انتخابات من دون عيون مغمضة

من المرجح أن يكشف في الأيام المقبلة عن المعالم العامة للمقتضيات القانونية والتنظيمية التي ستؤطر الاستحقاقات الانتخابية القادمة، ويتكثف بشأنها النقاش الحزبي والإعلامي، ما سيضع البلاد في أول امتحان لتطبيق أحكام الدستور الجديد.

يوجد المغرب اليوم أمام تحدي تدبير زمنه الجديد بكل ما يفرضه ذلك من انتقالات وقطائع وتفاعلات وأهداف، والمنطلق في كل هذا أنه لا معنى لدستور جديد بمؤسسات سياسية وتمثيلية قديمة، وأيضا بممارسات حزبية وانتخابية غارقة في العتاقة والعبثية والتجاوز.
الانتخابات اليوم ستكون مختلفة بالنصوص الجديدة، وبالقوانين الجيدة، وبالميكانيزمات التنظيمية والتدبيرية المغايرة لما عهدناه في السابق…
الانتخابات اليوم ستعيد لشعبنا الأمل والثقة في جدوى العمل السياسي الديمقراطي، إذا اختفت أسواق (الشناقة) وإذا غاب المال ..
الانتخابات اليوم ستكون مجدية لبلادنا ولمستقبلنا إذا نجحت في فرز نخب وكفاءات سياسية وطنية تكون قادرة على إعطاء معنى للتغيير الدستوري لفاتح يوليوز، وهذا لن يتحقق من دون استعداد قانوني وتنظيمي وسياسي.
لقد حذر نبيل بنعبدالله قبل أيام من الذهاب للانتخابات التشريعية بعيون مغمضة، لأن ذلك سيعني الكارثة لبلادنا، ومن ثم فإن فتح العيون والأبصار والبصيرة يعني اليوم بلورة اتفاق وطني حول نمط الاقتراع وحول العتبة وعلى آليات التصويت وحول اللوائح وحول التمويل وحول شروط الترشيح وحول اللائحة الوطنية وحول الرقابة، أي أن تنتقل الأحزاب من الاحتكام لحساباتها الذاتية والحزبية إلى الاحتكام لمصلحة الوطن واستحضار الصورة الجديدة للبلاد والرهانات المطروحة عليها.
والمسؤولية هنا ليست محصورة في الأحزاب، إنما أيضا في السلطات العمومية التي عليها التفاعل الإيجابي مع شروط المرحلة الحالية من المسار الديمقراطي للمغرب، وذلك ببلورة القوانين اللازمة لتحقيق جودة الانتخابات ونزاهتها وديمقراطيتها، وأيضا بالإقدام قبل ذلك على خطوات وإجراءات تروم تحقيق الثقة وسط شعبنا وتحفزه على الإقبال المكثف على صناديق الاقتراع.
ومن ضمن هذه الإجراءات المطلوبة اليوم، الإقدام على تغييرات حقيقية وسط مسؤولي الإدارة الترابية في العمالات والأقاليم.
وإن من شأن كل ما ذكر أعلاه، تعبئة الناخبين والهيئات السياسية للمساهمة في تفويت الفرصة على سماسرة الانتخابات والشناقة ورموز الجهاز الانتفاعي، وبالتالي إنجاح اللحظة الانتخابية القادمة، وتعبيد الطريق للنجاح في بقية مراحل مسلسلنا الديمقراطي.
واضح إذن، أن الإعداد للاستحقاقات الانتخابية القادمة يمر عبر منظومة إجراءات وخطوات متكاملة، وتتوزع مسؤولية النجاح فيها بين الدولة والأحزاب والناخبين وأيضا وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، وبالتالي فإن الكل مسؤول اليوم من أجل أن نتفادى جميعا إغراق مواطناتنا ومواطنينا وخصوصا شبابنا في اليأس والإحباط والمزيد من الفرار من السياسة.
[email protected]

Top