جسد قطاع الثقافة والفنون والاتصال لحزب التقدم والاشتراكية بمعية نادي الصحافة بالمغرب، لحظة وفاء واعتراف بعطاء الكاتب الصحافي والمناضل التقدمي أحمد بوكيوض عضو مجلس رئاسة الحزب ورئيس التحرير السابق لصحيفة “بيان اليوم” والقيادي السابق بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
فقد عاش مناضلو ومناضلات حزب التقدم والاشتراكية إلى جانب كوكبة من الإعلاميين والإعلاميات المنتسبين إلى نادي الصحافة بالمغرب، وإلى فضاءات مهنية أخرى كالفدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وأسماء بارزة في المشهد الإعلامي الوطني (عاشوا) لحظة استرجاع جميلة من خلال استحضار مسار المحتفى به أحمد بوكيوض، وذلك خلال حفل تكريم أقيم على شرفه أول أمس الثلاثاء بالمقر الوطني لحزب الكتاب بالرباط.
فقد توقفت الشهادات التي توالت خلال هذا الحفل التكريمي، عند مناقب الكاتب الصحفي أحمد بوكيوض وأحاطت بإسهاماته في المشهد الإعلامي الوطني سواء لما كان مسؤولا عن إدارة مجلة “المبادئ” إلى جانب الراحل عبد السلام بورقية أو لما كان مسؤول التحرير في جريدة بيان اليوم إلى جانب الراحل علي يعته، بالإضافة إلى نضاله من أجل الرقي بالمهنة والمهنيين من داخل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، سواء في فرعها بالدار البيضاء أو في مكتبها الوطني الذي ظل عضوا فيه إلى غاية 2016.
وفي هذا السياق، وصف محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الكاتب الصحفي أحمد بوكيوض بـ “العملة النادرة” باعتباره صحفيا ملتزما استطاع أن يمزج بين الإعلام بممارسة أخلاقية عالية ورفيعة وبين الالتزام السياسي والنضال من أجل مغرب متقدم ومزدهر.
وأضاف محمد نبيل بنعبد الله أن الصحفي أحمد بوكيوض يجسد المثقف العضوي الذي يمزج بين الجانب المهني والمعرفي والنضال اليومي الذي ظل يمارسه إلى جانب أسماء بارزة عاصرها واشتغل إلى جانبها في الحزب وفي المشهد الإعلامي الوطني وفي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، مشيرا إلى أن الرجل ظل وفيا لممارسة الإعلام بحس النضال، وبحس الالتزام بالأداء المهني انطلاقا من رسالة سامية مرتبطة بالمجتمع الذي نريده ونطمح إليه.
وأعرب الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عن أسفه لكون النموذج الذي يجسده أحمد بوكيوض أصبح عملة نادرة، وهو ما يفرض في نظره، على الجميع العمل من أجل إحياء هذا النموذج ومن أجل إحياء هذه الروح التي مكنت الصحافة الوطنية على الرغم من الصعوبات، لمدة سنوات، من أن تشق طريقها إلى اليوم، مشيرا إلى أن هناك قضايا أساسية يتعين أن تناقش، في أفق بلورة وعي جماعي بضرورة إحداث قفزة نوعية وأساسية وأن تتضافر الجهود على هذا المستوى، لأنه ليس هناك نضال وحضور إعلامي دون مواكبة للنضال السياسي ودون مواكبة للقضايا الديمقراطية الأساسية.
إن الصحافة في نظر محمد نبيل بنعبد الله، هي في نهاية المطاف أداء رسالة والتزام نضالي، وبالتالي، يضيف المتحدث، ليست هناك ديمقراطية دون إعلام مستقل قوي يلعب دوره الحقيقي في مساءلة الفضاء السياسي، لكن ليس في تضاد مع هذا الفضاء أو في بحث دائم عن تشويهه، مشيرا إلى أن الفضاء الإعلامي والفضاء السياسي يوجدان في مركب واحد يتعين على الجميع أن يوصله إلى بر الأمان من أجل بناء المجتمع الديمقراطي الذي نطمح إليه.
الاستمرارية والثبات على المواقف
من جانبه، أكد إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، على أن المناضل والصحفي أحمد بوكيوض يمثل الاستمرارية والثبات على المواقف والالتزام، مشيرا إلى أن الرجل يشكل نموذجا للمناضل الملتزم والمتزن في الوقت ذاته، يحترم مواعده بشكل صارم، كما يحرص على أداء مهامه التي التزم بها في إطار عمله السياسي والنضالي بشكل دقيق.
بدوره قال رئيس نادي الصحافة بالمغرب رشيد الصباحي، “إن الزميل أحمد بوكيوض يعتبر واحدا من رموز الصحافة الوطنية، وأن نادي الصحافة وهو يكرم هذا الفاعل الإعلامي الذي بصم المشهد الإعلامي الوطني طيلة مساره المهني في جريدة بيان اليوم، فهو اعتراف وعرفان بكل ما قدمه من أجل الصحافة الوطنية”.
ومن جانبه، ذكر أحمد زكي عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ومدير النشر الأسبق لجريدتي البيان وبيان اليوم، بمناقب أحمد بوكيوض وإسهاماته في الحقل الإعلامي مشيرا إلى أن مناسبة تكريم المناضل والصحفي أحمد بوكيوض هي لحظة بوح واعتراف بكل ما قام به طيلة مسيرته الصحفية والنضالية.
وأضاف أحمد زكي أن هذه المبادرة هي خير ما يمكن أن يحتفظ به للأجيال الصاعدة حتى لا يضيع إرث جيل نهاية القرن الماضي الذي يعود له الفضل في بناء المغرب الحديث، مشيرا إلى أن ميدان الصحافة والإعلام هو في حاجة إلى مساندة قوية من طرف القوى السياسية التي تؤمن بالديمقراطية، وأعرب عن أسفه، للظروف الصعبة التي باتت تهدد الصحافة الوطنية في وجودها واستمرارها، مؤكدا على استحالة البناء الديمقراطي دون دعم ومساندة للصحافة في ممارسة وظائفها بكل بحرية واستقلالية.
وبالنسبة للصحافي محمد الروحلي، فإن المحتفى به أحمد بوكيوض الذي اشتغل إلى جانبه في جريدة بيان اليوم، يعتبر مرجعا في الاستشارة، وهو بمثابة الأخ الأكبر والزميل الذي يرجع إليه في كل صغيرة وكبيرة.
وبحسب شهادة الصحفي جمال الدين فلحي الصحافي بوكالة المغرب العربي للأنباء، فإن أحمد بكيوض يعد من الأقلام الحاملة لهموم الوطن والمواطنين، وسخر كتابته من أجل ترسيخ الديمقراطية، مشيرا إلى أن أحمد بوكيوض ظل وفيا لأفكاره ولحزبه وليومية بيان اليوم لأكثر من ثلاثين سنة.
وخلال هذه الحفل التكريمي الذي أدارته الزميلة مليكة حاتم، أثنى محمد برادة الرئيس الشرفي لنادي الصحافة بالمغرب، على مسار الصحفي أحمد بوكيوض مشيدا بعطاءاته من أجل تطوير الممارسة الصحفية بالمغرب على أساس المهنية والالتزام بقضايا الوطن والشعب.
تحديات ورهانات الصحافة
وفي المحور الثاني من برنامج هذا اللقاء، الذي افتتحه كل من محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية ورشيد الصباحي رئيس نادي الصحافة بالمغرب، تم طرح موضوع “الصحافة بالمغرب.. تحديات ورهانات” للنقاش من خلال مساهمة الزميلين الحسين الشعبي الكاتب والصحافي والمنسق الوطني لقطاع الثقافة والفنون والاتصال لحزب التقدم والاشتراكية، وجمال محافظ الكاتب الصحفي وعضو بنادي الصحافة بالمغرب، تم التطرق خلالها إلى جملة من التحديات التي باتت تواجه الحقل الإعلامي والصحفي ببلادنا.
وفي السياق ذاته، قال الحسين الشعبي “إن الصحافة بكل أجناسها هي الواجهة التي نقيس من خلالها درجة رقي المجمعات ومنسوب الوعي لدى الشعوب.. وكذلك وأساسا مدى توفر الديقمراطية والحرية في أي بلد أو أي نظام سياسي” مشيرا إلى أن الصحافة بهذا المعنى، هي عنوان للديمقراطية والحرية والحق في التعبير والرأي والإبداع.
وأضاف الحسين الشعبي أن الصحافة توجد، حسب أدوارها، في موقع حساس يجعلها دائما تكون مستهدفة من قبل أولائك الذين لا مصلحة لهم في وجودها أي أن وجودها يهدد ويخالف مصالحهم لأنهم أعداء الرقي والوعي والتقدم وهم خصوم الديمقراطية وخصوم الحرية.
وبحسب الحسين الشعبي فإن حزب التقدم والاشتراكية يقارب الموضوع من زاوية تمزج بين الوجه الحقوقي والوجه السياسي الديمقراطي، مشيرا إلى أن مختلف أدبيات الحزب منذ سبعينيات القرن الماضي تضع الصحافة على رأس القضايا الثقافية والمجتمعية التي تستأثر باهتمام مناضلات ومناضلي وأطر حزب التقدم والاشتراكية.
وأورد الحسين الشعبي جملة من التحديات المتداخلة التي تواجه الصحافة الوطنية، أبرزها التحدي المرتبط بالمستوى الحقوقي ومستوى الحريات، مشيرا إلى أن هناك تناقضا على هذا المستوى بين قيمة التراكمات والمكتسبات الحقوقية وأهمها الدستور الجديد، والتراجعات التي يعرفها المجال في واقع الممارسة، مشيرا إلى أن هناك انحباسا سياسيا وحقوقيا يسجله حزب التقدم والاشتراكية في السنوات الأخيرة، وهو ما يؤشر في نظره إلى بروز واقع جديد في ممارسة الحريات الفردية والجماعية الذي سيتسم بالتضييق والخناق وانتهاك وحقوق الإنسان.
ومن بين التحديات التي ساقها الحسين الشعبي في معرض مداخلته، تحدي التمويل الذي يطرح معه إشكالية الوجود والحياة والانعكاس السياسي السلبي لذلك، وهو يعني يضيف المتحدث، إقصاء الرأي وعدم حماية التعددية والاختلاف والأصوات والأقليات، مشيرا إلى أن ذلك يطرح تحديا آخر مرتبطا بضعف الاستهلاك، وهو ما يترجم ضعف الإقبال الجماهيري على القراءة، وهو ضعف قال الشعبي “إنه ضعف عام يطال الصحف والمجلات والكتب والسينما والمسرح ومعظم الأنشطة الثقافية ويكاد يمس كل الفئات الاجتماعية بمن فيها ذوو الشهادات العليا والجامعيون”.
واقع الإعلام
من جانبه، اختار الكاتب الصحفي جمال محافظ، عضو نادي الصحافة بالمغرب، مقاربة موضوع موقع الإعلام من خلال تقرير مشروع النموذج التنموي، الذي جاء في توصيفه للقطاع أن “الإعلام أداة للإخبار والنقاش العام وتحيين السياسة العمومية للاتصال من أجل تحديد نطاق المرفق العام لوسائل الإعلام وتحديد الحكامة وطرق التمويل التي يجب أن تسمح باعتماد نموذج تنموي اقتصادي، تتوفر له فرص الاستمرار”.
ولفت محافظ إلى أن التقرير الخاص بالنموذج التنموي اعتبر الإعلام إطارا فعالا للتعاون مع الحكومة واستقلالية التسيير ومواكبة تحوله الرقمي والتحفيز على الابتكار والجودة مع تقوية العرض الإعلامي الجهوي، إلا أن عديد نواقص شابت تعاطي التقرير مع الإعلام، حيث اكتفى باستعمال جمل وعبارات فضفاضة في توصيف القطاع، ولم يخض في القضايا الجوهرية التي تهم واقع الإعلام.
وسجل محافظ في هذا الصدد أن التقرير لم يشر إلى الآليات والسبل الكفيلة بجعل الإعلام بالفعل، أداة للإخبار وفضاء يسمح لكافة الفاعلين والحساسيات للتعبير عن آرائها، بل لم يشر إلى كيفية تحول وسائل الإعلام، خاصة السمعية البصرية، إلى فضاء حقيقي للنقاش العمومي، كما لم يحدد بالضبط مكامن الضعف القائم في السياسات العمومية في مجال الإعلام، أساسا ما يتعلق بالحكامة والاستقلالية التحريرية والجودة والعرض الإعلامي المنشود.
وسجل محافظ، أن مشروع النموذج التنموي، استند على قاموس تقدمي في الصياغة إلا أنه يلاحظ في المقابل أن بعض مفاهيمه أفرغت من محتواها، كما حصل مع مفهوم “السيادة الوطنية واقتصاد الريع والعدالة الاجتماعية”، فضلا عن افتقاد التقرير للجرأة الكافية وتجنب الخوض في القضايا التي تمس عمق المشاكل، مشيرا إلى أن تشريحه للواقع كان صائبا إلا أن اقتراحاته في المجمل ظلت مجرد متمنيات.
يشار إلى أن هذا اللقاء يندرج ضمن سياق تحضير حزب التقدم والاشتراكية لمؤتمره الوطني الحادي عشر الذي سيلتئم أيام 11 و12 و13 نونبر الجاري ببوزنيقة، كما يندرج ضمن برنامج عمل نادي الصحافة بالمغرب المتعلق بتنظيم لقاءات مشتركة مع الهيئات السياسية والمنظمات النقابية والثقافية والإعلامية ببلادنا.
> محمد حجيوي
> تصوير: رضوان موسى