حصيلة الرياضة الوطنية خلال سنة 2020.. سيئة الذكر

نودع جميعا واحدة من أسوأ السنوات قتامة في تاريخ البشرية 2020، خلفت الكثير من الأحزان والصدمات، توقفت خلالها الحركة في جل بقاع العالم، وفرض على الجميع حجر صحي قاس، وتساوى الغني والفقير في تحمل المعاناة، وحالات الخوف والذعر، بل الكل أجبر على تطبيق الإجراءات والتدابير الموصى بها، ولو على مضض.
فقدنا خلال هذه السنة أحباء والكثير من الأصدقاء الأعزاء، ودعنا بكثير من الأسى والأسف شخصيات وطنية وازنة، ولا زال الوضع مرشح للكثير من الخسائر، في انتظار اللقاح الذي يترقبه العالم أجمع، قصد إنقاذ الملايين بكل أرجاء المعمور.
سنة 2020 توقفت الحركة كليا، وأصبح القيام بأي نشاط كيفما كان نوعه أو وزنه أو قيمته، يعد استثناء، بعد أن أجبرت ظروف الوباء اللعين، على توقف كلي للحركة، والاكتفاء بتعويض الحضور الفعلي بالتواصل عن بعد، واللجوء لحل تقنية الفيديو، والاستغلال الأمثل لتقنية التواصل المرئي، وهو ما خفف نوعا ما من وطأة الظروف القاسية، وحالات الإغلاق والمنع والحجر.
الرياضة، وعلى غرار باقي القطاعات، سواء الاجتماعية أو الفنية والاقتصادية والتجارية والسياسية، تأثرت بدرجات متفاوتة. ورغم المجهود الذي بذل، ورغم التضحيات المقدمة على أكثر من صعيد، فإن التأثير كان واضحا، والانعكاسات لن يتم يتجاوزها بسهولة، إذ سيتطلب الأمر سنوات طوال، وربما عقودا من الزمن.
وتوقفت الرياضة الوطنية في جل الأنواع، وأدى الممارسون والمدربون والأطر الإدارية والطبية، وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بالمجال الرياضي الضريبة غاليا، فهناك من فقد مصدر عيشه الوحيد، كما تعرضت عائلات للتشرد والتفرقة.

وحدها كرة القدم، استطاعت أن تستأنف لو بصعوبة نشاطها، ففي البداية ساد الاعتقاد، بكون التوقف هو الحل الوحيد، حيث ارتفعت أصوات مطالبة بـ “عدم المغامرة”، ومن الأفضل في نظر البعض، اللجوء لخيار الموسم الأبيض، كأفضل حل في ظل الظروف الصعبة، إلا أن العزم كان أكيدا من طرف جامعة كرة القدم وبالأخص رئيسها فوزي لقجع، الذي آمن حتى النخاع بإمكانية تحقيق النجاح و التفوق في ركوب التحدي.
واستطاع لقجع إقناع الحكومة بأهمية استئناف نشاط كرة القدم في جل الأقسام، رغم صعوبة المهمة وتكاليفها المالية، وبالفعل نجح في ربح الرهان الصعب، ساعده في ذلك سهولة وصوله إلى مصادر القرار، وإجادته طرق الإقناع، وهذا ما تحقق، ليعد المغرب من بين الدول القليلة عربيا وإفريقيا، التي استطاعت تكملة بطولات كرة القدم، بل هناك دولا أوروبية عجزت عن ذلك، كفرنسا وهولندا وبلجيكا على سبيل المثال.
وخلال سنة 2020، تألق منتخب كرة القدم داخل القاعة، إذ فاز بكأس إفريقيا للأمم الذي أقيم بمدينة العيون، مما أهله لمونديال القادم، كما توج فريق نهضة بركان في كأس الاتحاد الإفريقي، حيث فاز لأول في تاريخه بلقب قاري، تأهل ناديا الرجاء والوداد لنصف نهاية عصبة الأبطال الإفريقية، كما لعبت حسنية أكادير نفس الدور في كأس الكاف.
تمكن أيضا المنتخب الأول من التقدم في ترتيب الفيفا، فلأول مرة ومنذ سنوات، استطاع احتلال مركز مشرف دوليا، ومتقدم قاريا، وتأهل منتخب أقل من عشرين سنة لكأس إفريقيا للأمم، حدث هذا قبل انتهاء السنة بأيام معدودات، تأهل جاء بعد غياب دام 15 سنة كاملة، في نفس الإطار، نسجل تأهل المنتخب المحلي لنهائي كأس إفريقيا بالكامرون، وهو حامل اللقب.
ومن مميزات حصيلة السنة كذلك، هناك تسجيل اسم كرة القدم المغربية ضمن خانة الصفقات الأبرز على الصعيد الدولي، وذلك بفضل مجموعة من الانتقالات المهمة، من بينها صفقات كل من حكيم زياش، أشرف حكيمي وسفيان أمرابط، وبمبالغ مالية كبيرة، وهذه القيمة تسجل لأول مرة في تاريخ كرة القدم الوطنية.
ووطنيا توج فريق الرجاء البيضاوي بطلا للمغرب، وهو مؤهل أيضا لنصف نهاية كأس العرب، حيث سيواجه الإسماعيلي المصري.
بالنسبة لباقي الرياضات، هناك تأهل منتخب كرة اليد للمونديال بمصر، وهذا إنجاز، سمح بعودة هذه الرياضة للواجهة الدولية.
باستثناء إنجاز منتخب كرة اليد، سجل بباقي الرياضات تحرك جد محدود، خاصة على المستوى الفردي، إلا أن الأمر لا يرقى إلى مستوى تطلعات المتدخلين وطموحات الرياضيين.
ننتظر سنة 2021، على أمل أن تنسينا كل المآسي والأحزان ولحظات الحزن عشناها خلال عام مضى، سنحاول محوها من الذاكرة، حتى وإن كان الأمر صعبا وصعبا جدا، وهذا طبيعي، ما دام المصاب جلل.

< محمد الروحلي

***

الرياضة المغربية تودع سنة 2020 “عام كورونا”

تطوي الرياضة الوطنية صفحة سنة أخرى في حياتها، وهي في عمر الـ 64 منذ استقلال الوطن، حيث نشر الإتحاد الإفريقي لكرة القدم خارطة المغرب كاملة، وينضاف إلى هذا الحدث اعتراف الإتحاد الدولي ل الكرة “فيفا” وترخيصه للمغرب باستضافة منافسات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة بمدينة العيون السنة الماضية، وهي ذات البطولة التي شهدت تنظيما رائعا وشارك فيها جل المنتخبات الإفريقية، وفي ذلك رسائل وإشارات لمن يهمهم الأمر.
سنة 2020 “عام كورونا”، لم تسلم فيها الرياضة من أضرار ومعاناة الجائحة على غرار المجالات الأخرى لكن وبحكمة مسؤولي المؤسسات الرياضية سجلت رياضتنا الحضور وطنيا و دوليا ضمن مختلف المؤسسات، منذ إعلان وزير الشباب والرياضة والثقافة استئناف الأنشطة الرياضية في 23 يونيو الأخير.. وتابع الجميع كيف استأنس الرياضيون بالالتزام بالبروتوكول الصحي واحترامه في مختلف الملتقيات، مما مكن من إستكمال مختلف الدوريات في مختلف الرياضات.

وفي كرة القدم، عملت الجامعة الملكية المغربية على التدبير الجيد للوضعية وحددت مساحة زمنية مدتها 81 يوما، بين 25 يوليوز و 13 أكتوبر لإتمام الموسم، والتزمت بذلك رفقة الأندية رغم إكراه الإصابات العديدة.. وانتهى الدوري الاحترافي الأول بفوز الرجاء باللقب، كما حقق فريقا المغرب الفاسي وشباب المحمدية الصعود والعودة إلى حظيرة الكبار وأنهت أندية الهواة وكذا كرة القدم النسوية موسمها… وتابعنا كيف تألقت كرة القدم المغربية قاريا ببلوغ أربعة أندية نصف نهائي مسابقتي كأس الكاف ودوري أبطال إفريقيا وهم الوداد، والرجاء، وحسنية أكادير، ونهضة بركان.
وتمكن نهضة بركان في ذات السنة، من التتويج بكأس الإتحاد الإفريقي لأول مرة في تاريخه منذ توقيع الميلاد سنة 1971، قبل أن يفلح المنتخب الوطني لكرة القدم تحت 20 سنة من التأهل للمشاركة في كأس أمم إفريقيا الذي ستقام بموريتانيا 2021، واحتلال المنتخب الأول الرتبة الـ 35 في تصنيف الفيفا لشهر دجنبر.
وأحرز منتخب كرة القدم النسوية لقب بطولة شمال إفريقيا عقب الفوز على منافسيه، كما توج منتخب كرة القدم داخل القاعة بكأس أمم إفريقيا في مدينة العيون، وهو ثاني لقب قاري في رصيده مما يمنحه بطاقة المشاركة في المونديال القادم، دون نسيان الجامعة وحضورها المميز في مؤسسة “كاف”، بعدما فوزي لقجع ترشيحه لعضوية المكتب التنفيذي لـ”فيفا” عبر الجمعية العمومية للكاف المقررة في الرباط يوم 12 مارس 2021.
وفي رياضات أخرى تحققت نتائج هامة في الرياضات الدفاعية كالكاراطي والتايكواندو وغيرها، وفي كرة اليد ضمن المنتخب الوطني المشاركة في المونديال القادم – مصر 2021، حي يشارك في الحدث الدولي للمرة السابعة، وذلك باحتلاله رتبة ضمن الستة الأوائل في كأس أمم إفريقيا بتونس.
وفي الكرة الطائرة، انتخبت المغربية بشرى حجيج رئيسة الجامعة الملكية المغربية للكرة الطائرة في أكتوبر الأخير، رئيسة للإتحاد الإفريقي بالفوز على منافسها المصري عمر علوان الذي ترأس المؤسسة لمدة 19 سنة، و فازت عليه بـ 42 صوتا مقابل 12.
وشهدت نفس السنة “عام كورونا”، تأجيل الألعاب الأولمبية في مارس الأخير وكانت مقررة في طوكيو في الفترة بين 24 يوليوز و09 غشت 2020، وتقرر تحويلها إلى السنة القادمة، في وقت يستمر الرياضيون المؤهلون تداريبهم بدعم مادي ومعنوي من المؤسسات المعنية.
ووطنيا، ودعت الرياضة مجموعة من الأسماء انتقلوا إلى دار البقاء من بينهم العربي شباك، وحميد دحان، ومنير لبرازي، وسعيد بوحاجب، وشاكر بنجلون، ومحمد شهبي، ومحمد بنزاكور، ومحمد بناني، ومحمد أبرهون … تغمدهم الله بواسع رحمته.
وفي “عام كورونا”، تكون المؤسسات الرياضية قد استخلصت دروسا وخاصة عند توقف الأنشطة الرياضية وتوقف معها العائد المالي وهذه المؤسسات تفتقر لموارد قارة موازية، وواجهت معاناة لكونها بدون مشاريع مذرة للربح في مجالات استثمارية أخرى، مما جعلها تنتظر مبادرات الحكومة والوزارة الوصية والجامعات، والفترة الصعبة تفرض التفكير جيدا مستقبلا في مواجهة القوة القاهرة المحتملة.
2020 سنة صعبة بإكراهات غير مسبوقة، جسدت الدرس والاختبار للمجتمع الرياضي المغربي، والأمل أن يستمر التوهج اعتمادا على الجدية والاجتهاد في التكوين وصناعة الأجيال مع إستقبال السنة الجديدة، السنة التي نتمناها سعيدة.

< محمد أبو سهل

Related posts

Top