أدت الموجات المتطرفة في درجات الحرارة، سواء بالارتفاع الشديد أو البرودة الشديدة، إلى زيادة خطر الوفاة بين الأشخاص المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل المرضى الذين يعانون من مشاكل القلب الناجمة عن ضيق شرايين القلب، والسكتة الدماغية وفشل القلب وعدم انتظام ضربات القلب، وفقا لدراسة جديدة نشرت في 12 ديسمبر الجاري في دورية “سيركوليشن” (Circulation) التابعة لجمعية القلب الأميركية.
من بين أمراض القلب والأوعية الدموية التي تم فحصها في هذه الدراسة، تم ربط قصور القلب بأعلى معدلات الوفيات الزائدة من درجات الحرارة شديدة البرودة. ويعد الانخفاض في معدلات الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية منذ الستينيات قصة نجاح ضخمة في مجال الصحة العامة، إذ حدد أطباء القلب عوامل الخطر الفردية وعالجوها، مثل التبغ وقلة النشاط البدني ومرض السكري من النوع الثاني وارتفاع ضغط الدم وغيرها.
قاعدة بيانات عالمية
تناول التحليل أكثر من 32 مليون وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية على مدى 40 عاما، وتمت ملاحظة عدد أكبر من الوفيات في الأيام التي كانت فيها درجات الحرارة في أعلى أو أدنى مستوياتها مقارنة بالأيام المناخية الأكثر اعتدالا.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة براك الأحمد الباحث بكلية “تي إتش تشان” للصحة العامة في جامعة هارفارد إن الدراسة قدرت أنه من بين كل 1000 وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية، تعزى حالتا وفاة زائدة إلى الأيام شديدة الحرارة، ومن بين كل 1000 وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية، تعزى 9 حالات وفاة زائدة إلى أيام البرد القارس. بعبارة أخرى، يمكن أن تعزى حالة وفاة واحدة من بين كل 100 وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى أيام التطرف الحراري، سواء بالحرارة الشديدة أو البرودة القارسة.
وأضاف الأحمد للجزيرة نت “أنا من الكويت التي يمكن القول إنها أكثر دول العالم حرارة، وفي الكويت شهدنا زيادات كبيرة في مخاطر الوفيات بأمراض القلب بسبب الحرارة الشديدة. وفي هذه الدراسة الجديدة، قمنا بجمع قاعدة بيانات لأكثر من 32 مليون وفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية من 567 مدينة في 27 دولة بين عامي 1979 و2019. ونعتقد أن هذه هي أكبر مجموعة بيانات متعددة الجنسيات تم تجميعها على الإطلاق حول وفيات القلب والأوعية الدموية والظروف البيئية لسبب محدد”.
وأخذ الباحثون في الاعتبار الرطوبة وملوثات الهواء التي يمكن أن تكون مسؤولة عن الوفيات الزائدة في الأماكن ذات درجات الحرارة القصوى، كما قاموا بالتحكم في التأثير المتأخر لدرجة الحرارة على صحة الإنسان (تأثير التأخر) والمنطقة المناخية.
وقام الفريق بتطوير وتوسيع قاعدة بيانات الوفيات بأمراض القلب كجزء من شبكة البحوث التعاونية متعددة البلدان. وهو اتحاد من علماء الأوبئة والإحصائيين البيولوجيين وعلماء المناخ الذين يدرسون الآثار الصحية للمناخ والضغوط البيئية ذات الصلة على معدلات الوفيات، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert).
ضعف الاهتمام بتغير المناخ وأمراض القلب
منذ الستينيات، قام أطباء القلب بعمل رائع في تحديد جميع عوامل الخطر الفردية لأمراض القلب والأوعية الدموية، ومع ذلك يعتقد الباحث أن موضوع تغير المناخ وصحة القلب والأوعية الدموية لم يحظ باهتمام كبير من أطباء القلب، على الرغم من التقدم الكبير في أبحاث الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ووفرة البيانات.
ويضيف الأحمد “نحن بحاجة إلى أن نكون على قمة التعرضات البيئية الناشئة. في هذا المناخ المتغير بسرعة والوتيرة غير المسبوقة للاحترار، ليس هذا هو الوقت المناسب للنوم على عجلة القيادة. علمنا الآن أنه مقابل كل 100 وفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية، هناك وفاة إضافية واحدة على الأقل ناتجة عن الأيام الحارة والباردة الشديدة. بالنظر إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم فإن هذا يترجم أساسا إلى عبء كبير جدا”.
وتوفر الدراسة رابطا بين درجات الحرارة القصوى والوفيات بأمراض القلب من واحدة من أكبر مجموعات البيانات متعددة الجنسيات التي تم تجميعها على الإطلاق، لكن الدراسة قد تواجه بعض النقد لنقص تمثيل البيانات من جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون للحرارة الشديدة تأثير أكبر مما تم قياسه في البداية بسبب هذا النقص في البيانات.
ويوضح المؤلف “يجب تحذير القراء عند تفسير النتائج التي توصلنا إليها على أنها تقديرات عالمية؛ نظرا لأن بعض المناطق كانت ممثلة تمثيلا ناقصا في بياناتنا مثل جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، لكن باستخدام قاعدة البيانات هذه يمكننا تقديم إسهامات علمية كبيرة لتحسين فهمنا لمخاطر الصحة البيئية على أسباب الوفاة المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.