دور وسائل الإعلام

بالموازاة مع تحميله المسؤولية لمختلف أطراف العملية الانتخابية، لفت جلالة الملك في خطاب 20 غشت أيضا إلى دور وسائل الإعلام، حيث أن السباق والتنافس بين الأحزاب وبين المرشحين حول الأصوات والمقاعد، لا يوازيه سوى سباق مماثل، وأحيانا يكونان أكثر سخونة على صفحات الجرائد، وعلى شاشات القنوات التلفزيونية، ومن ثم فإن التطلع اليوم إلى اعتبار الاستحقاقات الانتخابية المقبلة معركة وطنية، يقتضي انخراط وسائل الإعلام أيضا ودعمها وتأهيلها لكي تساهم بفعالية في كسب هذا الرهان الديمقراطي التاريخي.
لقد جاء الدستور الجديد بعديد مكاسب ترتبط بالممارسة الصحفية في بلادنا، ما أصبح يفتح الأفق على إصلاحات جوهرية (قانونية وتنظيمية وهيكلية) تشمل المهنة وشروط ممارستها، وبالتالي، فإن النهوض بالقطاع اليوم هو من ضمن إجراءات تنزيل الدستور، كما أن تطوير الأداء المهني في محطة مثل الانتخابات يعتبر تجليا من تجليات إسهام الصحافة في إنجاح مسلسل الإصلاح.
الصحافة اليوم مطالبة بالمساهمة في تعزيز أجواء الثقة في العملية الديمقراطية، كما أنها مطالبة بالقيام بدور محوري في محاربة إفساد الانتخابات، ومراقبة سلامة ونزاهة مختلف أطوارها.
ولمساعدة صحافتنا الوطنية، خصوصا المكتوبة منها، على إنجاز مهامها، لا بد للدولة أن تعتبر القطاع مجالا حيويا لكل نجاح ديمقراطي، ولذلك فهو يستحق الدعم والإسناد والتأهيل، وإدراج ذلك ضمن مشمولات «الباكدج» الانتخابي.
من جهة ثانية، فإن الحصول على المعلومة من مصادرها، يبقى من أساسيات العلاقة في هذه المرحلة، ما يقتضي اعتماد السلطات المعنية بالانتخابات سلوكا تواصليا ممأسسا ومنتظما ومنفتحا، فضلا، بطبيعة الحال، على مسؤولية الصحافة ذاتها في اعتماد التحري والدقة والموضوعية في معالجة الأخبار وفي نشرها، وفي متابعة كامل الحراك  المتصل بالعملية الانتخابية.
وفي السياق نفسه، فإن رهان تقوية الثقة في العملية الديمقراطية يفرض على وسائل الإعلام المساهمة في تثقيف المواطنين ومدهم بكامل المعلومات والشروحات والتحاليل المتعددة، وأيضا تحفيزهم على المشاركة، وتوعيتهم بأهمية صوتهم، وبضرورة مساهمتهم في محاربة كل أشكال الفساد وشراء الأصوات…
وإن التنبيه الملكي حول دور الإعلام، يجب أن يلقى إنصاتا في وسائل الإعلام العمومية، خصوصا الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم إدراك حجم الرهان المطروح عليها، وأيضا ارتباط نسبة كبيرة من نجاح التحول التاريخي بانخراطها المهني الواعي في مسلسله.
وحتى يربح الرهان، لابد لإعلامنا السمعي البصري أن ينكب من الآن على تمتين اهتمامه بالجدل حول القضايا المرتبطة بالعملية الانتخابية، ولاحقا حول مختلف المحاور التي تتضمنها البرامج الانتخابية المتنافسة، بالإضافة إلى تقديم مواد تعريفية من الآن حول الإجراءات الجديدة ذات الصلة بمحاربة الفساد وبأشكال التصويت وبشروط الترشيح وغير ذلك، مع الحرص على تقديم مختلف وجهات النظر، وإضفاء الأشكال المهنية الجاذبة على مجموع العرض التلفزيوني المتعلق بالمادة الانتخابية والسياسية.
استنهاض الإعلام للإسهام في إنجاح الانتخابات وإسناد المقاولات الصحفية للقيام بذلك يبدأ من الآن.
[email protected]

Top