اليوم الثامن:
افتتح اليوم الثامن بمحاضرة: “الحكمة الطاوية: الدلالات والرموز”، التي ألقاها عبد المجيد الجهاد، المدير المغربي لمعهد كونفوشيوس بالدار البيضاء، وأستاذ الفلسفة والحكمة الشرقية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، والذي أكد على أن موضوع الحكمة الطاوية يندرج في سياق المقاربات المتعددة التي تتخذ الفكر الشرقي والصيني على وجه التخصيص موضوعا للبحث والدراسة، إذ تأتي هذه المقاربات كشكل من أشكال رد الاعتبار لتاريخ الأمم الشرقية التي كرس الغرب حولها مقولات رسخت في الأذهان والتصورات، وقامت بتهميش هذه المجتمعات وإقصاء فكرها وبناء صورة سلبية عن تاريخها، معتبرا الحديث عن الحكمة الطاوية مدارا لإشكالات عديدة، من بينها أوجه العلاقة بين الحكمة والفلسفة، ثم الإشكال المتعلق بتأويل المفاهيم الطاوية. كما تطرق الباحث إلى أهم مبادئ الفلسفة الطاوية والتي من بينها ثنائية قطبية الوجود ووحدة متناقضات الوجود والقول بنسبية الحقيقة، واختتم اللقاء بفتح باب النقاش لجمهور الطلبة الذي أثث فضاء المعرض.
وكان الموعد بعد ذلك مع ندوة نظمتها مؤسسة محمد الزرقطوني للثقافة والأبحاث، في موضوع “المغرب تحت الاستعمار- سياقات فقدان البلاد وانفجار حركة المقاومة المسلحة الأولى”، وقد شارك في هذه الندوة كل من صالح شكاك الذي تطرق إلى الإرهاصات الأولى للمقاومة المسلحة بالمغرب، التي انطلقت بحسب رأيه منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
وأكد الباحث في خضم كلامه أن الاستعمار الفرنسي تسرب إلى المغرب عبر الجزائر، إذ عادة ما يقرن الدارسون حركة المقاومة مع احتلال الدار البيضاء ووجدة، وغالبا ما يعودون إلى الكتابات الفرنسية بهذا الصدد، لأن المستعمر الفرنسي كان يمتلك تقارير مفصلة حول البلاد قبيل الاستعمار، لذلك يلجأ بعض الباحثين للتأريخ للمقاومة معتمدين هاته التقارير، وهذا ما يخلق – حسب رأيه ـ مشاكل متنوعة، لأنه بهذا الصنيع نكتب التاريخ الذي أراده المستعمر وكرس له، في حين أصبح لدينا الآن من التراكم ما يسمح بالاستغناء عن تلك التقارير الاستعمارية، وكتابة تاريخ ينصف أولئك المهمشين من المقاومين الذين ماتوا أو أسروا والذين غيبهم التاريخ الرسمي الذي ركز على المقاومين الكبار من الفئة المثقفة، وتناسى ضعفاء المقاومين وأسقطهم من تاريخ المقاومة، كما أسس لمقاومة مناطق على حساب أخرى، ومن ذلك إغفال ذكر المقاومة بمنطقة الشاوية ورديغة.
أما أمين الكوهن فتطرق في كلمته إلى مساهمة اليهود المغاربة في الحركة الوطنية والتي اتسمت بالمحدودية مقارنة بالعدد الإجمالي لليهود آنذاك، مشيرا إلى أن التحاق اليهود بالحركة الوطنية كان بشكل متأخر حتى الخمسينات من العشرين، وفي هذا الصدد رصد الباحث مسار أنشطة الجماعة اليهودية بالمغرب منذ عهد الحماية السلطانية إلى سنة 1907، مركزا على ردود فعل اليهود تجاه الاحتلال الفرنسي وامتناعهم عن التوقيع على عريضة الاستقلال؛ لخشيتهم من تبعات وتطورات الأوضاع واحتمال وصول البلاد إلى وضعية حرجة إذا غادر الفرنسيون المغرب. وتطرق الباحث إلى بعض من مظاهر انخراط اليهود المغاربة في النضال الوطني ومن بينها الانتماء إلى النقابة.
افتتح هذا اللقاء عبد الله حارص الذي أشار إلى فصول كتاب “مسيرة وطني أصيل”، والتي تتمحور حول تيمة الاستعمار، والكفاح المسلح، محاولا تقريب الحضور من السيرة الذاتية لعبد القادر تاج الدين، ابن المدينة القديمة الذي تلقى تعليمه الأولي بمدرسة الضيعة بالبيضاء، واستكمل دراسته الثانوية في ثانوية الخوارزمي، وكان عضوا في حزب الاستقلال، ولعب دورا كبيرا في حملات التعبئة والتأسيس لمقاطعة الفرنسيين، وجلب الأسلحة من القاعدة الأمريكية في القنيطرة. ومن أهم خلاصات الكتاب أن المناضل تاج الدين كانت له روح المبادرة الوطنية، والعمل الجمعوي، والاستعداد للعطاء، والعمل على تحقيق المطلب الأول للمغاربة وهو تحقيق الاستقلال.
وتكلم المناضل عبد القادر تاج الدين عن الأسباب التي دفعته للمشاركة في صفوف الحركة الوطنية، وخاصة الظرفية التي انتقل فيها الراحل محمد الخامس لمدينة طنجة إبان حادثة سابع أبريل، والتي أسفرت عن ضحايا كثر وبطريقة همجية. كما سلط الضوء على كيفية نقل الأسلحة من القنيطرة وعن المناوشات مع المستعمر، ودعوة المغاربة لكي يقاطعوا السلع الفرنسية. وشوقت هذه المعطيات الحضور لمعرفة المزيد عن الحركة الوطنية، مما دفع منسق اللقاء أن يفتح باب النقاش مع الحضور.
والتقى رواد المعرض ضمن فعاليات اليوم نفسه، مع صالح شكاك لتقديم كتابه الصادر مؤخرا “المسهب في أسرار المغرب أو المغاربة كما هم”، وأحاط منسق اللقاء شعيب حليفي في كلمته بالمسار الجامعي للباحث، معتبرا أن كتابه قد أسس لمنطقة ورديغة برؤى منهجية وأكاديمية جديدة، حيث اختار المؤلف هذه المنطقة الشائكة لكونها تحتضن مزيجا معرفيا وسياسيا وتراثيا. وقد وقف حليفي عند عنوان الكتاب مقدما بذلك مقاربة تأويلية وتحليلية حاول من خلالها الربط بين العنوان والسياق الثقافي المشكل للكتاب عامة، كما عمل على ربط العلاقة المنهجية بين فصول الكتاب الذي يؤرخ لتاريخ المغرب في جوانبه السلبية والإيجابية. أما صالح شكاك فتحدث عن المصدر الأساسي الذي جاءت منه فكرة الكتاب وخاصة اطلاعه على كتاب “المستطرف الجديد” للهادي العلوي، واعتبر أن الكتاب لا يؤرخ بشكل دقيق؛ بل هو كتاب غرضه الأساس إمتاع قارئه.
وعُقد بتنسيق من عزيز المجدوب اللقاء الذي جمع الفنان عبد العظيم الشناوي بضيوف المعرض الوطني للكتاب المستعمل، وأكد منسق اللقاء أن الغرض هو استحضار الجوانب الخفية التي عاشها الفنان في معقله بدرب السلطان. وقدم الفنان عبد العظيم الشناوي لمحة عن ذكرياته بدرب السلطان، وعن تجاربه المسرحية الأولى وكيف انتقل من كونه أحد هواة المسرح إلى محترف له، ثم ممثل. كما حاول في الأخير رصد مراحل تطور التلفزة المغربية منذ مرحلة الاستقلال إلى يومنا هذا.
4/12 إنجاز: محمد محي الدين