لم يحدث في أي موسم من مواسم البطولة الوطنية لكرة القدم، وعلى مر التاريخ، أن تمكن فريق من جمع فقط نقطتين فقط من 15 مقابلة، خلال مرحلة الذهاب، ومع ذلك تمكن من الحفاظ على مكانته بالقسم الأول، والأكثر من ذلك، قبل دورة عن انتهاء البطولة…
يصنف هذا الإنجاز ضمن خانة المستحيلات، أو كمعجزة حقيقية، وغيرها من الأوصاف أعطت لهذا المسار الاستثنائي، صفة الإعجاز ، بدون أدنى مبالغة…
صحيح أن كل الاحتمالات تبقى واردة في مجال الرياضة، والمسابقات والبطولات، وغالبا ما أعطتنا نتائج خارج المتوقع، وهذا واحد من أسرار الفعل الرياضي وجاذبيته؛ يفسر كل هذا العشق والشغف التي يحظى به من طرف الملايين، من المتتبعين عبر العالم، ومن مختلف الأجيال…
والأكيد أن الكل يبحث عن السر ، وراء هذا المخزون غير العادي الذي استمد منه فريق اتحاد طنجة قوته الاستثنائية، ومكنته من تحقيق مسار مبهر، جعلته يتجاوز كل العوامل المحبطة، للوصول إلى ضمان مكان ضمن قسم الصفوة…
وكل متتبع للأمور بمختلف المراحل والتفاصيل، يعرف جيدا أن ضمان البقاء، في ظل الظروف التي ذكرناها، يعد مهمة جد صعبة، ورغم ذلك تحولت في الأشهر الأخيرة، إلى مشروع مدينة بكاملها، وهذا هو السر الكامن وراء تحقيق إنجاز ، وصل إلى مستوى التتويج بلقب الدوري…
تفاصيل المشروع، شكل إجماع كل المكونات، يتقدمه بطبيعة الحال جمهور طنجاوي رائع، سخي، عاشق حتى النخاع، شجع بدون ملل، تشبث بخيوط الأمل، كما شكل دفعة قوية وطاقة إيجابية، استمدت منها كل المكونات مناعة خاصة، ضد اليأس وضد الشعور بالانهزامية…
بطبيعة الحال، هناك المسيرون الذين آمنوا بإمكانية تحقيق ما يشبه المستحيل، وهناك المنخرطون، وأفراد الطاقم التقني واللاعبون، وبعض فعاليات المدينة، لم تبخل بتقديم الدعم المطلوب، وفي المراحل الحاسمة…
بالإضافة إلى كل هذه المكونات الأساسية، هناك السلطة المحلية، الذي يترأسها الوالي محمد مهيدية، الإنسان المعروف بدعمه للرياضة، أينما حل وارتحل، متتبع دائم لكل التفاصيل، محفز للطاقات، يسعى دائما إلى تحقيق الإجماع بين الرياضيين…
والأكيد أن تفاصيل مثل هذا المشروع الذي آمنت به كل مكونات مدينة طنجة، لم يتوفر بمدن أخرى، وفي مقدمتها عاصمة الفوسفاط خريبكة، وعاصمة دكالة الجديدة، وكأن كرة القدم والرياضة عموما، ليست مرفقا عموميا بأبعاده المختلفة، اجتماعيا واقتصاديا تنمويا وسياسيا، والدليل على ذلك الانعكاسات الإيجابية على جميع المستويات..خلقها الحضور الرائع للفريق الوطني المغربي لكرة القدم بمونديال قطر …
طنجة عروسة الشمال، كمدينة مفتوحة على المستقبل، بتطورها العمراني، وإمكانياتها الاقتصادية والسياحية، ومرافقها الرياضية المهمة، وجمهورها الكبير، في حاجة إلى قطاع رياضي مواكب لتحولات عميقة تعرفها المدينة، وما خلق اتحاد طنجة من حماس وتعبئة غير مسبوقة، أعطى الدليل أن كل شيء ممكن، ولا مستحيل مع الحياة…
برافو، وألف تحية تقدير، لكل من ساهم في بقاء الاتحاد ضمن مصاف الكبار…
محمد الروحلي