باريس… الخطوة إلى الأمام

يمثل إعلان فرنسا مساندتها للوحدة الترابية المغربية تقدما كبيرا في موقف باريس، وتحولا جوهريا سيكون له، بلا شك، ما بعده.
لقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالته إلى جلالة الملك بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش على أن: «حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية»، وأن بلاده: «تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي».
من المؤكد أن هذه الخطوة الفرنسية إلى الأمام كان يتوقعها الكثيرون، وأن المملكة كانت واضحة في صرامتها الديبلوماسية وربط كل الشراكات بالموقف من مغربية الصحراء، وواضح أن الدولة الفرنسية اختارت الانتصار للواقعية والعقلانية، والاصطفاف إلى جانب الحق الوطني المغربي، والتفكير كذلك في مصالحها مع دولة عريقة ومستقرة.
الموقف الفرنسي يكتسب أهميته أيضا من كون باريس معنية بالملف وعارفة بتفاصيل النزاع المفتعل منذ نشأته، ولها دورها التاريخي في مساره وتشعباته، وإقدامها اليوم على هذه الخطوة إلى الأمام من شأنه التأثير على دول أخرى لا تزال مترددة، وأيضا التأثير على التدبير الدولي للنزاع المفتعل، خاصة أنها عضو دائم بمجلس الأمن الدولي.
الموقف الإيجابي الفرنسي، من جهة أخرى، يعزز الموقف الوطني المغربي، ويدعم السعي نحو الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، ويؤكد نجاعة الصرامة الديبلوماسية للمملكة في السنوات الأخيرة.
إن النظر المغربي للتعاون الدولي والصداقة والشراكة من خلال منظار مغربية الصحراء، والإصرار على تنويع الشراكات الاقتصادية الأجنبية والانفتاح على مختلف القوى العالمية، وأيضا تقوية وتمتين الحضور المغربي في إفريقيا، والتعاون مع الصين وروسيا وأمريكا اللاتينية، والتفكير في العلاقات الدولية انطلاقا من المصالح الوطنية أولا، كل هذا أكسب المملكة الكثير من المصداقية والاستقلالية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ودفع عددا من الدول عبر العالم إلى الخروج من ترددها في الموقف من مغربية الصحراء وإعلان تأييد ومساندة الوحدة الترابية للمغرب.
وهذه الصرامة الديبلوماسية، علاوة على وضوح النظر للعلاقات الخارجية والتموقعات الإستراتيجية العقلانية، تعتبر ضرورية اليوم بالنظر لما يشهده العالم من تقلبات وتحولات جوهرية، كما أن رعونة المواقف المعبر عنها من طرف النظام العسكري للجار الشرقي، وعدائه المرضي للمملكة يفرضان التحلي باليقظة ومواصلة تمتين الجبهة الوطنية الداخلية وتقوية المنجز التنموي والديموقراطي لفائدة الأقاليم الجنوبية وعلى الصعيد الوطني العام.
الآن، بعد موقف فرنسا، وقبل ذلك مواقف دول أوروبية وأمريكية أخرى، وبعد تزايد المواقف المؤيدة للمملكة داخل القارة الإفريقية، يجب استثمار موقف باريس لتوطيد الموقف الوطني المغربي، والعمل لتسريع مسلسل الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمملكة.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Top