أعلن المكتب التنفيذي للاتحاد الفرنسي لكرة القدم يوم الأربعاء، رسمياً استبعاد رئيسه نويل لوغريت.
جاء ذلك على خلفية الضجة التي خلفتها تصريحاته، ضد نجم المنتخب الفرنسي السابق زين الدين زيدان، والتي قلل فيها الاحترام، في حق اسم كبير في تاريخ كرة القدم الفرنسية، والذي يوصف بـ “الأسطورة”.
تم استبعاد لوغريت المتهم أيضا بالتحرش الجنسي، عقب اجتماع طارئ عقده المكتب التنفيذي، حيث تقرر تعيين نائبه فيليب ديالو مؤقتاً، لقيادة الاتحاد الفرنسي.
وحسب تقارير إعلامية فرنسية، دفعت اللجنة لوغريت للانسحاب من مهامه، إلى حين نهاية التحقيقات.
ورغم أن الرئيس المبعد حاول في كلمة وهو باك، الإشارة إلى عدم وجود أية نية في الإساءة لزيدان، إلا أن قرار اللجنة التنفيذية بكامل أعضائها نفذ دون أدنى تردد أو تماطل…
ودون الرجوع إلى ما قاله لوغريت، والكلام السيئ الذي لا يليق بشخص يرأس اتحاد جهاز معروف بقوته ونفوذه؛ فإن هناك دروسا مفيدة من قرار التوقيف، وأهمية فتح تحقيق.
الدرس الأول يكمن في قوة المؤسسة، وقيمة أعضائها، والقدرة على اتخاذ قرارات هامة، تحفظ للاتحاد هيبته، وللأعضاء شخصيتهم الاعتبارية…
فهل يوجد في المغرب هيئة رياضية يتمتع أعضاء مكاتبها المسيرة بالقدرة والشجاعة، لاتخاذ قرار يقضي بتوقيف الرئيس، أو حتى إحالته على التحقيق؟
الجواب بطبيعة الحال، وبدون أدنى تردد، النفي القاطع والجازم!…
هذا ليس إسقاطا، أو تقليلا من قيمة التنظيمات على الصعيد الوطني، بقدر ما يعكس حقيقة واقع مؤسف، يترجم هشاشة فظيعة، تطبع أداء التنظيمات الرياضية، وهيمنة مطلقة للرؤساء، إلى درجة جعلت من أعضاء المكاتب، مجرد “كامبارس”، أو تكملة للمشهد المسرحي ليس إلا…
الدرس الثاني يتجلى في درجة التقدير المكفول للنجوم، والرمزية التي يتمتعون بها، وما رد الفعل الصادر من مختلف الأوساط الفرنسية، من لاعبين كبار ومسؤولين حكوميين، إلا دليل على أن المجتمع الرياضي الفرنسي مجتمع حي، ويشكل عيونا ساهرة، تراقب، وتتفاعل، وتتدخل في الأوقات المناسبة والحاسمة.
ونعود هنا لطرح التساؤل الحارق، هل لدينا أوساط تتفاعل، بنفس درجة الحزم واليقظة وروح المسؤولية؟
الجواب مرة أخرى بالنفي القاطع والجازم!…
ما سقناه من أمثلة مجرد غيض من فيض، يعكس ضعف الجانب المؤسساتي بالمجتمع الرياضي الوطني، بمختلف تفرعاته وتنوعاته واهتماماته، مجتمع تسيطر -للأسف- على أغلبيته الساحقة، -إلا من رحم ربي-، روح المجاملة وطغيان الانتهازية، والسعي للاستفادة الشخصية، حتى ولو كان ذلك على حساب المصلحة العامة.
والغريب أن الرياضة المغربية التي تعتمد كليا على النموذج الفرنسي، باستنساخ كلي للتشريعات والقوانين وهيكلة التنظيمات من “الماما فرنسا”، لماذا وحالته هذه؛ لا يتم اعتماد النموذج كاملا غير مجزإ؟ خاصة عندما يتعلق الأمر بالحد من سيطرة ونفوذ السادة الرؤساء؛ والعجز الكلي عن التدخل، حتى لو كان بعضهم فاسدين أو متجاوزين لصلاحياتهم، ويتعمدون تهميش الكفاءات والطاقات، ويتلاعبون بمصالح الأندية والجامعات، بل حولوها إلى محميات خاصة…
ننتظر التغيير الذي يمكن أن يأتي أو لا يأتي…
>محمد الروحلي