نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية بالمحمدية، ندوة حول المشاركة الفعلية للشباب والأطفال في مجال حقوق الإنسان، حيث أطر ورشة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشباب الأستاذ محمد الداودي أستاذ القانون الإداري والعلوم الإدارية بالكلية والأستاذ حسام هاب عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء سطات، حيث تناول الأستاذ الداودي الجانب المتعلق بالتأطير النظري والعلمي للموضوع من خلال تعريف المفاهيم والمرجعيات الحقوقية الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشباب والمرجعيات الوطنية القانوية والدستورية لهذه الحقوق بالمغرب، إضافة إلى تقديم صورة عامة عن وضعية هذه الحقوق بالمغرب في علاقتها بالشباب وأهم الاقتراحات والتوصيات لتفعيلها
من جهته، أطر الاستاذ حسام هاب المجموعة التفاعلية الخاصة بموضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشباب من خلال نقاش تفاعلي مع الطلبة والطالبات عبر طرح 3 قضايا للنقاش: تصور الشباب للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السياق الراهن؛ القضايا والحقوق ذات الأولوية بالنسبة للشباب والتي تشكل قاعدة للمشاركة ومنطلقا لها، وأخيرا مداخل مشاركة الشباب وآلياتها من فعلية هذه الحقوق في السياسات العمومية.
وأوضح الأستاذ سعيد خمري، مدير مختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية الحقوق بالمحمدية، أن الهدف من هذه الورشات لا يقتصرعلى تقديم دروس نظرية للطلبة، بل يرتكز على التفاعل المباشر معهم، والاستماع إلى احتياجاتهم وأولوياتهم المتعلقة بالمشاركة الفعلية في قضايا حقوق الإنسان.
وأبرز خمري، أن هذه الندوة والورشات المشتركة مع اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان تسعى إلى الخروج بتوصيات ملموسة من طلبة كلية الحقوق حول مواضيع السياسات العمومية ودور الشباب في تعزيزها.
وأكد الأستاذ خمري، منسق ماستر العلوم السياسية والعمل البرلماني، أن هذا اللقاء قد يشكل انطلاقة لمسار جديد في البحث الأكاديمي، بالشراكة بين مختبر القانون العام وحقوق الإنسان واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء-سطات، مشيرا إلى أن التطورات الراهنة تفرض إعادة النظر في مفهوم الفضاء العمومي، حيث انتقل من شكله التقليدي المادي إلى فضاءات رقمية تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني باتت تعقد نقاشاتها بشكل متزايد عبر هذه الوسائل الرقمية، مما يفرض تحديات جديدة على المشرع المغربي والفاعلين الرسميين، خصوصاً فيما يتعلق بتوظيف هذه التكنولوجيا لتعزيز حقوق الإنسان وتمكين الشباب من المشاركة الفعلية.
وخلصت ورشة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشباب الى إصدار 6 توصيات أبرزها ضرورة وضع سياسات عمومية مندمجة ودامجة للشباب وقادرة على تفعيل هذه الحقوق وتراعي التحولات العميقة التي يعرفها الشباب المغربي اليوم والفوارق الاجتماعية والثقافية والمجالية، كما أوصى المشاركون والمشاركات بأهمية وضع آليات عملية لإشراك الشباب في صنع القرار العمومي والمساهمة في إعداد وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية من أجل تفعيل مبدأ المشاركة لفعلية حقوق الأطفال والشباب.
وجاء في الورقة التأطيرية للمجلس الوطني لحقوق الانسان، أن المجموعات التفاعلية المنظمة حول “مشاركة الشباب” توفر منهجية تختلف عن تلك التي ظلت معتمدة، لفترة طويلة، في صياغة الأسئلة والأجوبة المتعلقة بالشباب، والتي كانت تنطلق، في غالبيتها، من انتقاد ضعف مشاركة الشباب لتدعوه، بعد ذلك، إلى الالتحاق بما هو جاهز، سواء كان مبادرة جماعية أو قانونا أو استحقاقا سياسيا وانتخابيا، أو نقاشا عموميا أو دينامية مجتمعية عامة…إلخ؛
وأكدت الورقة، على أن الغاية من تنظيم المجموعات التفاعلية، إذن، هي ترسيخ المنهجية التي تروم خلق إطار للعمل وفق رؤية جديدة ومتجددة. ولذلك، ستكون الغاية هي صياغة أسئلة جديدة، انطلاقا من السياق المتجدد والجديد، وتحديد القضايا ذات الأولوية التي تتطلب استثمار جهد الشباب بالدرجة الأولى؛ ورغم أن المجموعات التفاعلية التي تنظم، في إطار فعاليات المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، لا تدعي تمثيلية جميع اتجاهات التفكير بين الشباب، ما دامت تقتصر على جهة واحدة من جهات بلادنا، وفئة واحدة هي الطلبة، فإننا نراهن عليها لتشكل منطلقا مهما لسبر باقي الجهات، واستكشاف أولوياتها وانشغالاتها، وأجوبتها المبتكرة، وفي نفس الوقت تجريب منهجية العمل واختبارها في ضوء خصوصية كل جهة ومنطقة؛ ولا يتعلق الأمر بمشروع منفصل عما سبقه من مبادرات ومشاريع اشتغلت هي الأخرى على تيمة الشباب والمشاركة، وإنما بتجربة تستحضر حقوق الإنسان باعتبارها زاوية للنظر، وشبكة للقراءة، ومنطلقا للتشخيص والتحليل وصياغة الخلاصات والتوصيات. ولذلك، ستصطف هذه التجربة إلى جانب باقي المبادرات في علاقة تكاملية وعملية وتضع نفسها رهن إشارتها من حيث الخلاصات والتوصيات؛
وأعتبرت الورقة ان منهجية المجموعات التفاعلية تبقى هي الأقرب إلى تحقيق الغاية من دعم مشاركة الشباب. ولذا، سيكون مفيدا أن ينصب النقاش حول قضايا عملية ودقيقة، تساعد على تحديد برامج العمل، والمقومات الذاتية التي يتوفر عليها الشباب، والبدائل العقلانية والواقعية التي ستساهم في تقوية مشاركة الشباب فعليا؛ حيث سيكون من المفيد طرح القضايا الثلاثة التالية للنقاش: تصور الشباب للمشاركة في السياق الراهن؛ مداخل مشاركة الشباب وآلياتها؛ القضايا ذات الأولوية التي تشكل قاعدة للمشاركة ومنطلقا لها.واشارت الورقة الى أن الانطلاق من هذه القضايا سيجعل المجموعات التفاعلية فضاء لوضع معالم للطريق، أي للقاءات المقبلة وتحديد محاور الاشتغال خلالها، أكثر من صياغة أجوبة عن قضايا بعينها؛ و أن الرهان في المرحلة الحالية يتمثل في تحديد عدد قليل من القضايا لكنه جد مهيكل لما سيأتي من بعد. كما أن ضمان مشاركة الجميع يعد ثاني رهان، فضلا عن تدبير الحيز الزمني لجعله سندا للجهد والغاية من تنظيم هذه اللقاءات؛ اذ يشكل الاستماع والحرص على استحضار، وحضور، وتشجيع تعبير مختلف تمثلات المشاركة ومداخلها وأولويتها خلال تفاعل المشاركات والمشاركين في المجموعات التفاعلية رهانا لا يقل أهمية عن سابقيه. وهذا الرهان لا يمكن أن يجد صداه إلا إذا التزم مسيرو ومسيرات المجموعات موقعا محايدا يكتفي بالتنشيط وتوزيع الحيز الزمني بشكل يسمح بمناقشة القضايا موضوع اللقاء.