حول معرض الكتاب

ينطلق اليوم معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب والنشر مسيجا بمقاطعة منظمات ثقافية وطنية لفعالياته، وإحجام جمعية الناشرين المغاربة عن المشاركة، ويعيد هذا إلى الواجهة سؤال علاقة وزارة الثقافة، الجهة المنظمة للمعرض، بمحيطها الثقافي وبشركائها الطبيعيين من مبدعين في مختلف الحقول الأدبية والفنية، وناشرين…
إن خطورة المأزق الذي توجد فيه هذه العلاقة منذ مدة، لا تنبع فقط من كون بلادنا لم تعد تستطيع إنتاج حوار فاعل بين مثقفيها، خصوصا عندما يتولى أحدهم مسؤولية التدبير الرسمي للشأن الثقافي الوطني، إنما من كون مشهدنا الثقافي يجر اليوم إلى الجدار، وإلى اللامعنى، بالرغم من أن المرحلة التاريخية التي يعبرها مجتمعنا ومحيطه الإقليمي والدولي، ترمي بكثير أسئلة في وجه المثقفين والمفكرين وصناع الأفكار والقيم والمشاعر، وبدل الانتفاض جماعيا لصياغة الأجوبة والمداخل، يدفع بنا كلنا إلى أن ندور حول أنفسنا، ثم نتجه بعيدا نحو … الوراء.
إن معرض الدار البيضاء، علاوة على أنه واجهة للتداول ولترويج الكتاب، وأيضا لتمكين الجمهور من اللقاء بالكتاب والمثقفين والفنانين، فمن المفترض أن يمثل عنوانا مركزيا لحياة ثقافية جاذبة للاهتمام الوطني والعربي والدولي، وبالتالي يكون قيمة حقيقية مما تعتز به هذه البلاد، وعندما تحيط به اليوم  الانتقادات، فمعنى ذلك أن وضعا غير طبيعي يتملكنا، ويقتضي على الأقل أن ننتبه، وأن نتحرك لحماية الصورة من السقوط.
وإن تحليل مواقف الأطراف هنا، أو الانتصار لهذه الجهة على حساب تلك، يبقى دون أية أهمية، في حين أن المطلوب منا اليوم هو التأمل في الواقع الذي بتنا عليه، وما معنى كل هذا الذي يجري أمام نظر الكل.
اتحاد الكتاب، بيت الشعر، الائتلاف الحاضن لجمعيات ومنظمات ونقابات المسرحيين والتشكيليين والموسيقيين والأدباء، كل هذه الهيئات وأعضاؤها، فضلا عن أسماء ثقافية وأدبية أخرى أعلنت سابقا موقفها، كلهم انتقدوا التدبير الرسمي لقطاع الثقافة، ووجهوا الانتقادات، وتساءلوا عن امتلاك البلاد لسياسة ثقافية ولرؤية وخارطة طريق…
ألا يصيبنا هذا الإجماع بالخوف ؟؟؟
سينطلق المعرض اليوم، وسينتهي في الموعد المعروف، لكن ستستمر الأسئلة، ومن مسؤولية المجتمع أن يبحث لها عن أجوبة في مستوى التحديات الوطنية والسياسية والمعرفية المطروحة على بلادنا.
من مصلحة بلادنا حماية نبضها الثقافي والأدبي، والعناية بمبدعينا، والاستماع إلى آرائهم ومقترحات هيئاتهم التمثيلية، وبالتالي فإن المصلحة الوطنية تحتم تكريس حوار مجدي بين مختلف أطراف شأننا الثقافي الوطني، بما يتيح لكل المتدخلين الإسهام في بلورة سياسة ثقافية متكاملة تواكب تطلعنا الديمقراطي الحداثي كشعب وكأمة.

[email protected]

Top