التئم خبراء وشخصيات دبلوماسية وسياسية وزانة من مختلف بلدان العالم، بمدينة مراكش في إطار الدورة السابعة لمؤتمر “حوارات الأطلسي” الذي ينعقد ما بين 13 و15 دجنبر الجاري، لمناقشة مختلف التحديات التي يواجهها العالم لاسيما في مجال الأمن والهجرة والأمن الغذائي والعلاقات الدولية والأزمة العالمية في ظل النظام الجديد.
ويعد هذا المؤتمر، بحسب كريم العيناوي المدير العام لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” الجهة المنظمة للحدث، فضاء يلتقي فيه الشمال بالجنوب في سعي إلى إعادة التوازن بين الشمال والجنوب. حيث استطاع المؤتمر أن يكون فضاء للتبادل وطرح الأفكار والتصورات حول مختلف القضايا التي يعرفها العالم منذ الدورات الأولى، والتي تتوج بإصدار تقارير يشارك فيها خبراء وباحثون من مختلف المشارب. وبالإضافة إلى الشخصيات السياسية والدبلوماسية الوازنة التي تشارك في هذه الدورة، فتح مؤتمر “حوارات الأطلسي” الباب كذلك أمام مشاركة الشباب، حيث يشارك 46 شابا تتراوح أعمارهم مت بين 23 و35 سنة من نحو عشرون بلدا مطلا على المحيط الأطلسي.
توازن الشمال والجنوب
بعد تقديم التقرير السنوي الخامس “تيارات أطلسية حول آفاق أطلسية”، الذي يعده ” مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، خلال الفترة الصباحية ليوم أول أمس الخميس، انطلقت أشغال “حوارات أطلسية” زوال اليوم نفسه بحضور شخصيات مغربية وأجنبية وازنة، وحضرت الافتتاح الشريفة لالة جمالة العلوي، سفيرة المغرب لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
وخلال كلمة الافتتاح التي ألقاها كريم العيناوي، مدير”مركز الدراسات من أجل الجنوب الجديد”، الجهة المنظمة لهذا المؤتمر الدولي، أوضح أهداف وطرق عمل المركز، الذي يتخذ من الرباط مقرا له. مشيرا إلى أن ” كلمة ـ أطلسي تحيل في الغالب على أمريكا الشمالية، وأوربا، مضيفا أنه “قررنا الحديث عن الجنوب وإفريقيا تحديدا، لخلق فضاء يلتقي فيه الشمال والجنوب، نريد الحديث عن الشمال دون مركبات، وانطلاقا من قناعتنا، فنحن على وعي تام بأهمية الحوار أكثر من أي وقت مضى”.
وركز محسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالتعاون الافريقي، في مداخلته على أهمية إعادة هيكلة الفضاء الأطلسي توخيا للمزيد من التوازن بين شماله وجنوبه، وأكد أنه من الناحية التاريخية، فإن هذا الفضاء الجيوسياسي بني حول مركز ثقل يوجد في الشمال بينما الجنوب لم يكن فاعلا أساسيا أو قوة اقتراح فعالة. بينما تعتبر القارة الافريقية هي القارة التي تعرف تقدما كبيرا وتغييرات هيكلية فيما يخص الحكامة الجيدة ودمقرطة الاقتصادات، التي تعرف أسرع نسل النمو هي إفريقية كذلك.
“الشعبوية” السياسية
وتناول متدخلون مصطلح “الشعبوية” السياسية، وما بعد الحقيقة، والاستياء من العولمة. وخلال هذا النقاش الذي سيرته براون نيلسن رئيسة تحرير ومديرة س إن ب س إفريقيا. قالت مادلين اولبرايت كاتبة الدولة الأمريكية السابقة إن ” العولمة سلاح ذو حدين يصعب التعرف على أوجهه بشكل واضح”، ودعت ألبرايت التي إلى إشراك المؤسسات العامة والمجتمع المدني في هذا النقاش. وأضافت كاتبة الدولة الأمريكية السابقة، أن هؤلاء الفاعلين، وخصوصا الشركات، هم من يقودون أساسا العولمة، وهي قوة خارقة تقسم الأمم، وقد تتولد عن هذا الوضع توترات. وتقاسمت ألبرايت مع الحاضرين توجسها من السياسة الخارجية لدونالد ترامب، والإبتعاد عن الهموم التي تؤرق مضجع العالم. وقالت “كيف لبلد كالولايات المتحدة الأمريكية أن يتراجع إلى الوراء ويترك مكانه على الصعيد الدولي، مكان قد تحتله أمم أخرى؟ على أمريكا أن تلعب دورها وألا تتخندق كدركي للعالم”. مضيفة أنه يجب إيجاد توازن بين الانسحاب السلبي، ولعب دور الدركي”.
من جانبه قال بيدرو بيرس، الرئيس السابق لجمهورية الرأس الأخضر، إن العديد من الدول استفادت من العولمة، بينما كانت إفريقيا هي الخاسر الأكبر. وأكد أن العولمة ظاهرة لا رجعة فيها ويجب تدبيرها بدل العزوف عنها، مشددا على أن إفريقيا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالانغماس في النقاشات الدائرة حول القرارات التي تهم الفضاء الأطلسي، وعليها بالخصوص تقوية علاقاتها مع أمريكا اللاتينية.
تنافر ديموغرافي
تعتبر الاتجاهات الديموغرافية للشمال والجنوب، من المواضيع التي استأثرت باهتمام الخبراء والمشاركين خلال هذا المؤتمر، حيث يطرح سؤال : كيف تستثمر افريقيا ثروتها الديموغرافية؟ لكونها قارة تعرف انفجارا ديموغرافيا في مقابل شيخوخة سكان بلدان الشمال. فساكنة إفريقيا ستتضاعف بحلول 2050، لتصل إلى المليارين، وهو ما يطرح تحديات أمام القارة، وهل سيكون هذا التزايد الديمغرافي شيئا ايجابيا أم تهديدا جديا. واختلفت آراء المتدخلين على هذا المستوى، حيث يرى مابيفكي نكوم، المدير الجهوي للصندوق الأممي للسكان (إفريقيا الغربية الوسطى)، أن هذا التزايد يمكن استثماره بالشكل الذي قد يمكن القارة من تلبية حاجيات السكان. في المقابل ترى بينيتا ديوت المبعوثة الخاصة للجنة الوحدة الإفريقية المكلفة بالنساء، السلام والأمن، أنه حان الوقت للاستثمار في التعليم والبنيات التحتية والفلاحة، لمواجهة انفجار ديموغرافي يوفر العديد من الفرص الاجتماعية والاقتصادية. وأضافت أن التنافر في الاتجاهات الديموغرافية بين الشمال والجنوب، يحيل على معضلة أخرى، وهي الهجرة المتنامية مع اتساع مظاهر العجز في إفريقيا، والتي أدت إلى توتر بين الشمال والجنوب. وأكدت من ناحية أخرى أن الهجرة ليست حلا، إفريقيا يمكن أن تصبح فضاء خصبا يوفر حياة سعيدة للأفارقة شرط سن سياسات عمومية فعالة، مضيفة أن الانفجار الديموغرافي ليس قدرا محتوما، إذا تم اللجوء إلى الميكانزيمات الضرورية، للحد منها كما فعل المغرب، البلد الذي يجب أن يحتذى به، والاقتراب من المعايير الأوروبية.
حرب تجارية
أخذت العلاقات التجارية الدولية قسطا من النقاش ضمن جلسات مؤتمر حوارات الأطلسي حيث، أثار المتدخلون التنامي المتزايد للحمائية، وإذكاء الحروب التجارية خصوصا بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. فتراجع أمريكا عن اتفاقيات التبادل الجر، وعودة الحواجز الجمركية والتعريفية، كلها عوامل أصبحت تشكل تهديدا صريحا لكيان منظمة التجارة العالمية، والمسار الطويل الذي قطعه العالم منذ اتفاقيات “الكات” في مراكش سنة 1994. وتستلزم هذه المعطيات حسب المتدخلين، وعلى سبيل الاستعجال، إصلاح منظمة التجارة العالمية وإعادة النظر في طريقة تدبير النزاعات بين الدول. وركز النقاش أيضا في جانب منه على المبادلات التجارية داخل الفضاء الإفريقي، حيث خلص المتدخلون، إلى كون المبادلات التجارية بين الدول الإفريقية، تعتبر الأضعف على الصعيد العالمي إذ لا تشكل سوى 15 في المائة، بينما تصل إلى 48 في المائة بآسيا، و60 في المائة في أوربا. وأرجع المتدخلون هذه الوضعية “الصادمة” إلى الحدود الجمركية، حيث إن المستثمر الإفريقي يجد سهولة في التصدير نحو أوربا أو أمريكا بدل بلدان إفريقيا.
***
أسئلة إلى يونس أبو أيوب* أسئلة إلى يونس أبو أيوب*
• مفهوم الدولة يتراجع لصالح ما يسمى ب”السوق” أو آليات السوق
• أغلب الفعاليات التي تؤثر في صنع القرار، ليست فعاليات منتخبة ولا تمثل الشعوب
• تطرقتم إلى مجموعة من التحديات خلال تقديم التقرير السنوي الخامس “تيارات أطلسية حول افاق أطلسية”، ما موقع القارة الافريقية في خريطة هذه التحديات العالمية؟
> هذا الموضوع تحيط به تعقيدات كثيرة، ومن منظور دبلوماسي شارك في أعمال الأمم المتحدة في دول عديدة من العالم وخاصة دول النزاعات، الوضع الذي يتجه إليه العالم اليوم، ونحن على مشارف 2030 التي هي أجندة التنمية في العالم المبنية على سبعة عشر هدفا، لا أرى الإمكانية أن هذه الدول قد تحقق هذه التنمية لأسباب متعددة منها منظومة اقتصادية عالمية لا تخدم الشعوب بشكل عام، وشعوب الجنوب بشكل خاص. وحتى نكون واقعيين فالعالم مبني على المنافسة وليس على التعاون، وبالتالي كما قلت، فإن إنشاء رأسمالية جديدة كما أشارت إليه إحدى المتدخلات، أعتقد أنه أمر غير ممكن على اعتبار أن الرأسمالية ليست نمط إنتاج فقط بل هي نمط علاقات بين الأفراد داخل المجتمع، مبنية على مجموعة تستغل القدرات الإنتاجية لمجموعات أخرى، وبالتالي لا ينمكن أن تكون المعادلة مطروحة بالشكل الذي توجد عليه اليوم، تخدم الأغلبية، بل ستخدم الأقلية دائما. أما موضوع الأمن الغذائي وتحقيق الأهداف الإنمائية، يواجه مشكلة على اعتبار أن مفهوم الدولة يتراجع لصالح ما يسمى ب”السوق” أو آليات السوق. اليوم على سبيل المثال أغلب الفعاليات التي تؤثر في صنع القرار، ليست فعاليات منتخبة ولا تمثل الشعوب، وبالتالي مفهوم الدولة كما نفهمه اليوم، في العالم بأسره وليس فقط في دول الجنوب، ليس بالمفهوم الذي يخدم الشعوب. وبالتالي عندما نرى ما يقع في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في فرنسا مؤخرا، هو أن الدولة التي يفترض أن لديها عقد اجتماعي مع المواطن، وتقدم الخدمة كحق لم تعد قادرة على ذلك.
• في العلاقة بما وقع في فرنسا وفي بعض الدول الأخرى، كيف ترون هذه التوترات المفاجئة بحسب متتبعين، كيف يمكن تفسير هذه التطورات؟
> ما وقع في فرنسا ليس مفاجئا، كان أمرا متوقعا جدا لمن يراقب، ما أسميه، المدى البعيد للتاريخ، وليس التاريخ كحدث يومي، إذن حسب هذا المنظور، فما حدث كان متوقعا، بل استغرب أنه لم يحدث قبل هذا التاريخ. انتخاب الرئيس ماكرون مثلا، هو شيء غير منطقي نوعا ما، لأنه انتخب على أساس انه ليس من اليسار وليس من اليمين، وهذه أكذوبة تاريخية، لا يمكن ألا تكون من اليسار أو من اليمين، لأن السياسة تفرض أن يكون لديك توجه معين. فكرة اليمين واليسار لماذا استعملها هو لأغراض انتخابية، لسبب بسيط جدا، وهو أن الأحزاب التقليدية لم تعد تقم بالدور الذي كانت تقوم به في السابق، وهدا يثبت ما قلته، لان الأحزاب والآليات التشريعية والمؤسسات التمثلية ( البرلمان وغيره) التي أسس عليها مفهوم الحوكمة، وخلال المائة سنة الأخيرة، خسرت هذه الآليات المنافسة أمام آليات السوق التي هي آليات غير منتخبة، وآليات السوق تتعامل بمنطق الزبون وليس بمنطق المواطن والحق.
• في اعتقادكم ما توقعاتكم لهذه التجادبات القطبية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ومستقبل الخلافات القائمة على الصعيد العالمي؟
> بالعودة ما أشرت إليه خلال جلسة تقديم التقرير السنوي الخامس “تيارات أطلسية حول افاق أطلسية”، أعتقد أنه على المدى القصير والمتوسط أنه سيكون هناك المزيد من الصراعات والنزاعات في العالم، سواء عنيفة بالمعنى المادي، أو بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي، وربما قد نصل على المدى البعيد، بعد كل هذه الخلافات، إلى أن نعيد التصور في منظومة عالمية جديدة للحوكمة. وهنا لابد من التذكير أن السنة المقبلة 2019، وهي سنة تكمل مائة سنة على المنظومة الدولية التي أنشئت سنة 1919، مثل عصبة الأمم المتحدة .. وغيرها من المؤسسات الدولية. وهذه المؤسسات ضرورية وإلا لن يستطيع العالم أن يعيش في سلام واستقرار وفي تنمية تخدم الجميع. لذلك لابد من إيجاد حلول بشكل تعاوني وتشاركي وليس على أساس منافسة.
*مدير إدارة الحوكمة وبناء مؤسسات الدولة في الأمم المتحدة
***
تقرير “تيارات أطلسية حول آفاق أطلسية” يرصد التحديات العالمية الجديدة
ركز التقرير السنوي الخامس “تيارات أطلسية حول افاق أطلسية”، الذي يعده ” مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، والذي تم تقديمه صباح يوم أمس الخميس خلال الدورة السابعة للملتقى الدولي “حوارات أطلسية”، على التحديات التي يواجهها العالم من مثل الأمن والسلم والهجرة والأمن الغذائي والعلاقات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد.
أشغال تقديم التقرير سيرتها بشرى الرحموني، من كبار باحثي المركز، بحضور شخصيات وازنة على الصعيد العالمي، كحفصة أبيولا من نيجيريا، رئيسة ومديرة عامة ” لمؤسسة المبادرة الافريقية للنساء”، ويونس أبو أيوب، مدير إدارة الحوكمة وبناء مؤسسات الدولة في الأمم المتحدة، ورشيد حديكي، من كبار باحثي المركز، بالإضافة إلى يوسف محمود، من كبار مستشاري برنامج عمليات حفظ السلام في إفريقيا والشرق الأوسط، (المعهد العالمي للسلام بتونس).
ويرمي تقرير المركز إلى المساهمة في تحليل الأوضاع الجديدة بهدف بناء جيوسياسي جديد للفضاء السالف الذكر. حيث رصد الإشكالات الكبرى التي تواجه هذا الفضاء مثل مشاكل الهجرة، والتعاون الأطلسي في مجالي التغذية والفلاحة. وتطرق التقرير كذلك لتباعد الرؤية بين الشمال والجنوب بخصوص التغيرات المناخية، مستقبل الحكامة المتعددة الأطراف في مجال الأمن والتجارة الدولية بالإضافة إلى آفاق الأزمة الاقتصادية العالمية.
وبالنسبة لبشرى الرحموني، يعتبر هذا التقرير الخامس شاملا ومجددا، على اعتبار أنه ليس رد فعل بل مقاربة إيجابية تهدف إلى وضع أسس جديدة لتعاون وتنمية ناجحين في الفضاء الأطلسي.
أما حفصة أبيولا، فاعتبرت هي الأخرى، أن هذا التقرير الخامس من نوعه يمكن من تملك معنى “الجنوب” الذي له مكانة خاصة لدى شعوب العالم الثالث منذ مؤتمر باندونغ ” هذا التقرير اعتبره بمثابة ” حل موجه” في عالم أصبح عنيفا”. وأضافت أن من مصلحة إفريقيا اليوم توسيع أفاقها والتقرب من فضاءات جديدة كأمريكا اللاتينية نظرا للمشترك التاريخي، الثقافي، الاقتصادي والسياسي.
وركز يونس أبو أيوب في مداخلته، حول مستقبل تعددية الأطراف، وهو مفهوم أصبح في خطر بسبب السياسة الأمريكية الجديدة منذ وصول دونالد ترامب إلى مقاليد البيت الأبيض. وأشار أبو أيوب إلى أن “وأول خطاب للرئيس ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كاب بمثابة الضربة القاضية لمفهوم تعددية الأطراف”، مضيفا أن تعددية الأطراف، كمنهج ناجح طوال سنوات، لازال أمامه مستقبل واعد رغم ثقافة الانكماش على النفس” ترامب يمكن أن تعتبره كنتاج لثقافة الانغلاق على النفس.
واستطرد أن أمريكا كانت دائما ترقص على قدمين واجهة (جد) تقدمية وفي نفس الوقت طبيعية منغلقة على نفسها. و”ترامب هو نتاج هاته الثقافة” يضيف يونس أبو أيوب.
وأضاف إلى أن ” القناعة الوحيدة لدي هو أن تأثير الولايات المتحدة يتراجع بسبب تفتت قوتها الناعمة والتي شكلت قوتها الضاربة خلال عقود. ألم يقل ستالين “أعطوني هوليود وسيصبح العالم شيوعيا خلال 20 سنة؟”.
من جانبه قال رشيد الحديكي “هناك أزمة لا يمكن تجاهلها بخصوص تعددية الأطراف، هذا نابع من أزمة قوة، لان العالم اليوم أصبح متعدد الأطراف، كيانات كإفريقيا والدول الصاعدة تدعو إلى إعادة النظر في الحكامة الدولية”.
وتساءل الحديكي :هل هناك مستقبل مثلا لتحالف الشمال الأطلسي (ناتو) في هذا النسق العالمي الجديد؟ أليس من مصلحة أوربا تشكيل دفاعها الذاتي؟ و”هل حلف الناتو محكوم عليه بالزوال؟. الجواب بالنسبة للحديكي : لا. لانه في البنتاغون هناك مناصرين لهذا الحلف وهم مؤثرين”. وقال إن النقاش حول منظومة دفاعية أوربية يبقى مجرد فكرة وتستلزم العديد من المقومات الأساسية، منها إجماع وموافقة دول أوربا الشرقية. وقال إنه وبعد 70 عاما عن إحداث الناتو، حان الوقت لتفكير عميق حول إصلاح هذا الحلف.
أما يوسف محمود، فتطرق إلى الأمن والسلام العالميين، حيث يرى الباحث أن الاعتقاد المألوف هو أنه لا سلام إلا بعد الحرب أو ما يسميه ب “السلام السلبي”. من هذا المنطلق يدعو الباحث إلى إعادة النظر في مفهوم السلام/ قائلا إن “السلام أصبح استثناء، لا نتكلم عن السلام إلا بعد الحرب ولذلك نركز كل جهدنا وطاقتنا على النزاعات”. ويضيف الباحث الذي يرى أن أي تحليل للسلام ولتعددية الأطراف يجب أن يضع المواطن في صلب الموضوع. العالم (والاهم الأمم المتحدة على الخصوص) همشت المواطن وأعطت كل الأهمية للدول”.
وتميزت هذه الندوة بحضور شخصيات أخرى، منها يوسف العمراني، وزير منتدب سابق بوزارة الخارجية ومكلف بمهمة بالديوان الملكي، عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، أندري أزولاي، مستشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وعمر موسى، وزير سابق بالخارجية المصرية، والأمين العام السابق بالجامعة الدول العربية.
وتعرف أشغال المؤتمر الدولي السابع ل”حوارات أطلسية” ، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام بمبادرة من مركز التفكير المغربي “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” حول موضوع “ديناميات أطلسية.. تجاوز نقاط القطيعة”، مشاركة 350 شخصا من 90 دولة. وتهدف “حوارات أطلسية” إلى بلورة خطاب آخر وبوادر حلول، وذلك عبر مقارنة وجهات نظر مختلف المشاركين المتدخلين من الشمال ومن الجنوب. وتهدف هذه الحوارات المتجذرة في المغرب، البلد الذي يقع على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إلى تطوير ثقافة التميز الإفريقي، وروح الانفتاح والتنوع الكبير.
> مبعوث بيان اليوم إلى مراكش- حسن أنفلوس