دروس ولد مولود

لم تتضح بعد حقيقة إفراج (البوليساريو) عن مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، خصوصا ألا أحد من عائلته تمكن من الاتصال به والتأكد من سلامته وحالته الصحية والنفسية. وهذه الوضعية تستوجب الاستمرار في الحذر، ومواصلة دعم ولد مولود إلى حين معانقته لأهله وتمكينه من كافة حقوقه في التنقل والتعبير الحر عن آرائه من دون أي مس بسلامته. ومع ذلك، فإن القرار الذي أعلنته البوليساريو يجسد رضوخها، ومعها النظام الجزائري، لضغوط المنظمات الحقوقية الدولية ومختلف أوساط المجتمع الدولي، بالإضافة لتعبئة كافة فئات الشعب المغربي وقواه الأساسية، حيث أن العالم كله أدان  الجريمة، وطالب ميليشيات تيندوف وحكام الجزائر باحترام حقوق الإنسان.
الدرس الواجب استخلاصه هنا، يتعلق بدور الإجماع الوطني، وأهمية تعزيز الجبهة الداخلية، علاوة  على مواصلة إنجاح مسلسلات الإصلاح داخل البلاد، وتمتين الديمقراطية والحداثة والتنمية، بما يساهم في تقوية التماسك الوطني الداخلي، وأيضا تقوية الثقة لدى كافة أبناء الأقاليم الصحراوية في وطنهم وفي مستقبله.
الدرس الثاني، يهم، من جهة أخرى، ضرورة تعزيز انفتاح المملكة على منظمات حقوق الإنسان العالمية، والانخراط في منظومة التعامل المتعارف عليه مع مثل هذه المنظمات، من حيث الأسلوب ومن حيث المرجعية ولغة الخطاب وأساليب الترافع لديها.
لقد جرت قضية ولد مولود، هذه المنظمات إلى التنديد بجريمة اختطافه واعتقاله، وهذه الدينامية استطاعت أن تبرز للعالم أجمع حجم الاستهتار الذي تتعاطى به الجزائر وصنيعتها البوليساريو مع قيم حقوق الإنسان، واليوم من واجب المغرب إدراك  أهمية النقط الايجابية التي راكمها لصالحه من وراء هذه الصورة، وعليه، بالتالي، استثمارها مستقبلا، وتفادي ارتكاب الأخطاء، التي تجعل الصورة معكوسة في لحظات.
وصلة بهذا، فإن الدرس الثالث يرتبط باستعجالية امتلاك المغرب لمخطط استراتيجي بشأن علاقته بالإعلام الدولي، وأهمية  تعزيز صورة وحضور المملكة في الإعلام العربي والعالمي.
إن واجهة الإعلام ومنظمات المجتمع المدني باتتا اليوم آليات جوهرية في الصناعة الدبلوماسية المعاصرة، ومن الضروري لبلد مثل المغرب أن يستثمرهما لخدمة قضاياه الوطنية ومصالحه الاقتصادية والإستراتيجية وتطلعاته الديمقراطية.
وبالنسبة لمصطفى  سلمى ولد مولود، فإن المطلوب اليوم، مواصلة مساندته حتى يتحقق الإفراج الفعلي عنه، ويتمتع بحقه في العودة إلى داخل مخيمات تيندوف، ويتم تمكينه هناك من حق التعبير الحر عن آرائه.

Top