بيان اليوم
تكتسي صحة الفم والأسنان نفس الأهمية الحيوية التي تكتسيها باقي أنواع العناية الصحية. وتشكل صحة الفم والأسنان عنصرا مركزيا في سلامة وتوازن الجسم البشري بشكل عام، اعتبارا للدور الذي يلعبه الفم “كبوابة لولوج الجسم”.
فمن الأهمية بمكان التوفر على “أسنان سليمة من أجل التمتع بحياة سليمة”.
تلك روح وهدف الحملة التحسيسية التي أطلقتها الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان بمناسبة “اليوم العالمي لصحة الفم والأسنان”، الذي يخلده المجتمع الطبي العالمي في يوم 20 مارس من كل سنة.
وتصنف أمراض الفم والأسنان من بين الأمراض المزمنة الواسعة الانتشار. فعلى المستوى الدولي، يعتبر 90 في المائة من سكان العالم معرضين للإصابة بشكل أو بآخر بالتهابات في الفم والأسنان (تسوس، أمراض الجهاز الحامل للأسنان ، سرطان الفم…). بيد أن العديد من هذه الأمراض يمكن تجنبها بفضل أساليب وقاية في غاية البساطة، وفي متناول الجميع.
وأكدت الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان، في بلاغ بالمناسبة، على أهمية التوعية والتحسيس متعدد القنوات من خلال تظافر جهود كل من المهنيين ومسؤولي الصحة العمومية والمجتمع المدني. واعتبرت الهيئة أن المقاربة الوقائية تشكل الرافعة الأساسية الكفيلة بجعل صحة الفم والأسنان هدفا رئيسيا على المدى المتوسط.
طبيب واحد لكل 7000 نسمة
حسب منظمة الصحة العالمية، “تعتبر أمراض الفم والأسنان من بين الأمراض الأكثر انتشارا في العالم”. وتسري هذا الملاحظة على المغرب مثله مثل باقي بلدان العالم، كون العديد من المغاربة يتهاونون في عيادة طبيب الأسنان بشكل منتظم لمراقبة وفحص أسنانهم. علما بأن انتهاج وقاية ملائمة يساهم في تحسين صحة فم وأسنان الساكنة بشكل ملحوظ. انطلاقا من ذلك فإن أمراض الفم والأسنان تندرج ضمن إشكاليات الصحة العمومية وتشكل سببا مقلقا من أسباب الوفيات، ويزيد من حدة هذا الوضع اعتماد أساليب علاجية غير مطابقة للقواعد الأمثل للتعقيم والسلامة، والتي يسديها أشخاص يمارسون طب الأسنان بشكل غير قانوني.
وسجلت الهيئة ضمن بلاغها أن الإنفاق الصحي السنوي المتوسطة للفرد في المغرب يقدر بنحو 16.47 درهم في الوسط الحضري، علما بأن نسبة الناتج الخام الداخلي المخصصة للصحة لا تتجاوز 6.2 في المائة. كما أن حصة المال العام المخصصة لكل فرد من أجل الصحة تعد جد منخفضة مقارنة مع معدل البلدان النامية المماثلة للمغرب (180 دولار مقابل 230 دولار) . من جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن المعدل الوطني الحالي هو طبيب أسنان واحد لكل 7000 نسمة، مع تركيز جغرافي في التجمعات الحضرية الكبرى. والهدف المحدد في 2025 هو بلوغ طبيب لكل 5000 نسمة.
مسار لصحة الفم والأسنان
في هذا السياق، اغتنمت الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان فرصة الاحتفال باليوم العالمي لصحة الفم والأسنان من أجل الانخراط في عمل استشرافي وتربوي، من خلال وضع “مسار لصحة الفم والأسنان”، بشراكة مع وزارة الصحة، وذلك بهدف جعل صحة الفم والأسنان رافدا من روافد الصحة الشاملة.
ويتجه هذا المسار، الذي يستهدف في نفس الوقت الجمهور العريض ومسؤولي صحة الفم والأسنان، إلى إدماج هذه الأخيرة في إطار التخطيط العام للاستراتيجية الوطنية لتنمية قطاع طب الفم والأسنان خلال الفترة 2015-2025، انطلاقا من الوقاية إلى المواكبة، مرورا بعلاج الأسنان وتعزيز مناهج الدراسة والتكوين في مجال صحة الفم والأسنان وكذلك الترسانة القانونية للقطاع.
ومن المعلوم أن جودة الخدمات الطبية في مجال علاج الأسنان تشكل، ضمن هذا الإطار العام، الحجر الأساسي الذي سيمكن من بلوغ الأهداف المرتبطة بمكافحة أمراض الفم والأسنان ومضاعفاتها على الصحة العمومية.
وتطمح الهيئة من خلال هذه الاستراتيجية إلى حماية وإنعاش صحة الفم والأسنان، لتي تعد مكونا أساسيا من مكونات الصحة العامة لسكان المغرب قاطبة. واقتناعا من الهيئة بأن صحة الفم والأسنان “يجب نشرها قبل كل شيء على مستوى فضاءاتنا الأسرية وأحيائنا وجماعاتنا”، وبالتالي فإن الهيئة تصبو إلى وضع “سياسة صحية في هذا المجال بالارتكاز على مقاربة لامركزية، تتقاطع فيها المعارف وتتلاقى القطاعات، تستجيب لمتطلبات الوقاية والعلاج”.
وفي نفس الصدد، دعت الهيئة الوطنية لضرورة اعتماد سياسة تكوينية وتأطيرية في مستوى الطموحات، وملاءمة تكوين طبيب الأسنان المغربي مع المعايير الدولية مع أخذ الواقع المغربي الخاص بالاعتبار، خصوصا من حيث الاحتياجات العلاجية، من جهة، وملاءمته مع السياق الاجتماعي والثقافي للبلد، من جهة ثانية.
وأشارت الهيئة إلى أن العديد من أطباء الأسنان، المسجلين في لائحة الهيئة الوطنية، يساهمون طوال هذا الأسبوع، عبر جمعياتهم الخاصة، ببرامج وأنشطة تحسيسية و توفير خدمات علاجية مجانية للأشخاص للذين يعانون من الحاجة. وتشكل هذه الأعمال جزءا لا يتجزأ من الدينامية المواطنة لأطباء الأسنان وكذا القيم الأخلاقية التي تحدو سلك أطباء الأسنان المسجلين في الهيئة.