حمضي: الأمر لا يدعو إلى القلق لكنه يتطلب تكثيف التدابير الاحترازية بعد ظهور أول حالة لجدري القردة بالمغرب

قال الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، إن رصد أول حالة إصابة بجدري القردة “ليس مفاجئا ولا يدعو للقلق مطلقا”، بل يعد مؤشرا على فعالية نظام التتبع واليقظة ببلادنا.
وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أعلنت، مساء يوم الخميس الماضي، في إطار المنظومة الوطنية لليقظة والرصد الوبائي، عن تسجيل أول حالة إصابة مؤكدة بمرض جدري القردة (إم-بوكس) في المغرب.
وأوضح حمضي، في تصريح لـ”بيان اليوم”، أول أمس السبت، أن الفيروس الذي ينتقل بسرعة وسهولة من إنسان إلى آخر يمكن أن يصل إلى أي دولة وفي أي وقت من خلال تنقلات الأشخاص.
وأكد أن أنظمة اليقظة والمراقبة على مستوى المنظومة الصحية تهدف بالأساس إلى الكشف المبكر عن الحالات الوافدة ومحاولة الحد من انتشار الفيروس محليا، وكذا التكفل السريع والفعال بالحالات المسجلة من أجل الحد من المضاعفات وانتشار الوباء.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه حمضي أن خبر رصد أول حالة لجدري القردة لا يدعو إلى القلق، أكد على الحاجة إلى المزيد من اليقظة، سواء على مستوى المنظومة الصحية، أو من قبل المواطنين، مشيرا إلى أهمية الحرص على النظافة الشخصية ونظافة اليدين، والاستشارة الصحية حال ظهور بعض الأعراض المشكوك في علاقتها بالمرض، وتطبيق تدابير التباعد الاجتماعي في محيط الأشخاص المصابين للحد من العدوى.
وأكد حمضي على ضرورة الحرص منذ الآن على الوقاية ومحاصرة الوباء من خلال القيام بالتدابير الاحترازية الضرورية وعدم انتظار تعدد الحالات، فظهور أول حالة ينبهنا، يقول المتحدث، إلى أن الفيروس موجود وأنه لا يمكن إغلاق الحدود في وجهه بقدر ما يجب علينا جميعا العمل على حماية أنفسنا وبلادنا من الوباء.
وبالنسبة للحالة المسجلة يوم الخميس الماضي، فقد أوضح بلاغ وزارة الصحة في الموضوع، أن الحالة تم اكتشافها ضمن البروتوكول الصحي المعتمد في المملكة منذ بدء الإنذار الصحي العالمي، مشيرا أن المصاب خضع للرعاية الصحية اللازمة في أحد المراكز الطبية المتخصصة بمدينة مراكش، وهو في حالة صحية مستقرة لا تستدعي القلق. كما تم تفعيل إجراءات العزل الصحي والمتابعة الطبية اللازمة وفقا للمعايير الصحية الوطنية والدولية.
وأضاف البلاغ أنه مباشرة بعد التوصل بنتائج التحاليل المخبرية للحالة المؤكدة، باشر المركزان الوطني والجهوي لعمليات طوارئ الصحة العامة، بالإضافة إلى فرق الاستجابة السريعة، التحريات الوبائية المعتمدة من أجل حصر لائحة جميع المخالطين للمصاب، بغية مراقبتهم واتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع تفشي الفيروس، وفقا لمعايير السلامة الصحية الوطنية والدولية.
وأكدت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أنها ستستمر في التواصل مع الرأي العام الوطني، وإخباره بكل المستجدات المتعلقة بالوضع الوبائي بانتظام، كما دأبت على ذلك منذ بداية هذا الإنذار الصحي العالمي، داعية المواطنين إلى الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على المعلومات الدقيقة وتجنب نشر الشائعات أو المعلومات غير المؤكدة، مع الالتزام بالتدابير الوقائية الموصى بها، مثل غسل اليدين بانتظام، وتجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين أو المشتبه في إصابتهم، والحرص على النظافة الشخصية.
وفي سياق ذي صلة، أعلنت وزارة الصحة، يوم الجمعة، عن تأجيل النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي للصحة العامة بإفريقيا، الذي كان من المقرر عقده في شهر نونبر 2024 بالمملكة المغربية، وذلك بناء على طلب رسمي تقدم به الدكتور جان كاسيا، المدير العام للمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) للحكومة المغربية.
ففي إطار زيارته الرسمية لبلادنا، يوم الجمعة الماضي، والتي شهدت لقاءه مع وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت طالب، بالرباط، أكد الدكتور جان كاسيا أن القارة الإفريقية تواجه تحديات صحية جسيمة نتيجة تفشي وباء جدري القردة، الذي أثر على مختلف الدول الإفريقية، بما في ذلك المغرب الذي أعلن عن أول حالة إصابة بالفيروس.
ودعا جان كاسيا إلى تركيز جهود القارة على مكافحة وباء جدري القردة (إمبوكس).
وأضاف أنه “بما أن الوباء يتطور بكيفية خطيرة نوعا ما، ونظرا لأن هذا الوباء يتطلب منا تركيز كل طاقاتنا عليه، فقد طلبت رسميا من الحكومة المغربية تأجيل تنظيم المؤتمر”.
كما أشاد رئيس مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا بـ”تضامن” المملكة المغربية مع بقية الدول الإفريقية في مكافحة وباء “إمبوكس”.
ولفت إلى أن “المغرب هو أولا وقبل كل شيء بلد إفريقي (…) يظهر تضامنه الكامل. كما أنه بلد الابتكار الذي يساهم في جميع الجهود الرامية إلى تزويد بلدان القارة بالوسائل الكفيلة بوقف هذا الوباء”.
وسلط كاسيا الضوء على أهمية “التصنيع المحلي” للقاحات والأدوية لمكافحة الأوبئة والأزمات الصحية في القارة الإفريقية، معتبرا أن هذا الأمر يعد “أولوية” أساسية.

 سميرة الشناوي

Top