من المآسي التي تتسبب فيها حوادث السير.
القانون الجديد بإمكانه امتلاك مساندة شعبية على الأرض، إذا أتاح تطبيقه الحد من الرشوة على الطرقات، وإذا مثل الانطلاق في تنفيذ أحكامه مناسبة للقضاء على تلك المهازل التي يشاهدها الجميع ويعرفها الكل، ويقوم بها بعض رجال الدرك ورجال الأمن، في ملتقيات الطرق، وفي مداخل المدن والقرى ومخارجها، والتي يحكي بشأنها سائقو الحافلات والشاحنات قصصا مثيرة وغرائبية.
آفة الرشوة في طرقاتنا مسؤولة أيضا عن حرب الطرق ومآسيها.
اليوم إذن، ينطلق العمل بالقانون الجديد، والكل مسؤول عن تأمين حسن التطبيق وعن زجر كل من يتسبب في تمريغ القوانين في التراب.
وعلى بلادنا أن تكسب الرهان أيضا في أوراش: الطرق، تجهيزات المراقبة، مراكز الفحص التقني ومراكز تعليم السياقة، تنظيم وتحديث سوق السيارات، تنظيم قطاع النقل والقضاء على الريع.
المدونة خطوة أساسية في كل هذا المسار، ومن المسؤولية العمل من أجل إنجاح الخطوة.