انفتاح، وضوح وتفاعل..

مثل اللقاء التواصلي الذي رعته بيان اليوم أول أمس بالمكتبة الوطنية بالرباط، والذي جمع الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بصحفيين من منابر إعلامية مختلفة، لحظة حوارية من مستوى عال، ولم تكن تواصلا عموديا أحادي الرسالة، إنما كانت إنصاتا متبادلا بين حزب يستعد لعقد مؤتمره وصحفيين متابعين للحياة السياسية الوطنية. لم يكتف إسماعيل العلوي بتقديم أجوبة، إنما كان، هو وعشرات من مسؤولي ومناضلي الحزب ينصتون أيضا إلى تقييمات الصحفيين وانشغالاتهم وما تعكسه من أسئلة وسط المجتمع، وهذا التفاعل بقدر ما أنتج أخبارا للنشر، فإنه منح كذلك أفكارا للقيادة الحزبية، ومن هنا يستمد اللقاء أهميته وفرادته.
التقدم والاشتراكية لم يكتف إذن بحوار داخل هياكله التنظيمية حول المؤتمر، إنما حضر العديد من قيادييه ومناضليه إلى جلسة حوار مع “آخرين”، وهم صحفيون مهنيون ليست لهم علاقة انتماء مع الحزب، وهذه التجربة  قد تحمل نفسا جديدا لحياتنا الحزبية والسياسية يقوم على الانفتاح وعلى تفاعل الأفكار مع محيطها الإعلامي والفكري.
مبادرة بيان اليوم نجحت أيضا بفضل صراحة إسماعيل العلوي وتفاعله التلقائي مع أسئلة وانشغالات محاوريه، بعيدا عن كل لغة خشبية أو خطاب  تبسيطي، وهنا التقت صراحة السياسي بمهنية الإعلامي، فقدمت الدليل على أن الحوار في السياسة يمكن أن يكون جاذبا.
لقاء إسماعيل العلوي هذا، ستعقبه ندوة صحفية الثلاثاء المقبل، وكان قد سبقه منذ أسابيع تمكين كل الصحفيين الراغبين من مشاريع وثائق المؤتمر، والرد على أسئلتهم، كما جرى استثمار شبكة الانترنيت لتعزيز الحوار والتواصل بين الحزب ومحيطه المجتمعي، وقبل هذا وذاك، كان الحزب  قد اختار التعاقد مع وكالة مهنية متخصصة تشرف على خطته التواصلية، وهو تقليد كرسه الحزب منذ سنوات بمناسبة مؤتمراته وخلال الاستحقاقات الانتخابية، وذلك قبل أن تعم هذه السابقة أحزاب أخرى.
التقدم والاشتراكية كان باستمرار منتجا لأفكار، إن على صعيد المواقف والرؤى البرنامجية، أو على مستوى الأشكال وأساليب العمل، وعندما يختار اليوم، في جلسة مفتوحة، أن يضع ذاته أمام الصحفيين للتشريح والسؤال وحتى النقد، إنما يجسد بذلك عراقة تجربة حزبية وفكرية يزيد عمرها اليوم عن ستة عقود، وهي مسار يستحق لوحده كثير بحث وتحليل ودراسة…
إن المغرب اليوم يشهد كثير تحولات، والسياسة باتت تتفاعل بشكل مختلف، وهذا يستوجب تعزيز الاجتهاد وسط الأحزاب نفسها، وأن تعمل على ابتكار أساليب عمل ملائمة، ومرتكزة على قيم،  في مقدمتها الانفتاح على المحيط المجتمعي…

Top