بلكوش يكشف عن التعثر الحكومي في الجانب الحقوقي

أعرب لحبيب بلكوش رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، عن انشغال المركز حيال التعثر الذي يطبع الأداء الحكومي خلال السنوات الماضية وإلى الآن، والبطء المسجل على مستوى الوفاء بالالتزامات الدستورية والدولية، أساسا ما يتعلق بالبناء المؤسساتي والإصلاح التشريعي واعتماد السياسات العمومية المبنية على حقوق الإنسان والنهوض بثقافة حقوق الإنسان لدى مختلف الفئات المكلفة بإنفاذ القانون، فضلا عن الأوضاع داخل السجون وأوضاع المرأة في الحياة العامة والخاصة “.
جاء ذلك خلال تقديم بلكوش، صباح أمس الثلاثاء، لأول تقريرا موازيا للمركز، أعده في إطار الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي، ركز فيه على زوايا تدخل في صميم اختصاصات المركز ومجالات عمله، مستعرضا عددا من الاقتراحات والتوصيات كمحصلة لتصوره بشان البناء المؤسساتي والتشريعي وإنفاذ مقتضيات الدستور والالتزامات الدولية والنهوض بأوضاع المرأة، بل وعموم الحقوق الإنسانية.
و لا يشكل التقرير الذي تم إعداده بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والشؤون الدولية لكندا، كأول تجربة يخوضها المركز على هذا المستوى، هدفا في حد ذاته أو مبارزة بين فرقاء، يقول بلكوش، بل آلية ومحطة لتقييم السياسات العمومية والأوضاع داخل البلد ورسم خارطة طريق لأفق جديد بالتزاماته وتحدياته بما يترجم الإرادة السياسية للبلد على واجهات متعددة.
وعرف هذا اللقاء الذي أدارته جميلة السيوري رئيسة جمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة، وشاركت فيه آمال الإدريسي بكلمة باسم ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب، حضور عدد من الشخصيات الحقوقية، على رأسهم المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري لحقوق الإنسان سابقا، وأعضاء من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثلي منظمات حقوقية.
وحرص بلكوش، خلال استعراضه مضامين التقرير، على أن يعرب عن الأمل الذي يتملك هيئات المجتمع المدني
في أن تشكل التوصيات التي تتضمنها التقارير الموازية منطلقا لأوراش مستقبلية، في اتجاه بلورة خارطة طريق جديدة تسمح بإعادة النظر في الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والديمقراطية بما يفتح أفقا جديدا للإصلاحات بالمغرب.
وعلى رأس الملاحظات التي سجلها التقرير تلك التي تهم المستوى المؤسساتي، حيث قال بلكوش إن التوصيات تمحورت في هذا الصدد على ما لم يتم تفعيله في الدستور، أساسا ما يتعلق بإحداث المؤسسات مثل الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز رغم صدور القانون رقم 79.14، المحدث لها منذ سنة 2017، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي رغم أن القانون الخاص به صدر بالجريدة الرسمية، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.
ولفت بلكوش إلى أن المكون الأساسي الذي تضمنه التقرير يتمثل في مقاربة وضعية المرأة، مذكرا بأن المركز كان من المساهمين في دينامية المناصفة دبا خلال السنتين الماضيتين، والتي طالبت بإقرار قانون إطار للمساواة والمناصفة، واستطاعت أن تضع مشروع عريضة تم رفعها واستعراضها أمام البرلمان، لتشكل أول تجربة إعمال الآلية الجديدة التي تم الترافع بشأنها لدى الأحزاب ووزراء في الحكومتين السابقة والحالية التي تم تجديد الترافع أمامها للانخراط في هذه الدينامية، وكذا أمام باقي المؤسسات الوطنية.
وأفد أن التوصيات في هذا الجانب طالت مستوى الحقوق المدنية والسياسية، وكذا باقي المكونات التي تهم أوضاع المرأة سواء ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومدونة الأسرة، فيما ركزت التوصيات الخاصة بالجانب التشريعي، أساسا على التأخر الحاصل في إقرار المنظومة الجنائية، والتي سجل بشأنها تردد، حيث نبه بلكوش بهذا الخصوص، إلى أنه “مع كل حكومة يتم إحالة مشروع هذا القانون على البرلمان ثم يتم سحبه وذلك لعدة مرات، بدعوى إغنائه”.
وأعلن في هذا الصدد، أن المركز كهيئة حقوقية لازالت تنتظر إخراج مشروع هذا القانون لحيز الوجود، داعيا إلى الإسراع بإصلاح المنظومة الجنائية، بما يحقق الحرص على إجراء تحقيقات نزيهة وفعالة بشأن المزاعم المتعلقة بالتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفي وإقرار عدم الإفلات من العقاب بإحالة المسؤولين عنها أمام العدالة، فضلا عن إعمال المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية في إطار إجراءات الوقاية من التعذيب وضروب المعاملة السيئة أو المهينة.
كما طالب بإلغاء عقوبة الإعدام، وتقليص مدة الحراسة النظرية بالنسبة للجرائم التي تعرف مددا تصل إلى 96 ساعة قابلة للتمديد، والتنصيص على العقوبات البديلة بالنسبة للجنح البسيطة عوض تجريمها، هذا مع تمكين الشخص المعتقل على محام منذ إيقافه والسماح لهذا ألأخير بالاطلاع على ملف موكله.
كما حث على وضع برنامج تكويني وتثقيفي في مجال حقوق الإنسان لفائدة القضاة، وأوصى بالنسبة لتحسين ظروف الاعتقال داخل السجون، إلى إقرار القانون الجديد المنظم للمؤسسات السجنية والارتقاء النوعي بمراقبة القضاء للسجون وتعزيز الرعاية الصحية بهذه المؤسسات، فضلا عن إعادة النظر في فلسفة العقاب والحد من اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي في اتجاه التخفيف من اكتظاظ السجون.

< فنن العفاني

Related posts

Top