درس من مواجهة بيرو…

حسمت نتيجة التعادل المباراة الإعدادية الثانية للفريق الوطني المغربي لكرة القدم، ضد منتخب بيرو، والتي أقيمت بينهما مساء أول أمس الثلاثاء، على ملعب «سيفيتاس ميتروبوليتانو»، معقل نادي أتلتيكو مدريد الإسباني.
تندرج هذه المباراة في إطار استعدادات «أسود الأطلس»، لخوض غمار منافسات كأس أمم أفريقيا بكوت ديفوار، وهي الدورة التي يعلق عليها الجمهور الرياضي، آمالا كبيرة من أجل تحقيق تتويج قاري، غاب عن خزائن كرة القدم الوطنية طيلة عقود.
وكان مخطئا من اعتقد، أن المواجهة ضد بيرو ستكون سهلة وفي المتناول، خاصة بعد العرض الجيد الذي قدمه «أسود الأطلس»، في المباراة الأولى ضد منتخب البرازيل بطنجة.
وتبين أن المباريات بالفعل تختلف، وأن المواجهة ضد «سحرة السامبا» بطابعها الاحتفالي، وميل اللاعبين البرازيليين، عادة للاستعراض وإبراز الفنيات الفردية، سيناريو لا علاقة له بمنتخب بيروفي، تبحث كل مكوناته، عن الطريقة الأنجع لبناء فريق جديد، بقيادة مدرب يجتهد من أجل إثبات ذاته.
وهكذا سد البيروفيون كل المنافذ، وأغلقوا الممرات، ولعبوا بخمس مدافعين مع ملء وسط الميدان، تاركين الكرة للعناصر الوطنية، تفعل بها ما تشاء…
وبالفعل سيطر أصدقاء العميد غانم سايس على مجريات الجولة الأولى، ضغطوا سددوا، لكن لم يعرفوا كيف ينهون الهجمة، وغابت عنهم النجاعة الهجومية، رغم تعدد الفرص السانحة للتسجيل.
في الجولة الثانية خفت الإيقاع، بل امتلك لاعبو بيرو شجاعة أكثر، من أجل الخروج من القوقعة الدفاعية، وبعدما تبين أن المباراة تسير نحو نتيجة التعادل، اقتنع المدرب وليد الركراكي، بضرورة إعطاء الفرصة للاعبين آخرين، أولئك الذين يبحثون عن كسب مكانة ضمن التشكيلة الأساسية…
أول تعليق قاله المدرب، هو أن منتخب بيرو لعب بخطة دفاعية، معتمدا خمسة عناصر أمام حارس المرمى، مما صعب من المهمة، كما أن ظروف الصيام وتعب السفر، في ظرف ثلاثة أيام متتالية، كان له بالغ الأثر على جل اللاعبين.
انتصار على البرازيل وتعادل أمام بيرو، تسجيل هدفين، وتلقي هدف واحد، حصيلة مقبولة بالنسبة لفترة إعدادية استعدادا لخوض غمار كأس الأمم الأفريقية القادمة، بكوت ديفوار 2024.
والدرس الذي يستفاد هنا، هو أن المواجهات تختلف، وأن مباريات مونديال قطر لن تعاد بنفس الصيغة أو الأسلوب، فالقارة الإفريقية لها حقائقها وخصوصياتها، وأن المستوى الكبير الذي وصل إليه المنتخب المغربي، أصبح يفرض عليه مجموعة من التحديات، خاصة أنه تحول إلى خصم مهاب الجانب، كل الفرق تستعد له بكل الوسائل والطرق المختلفة…
فمن الآن فصاعدا، لن تجد منتخبا يفتح طريقة اللعب، ويهاجم بأكبر عدد من اللاعبين، فمواجهة مفاجأة مونديال قطر، أصبحت تفرض على كل من يلتقي الأسود، التسلح بالخطط المغلقة، والتكتل الدفاعي، وهذه الحقيقة يجب أن يستوعبها الطاقم التقني، بقيادة المدرب الظاهرة وليد الركراكي.
كان درسا بليغا من الناحية التكتيكية، فالمنتخبات التي توصف بـ «الصغيرة» لن تكون من الآن فصاعدا، لقمة سائغة بفم الأسود، وما على الركراكي و»وليداتو» إلا الإيمان بأن البقاء في القمة أصعب من الوصول إليها، مع إيماننا الراسخ بأن العناصر الوطنية لديها ما يكفي من الإمكانيات التقنية، والطموح الجارف والرغبة الأكيدة والروح الوطنية، في مواصلة طريق الإبهار خلال السنوات القادمة…

>محمد الروحلي

الوسوم , , ,

Related posts

Top