مهّدت التطورات الميدانية الأخيرة في ليبيا خاصة منها استهداف منطقة الهلال النفطي وتفجير زليتن، لعملية عسكرية ضد تنظيم داعش، وقد تضاربت تصريحات المسؤولين الغربيين بخصوص هذا التدخل الذي قد يُدخل ليبيا في حالة من الفوضى على أنقاض تدخل حلف الشمال الأطلسي سنة 2011.
ومن المنتظر أن تتحرك القوى الإقليمية الكبرى للقيام بعملية عسكرية في ليبيا، لعل أولى خطواتها شن غارات جوية على معاقل داعش في سرت وفي بعض المناطق المحيطة بها، خاصة بعد أن حسمت واشنطن أمرها بإعلان قيادتها العسكرية في أفريقيا (أفريكوم) عن خطة لتطويق التنظيمات الجهادية في ليبيا والصومال.
وعبّر العديد من السياسيين الليبيين ونواب برلمان طبرق عن رفضهم للحل العسكري، مطالبين بتسليح الجيش الذي رغم إمكانياته المحدودة إلا أنه تمكن من محاصرة داعش في مدينة درنة وضرب خطوط إمداداته البرية والبحرية.
هذا وأكدت مصادر إعلامية نقلا عن شهود عيان في مدينة سرت الليبية أن طائرات حربية مجهولة قصفت موقعا لتنظيم داعش في منطقة الظهير (20 كلم غرب سرت).
وأفاد موقع “بوابة الوسط” الليبي بأن خسائر كبيرة وقعت في صفوف داعش وآلياته، كما استهدف القصف موقعا آخر للتنظيم بمخيم النهر الصناعي، الذي كانت تتمركز فيه حتى شهر مارس الماضى الكتيبة “166” التابعة لميليشيا فجر ليبيا.
يشار إلى أن طائرات حربية مجهولة قصفت، يوم الأحد، مواقع لتنظيم داعش في كل من بلدة بن جواد ووسط مدينة سرت، ولم يعرف بعد حجم الخسائر الناجمة عن القصف، الذي سبقه تحليق للطيران في سماء البلدة والمدينة.
ويستدعي الوضع في ليبيا تضافر جهود المجتمع الدولي، وخاصة رفع حظر السلاح عن قوات الجيش الوطني حتى تتمكن من دحر الميليشيات الإسلامية وتفكيك الكتائب الإرهابية في مختلف مناطق البلاد.
وتعالت الأصوات المنادية بضرورة دعم الجيش الليبي في حربه ضدّ التنظيمات الجهادية ورفع حظر الأسلحة عن ليبيا، وهو ما لم تستجب له الأمم المتحدة لاعتبارات عدّة أهمها أن قرارا مماثلا سيكثّف حالة الفوضى وسيحوّل ليبيا إلى خزّان للأسلحة التي من المرجح أن يستفيد منها المتشددون.
وفي هذا الصدد، أكدت حكومة الوفاق المقترحة بقيادة فايز السراج، في بيان سابق لها، أنها ستعمل جاهدة لرفع حظر السلاح عن قوات الجيش نظرا “للدور البطولي لأفراد القوات المسلحة في مقارعة الإرهاب، وتخليص البلاد منه”.
وقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا، وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية، لها ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا، وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. وفتحت هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب الآلاف من المقاتلين من جنسيات مختلفة الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا.
ويعتبر مراقبون أن القضاء على داعش في ليبيا يتطلّب تعزيز السلطة التنفيذية عبر دعم قوات الجيش وتسليحه وإعادة هيكلة جهازي الشرطة والمخابرات، غير أن تعنّت الميليشيات ورفضها الخضوع لسلطة الدولة قد يعرقلان هذا المسار الإصلاحي.
وأكدوا أن الاتفاق السياسي لن يصمد كثيرا على أرض الواقع لأن الفاعلين السياسيين الليبيين لا يمتلكون سلطة على قادة الميليشيات الإسلامية المسلحة المرتبطة بأجندات خارجية.
وحذّر خبراء من تداعيات المواجهات المسلحة بين الميليشيات المكونة لفجر ليبيا الذراع العسكري لإخوان ليبيا، مشددين على أن تنظيم داعش يسعى إلى استقطاب المنشقين عن الميليشيا الإخوانية خاصة منهم المقاتلون القادمون من مصر، وهو ما أكده بيان لما يُسمى حركة “إخوان بلا عنف” تناقلته مصادر إعلامية مختلفة في وقت سابق، وجاء فيه أن قرابة الـ200 من شباب الصعيد انضموا إلى داعش، وتحللوا من بيعة المرشد بعد أن كانوا يقاتلون ضمن قوات فجر ليبيا.
وعموما يتجاوز إجمالي الميليشيات الإسلامية المتشددة في ليبيا 300 ميليشيا مسلحة، هذا إلى جانب الميليشيات التكفيرية والتي تنضوي تحت لواء السلفية الجهادية ومن بينها كتيبة 17 فبراير، وسرايا راف الله السحاتي، ودرع ليبيا، وكتيبة أنصار الشريعة، وغرفة عمليات ثوار ليبيا، وكتيبة ثوار طرابلس.
تسليح الجيش الليبي مطلب شعبي لإجهاض مشروع التدخل الأجنبي
الوسوم