«حقوقنا وحرياتنا دائما» شعار اليوم العالمي لحقوق الإنسان

بيان24: حسن عربي

تحت شعار: “حقوقنا وحرياتنا دائما”، يخلد المغرب على غرار باقي دول المعمور، يومه الخميس عاشر دجنبر، الذكرى السابعة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تبنته الأمم المتحدة في 10 دجنبر 1948 بباريس، وهي مناسبة تقف فيها الشعوب من خلال حكوماتها ومنظماتها الحقوقية وكل المدافعين عن حقوق الإنسان، لتشخيص الواقع الحقوقي سواء على مستوى المكتسبات التي يجب تحصينها أو المطالب التي يتجدد التأكيد عليها في أفق تحقيقها. ويهدف شعار الاحتفال هذه السنة، إلى إذكاء الوعي” العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الذكرى السنوية الـ 50 لهما، واللذين اعتمدتهما الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966. وستركز الحملة التي ستمتد على مدار العام على موضوع الحقوق والحريات (حرية التعبير وحرية العبادة وحرية التحرر من العوز وحرية التحرر من الخوف) لما لهذه الحقوق من أهمية  سواء في الزمن الحاضر، أو قبل خمسين سنة حين تم اعتمادهما.
وإذا كان المغرب قد انخرط منذ سنوات في إصلاح مجال حقوق الإنسان، سواء في المجال الدستوري أو التشريعي أو المؤسساتي، وبذل مجهودات لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، فإن الوضع الحقوقي في أعين الجمعيات الحقوقية، ما يزال يثير الكثير من القلق وعلامات الاستفهام، خصوصا في مجالات الحقوق والحريات، مما يتطلب من الدولة انفتاحا على المجتمع المدني والحقوقي، من أجل بناء جسور الثقة، والمساهمة بشكل مشترك في تحقيق مضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
ففي المجال الدستوري، ساهم دستور 2011 بشكل كبير في ترسيخ المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، المتمثلة في الكونية والمساواة وعدم التمييز، إضافة لتوسيع مجال الضمانات الدستورية لمختلف الحقوق، سياسية  أو مدنية كانت أو لها علاقة بالحقوق سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو البيئية.
كما جعل الدستور من البرلمان المصدر الوحيد للتشريع، مع توسيع الصلاحيات التنفيذية للحكومة، وتعزيز استقلالية القضاء، إلى جانب منح وضع اعتباري لمؤسسات دستورية أضحت بفضله تمثل قوة اقتراحية وازنة، مثل الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وغيرها.
وعلى المستوى التشريعي، تمت ملاءمة التشريع الجنائي مع الدستور والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان (مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية…)، وإعداد القانون جديد خاص بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان بوصفه مؤسسة دستورية، وإعداد مشاريع قوانين حول الطب الشرعي والصحة العقلية على ضوء التقارير الموضوعاتية المعدة من قبل المجلس.. فضلا عن عدد كبير من القوانين والاتفاقيات الدولية التي لها صلة بحقوق الإنسان، والتي صادق عليها المغرب كقانون العدل العسكري الذي تمت صياغته بشكل يكاد ينسجم كليا مع منظومة حقوق الإنسان باستثناء بقاء عقوبة الإعدام، إضافة إلى مصادقته على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الاختيارية في مجال الحريات الشخصية والحريات الفردية والجماعية كالاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، ورفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء.
وفي هذا الصدد، قال المحجوب الهيبة، المندوب الوزاري للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، إن المغرب متشبث بحقوق الإنسان في شموليتها، ومنخرط في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وملتزم في الوقت نفسه بتطوير التعاون المستمر مع منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وذلك وعيا منه بأهمية كونية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزيء.
وأضاف المندوب الوزاري، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أمس الأربعاء، أن تعاون المغرب مع مختلف هذه الهيئات والآليات الأممية يظل متواصلا سواء تعلق الأمر بمجلس حقوق الإنسان أو هيئات المعاهدات أو الإجراءات الخاصة أو مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، موضحا أن المغرب صادق على جل الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان المقرونة بآليات مراقبة تنفيذ مقتضياتها، كما حرص على مواصلة انخراطه في هذه المنظومة بمصادقته أو انضمامه إلى باقي البروتوكولات الاختيارية ولا سيما البروتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة إضافة إلى التوقيع على البروتوكول الاختياري الثالث للاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل بشأن مسطرة تقديم البلاغات. وأكد المتحدث، أن المغرب قدم 45 تقريرا دوريا في إطار هذه الاتفاقيات وفي إطار آليات الاستعراض الشامل، إضافة لاستقباله 10 إجراءات خاصة منذ مطلع الألفية الجديدة و6 إجراءات منذ اعتماد الدستور الجديد.
واعتبر  المحجوب الهيبة، أن إحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، قبل أربع سنوات، كآلية لتأمين التنسيق والتتبع وإعداد ومتابعة تنفيذ السياسة الحكومية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وحمايتها والنهوض بها، مكن من مواصلة تقوية التفاعل البناء بين المغرب ومنظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
من جهة أخرى تحدث المندوب الوزاري عن الخصائص الرئيسية للممارسة الاتفاقية للمغرب وتدبير التفاعل مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، والتي عرفت في نظره، تحولا كبيرا منذ التسعينات بعد البطء المسجل في الانخراط في هذه المنظومة، إلى جانب تدارك التأخر الحاصل في تقديم التقارير الدورية. وسجل المتحدث أيضا، وجود نوع من التفاوت في التقارير الحكومية والتقارير الموازية على مستوى الجودة وضعف تأثير التفاعل على مستوى نشر والتعريف بالتقارير إلى جانب تباين مستويات تملك هذه الآليات على مستوى العديد من الفاعلين. كما تطرق إلى التحديات الرئيسية للوفاء بهذه الالتزامات طبق الآليات الأممية ومنها تحدي مؤشرات القياس وانسجام التفاعل وبشكل خاص على مستوى تتبع تنفيذ التوصيات وآليات التظلم والإنصاف خاصة بعد انخراط المملكة في المصادقة أو الانضمام للبروتوكولات الاختيارية وضعف المواكبة الأكاديمية وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان.
لكن في نظر الجمعيات الحقوقية، ما تزال هناك قضايا عديدة لم يتم الحسم فيها، كما هو الشأن بالنسبة  لبعض توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة منذ سنة 2005، كمصير بعض المختفين ووضع استراتيجية وطنية واضحة لعدم الإفلات من العقاب، واستمرار التضييق على نشطاء حقوق الإنسان، وبعض المنظمات الدولية، كما هو الحال بالنسبة لمنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان HRW؛ وتسجيل العديد من حالات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز أو السجون، والاعتداء على الحق في التنظيم والتجمع والتظاهر السلمي. ونهج سياسة عدم الإفلات من العقاب كسلوك في جميع القضايا المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
فيما ذهبت جمعيات أخرى، إلى أن هناك تأخرا في إخراج العديد من القوانين التنظيمية المكملة للوثيقة الدستورية، (كالقانون التنظيمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات، القانون المتعلق بتقديم العرائض والملتمسات، قانون الإضراب..)، إضافة إلى تأخرصدور نصوص قانونية جوهرية أخرى مرتبطة بتعزيز الديمقراطية التشاركية أو بحقوق النساء وبعض الفئات المجتمعية أو بتشكيل بعض المجالس الاستشارية (قانون الحق في الحصول على المعلومة، القانون المحدث لهيئة المناصفة، قانون مناهضة العنف ضد النساء، قانون الخادمات والعمال المنزليين،…).

Related posts

Top