اختار حزب التقدم والاشتراكية لتخليد رأس السنة الأمازيغية “إيض يناير”2968، أن يكون وفيا لمبادئه، ولمواقفه التاريخية الثابتة والمعروفة في الدفاع عن اللغة والثقافة الأمازيغيتين، وعن الحقوق اللغوية والثقافية لشعبنا، تماما كما كان يتميز بذلك دائما.
لم يختر الحزب التقدمي مجاراة موجات المزايدة السياسوية البئيسة حول القضية، ولم ينخرط في جوقات إعلاء الصوت ونفخ الأوداج، ولكنه تمسك بتاريخه النضالي العريق المعروف، وأعلن، عبر بلاغ لمكتبه السياسي، أن الأمازيغية مكون أصيل للهوية المغربية المتنوعة والموحدة، ودعا إلى جعل تخليد رأس السنة الأمازيغية تقليدا راسخا لدى مختلف المؤسسات والهيئات والفعاليات الوطنية عبر ربوع البلاد.
وفضلا عن تسجيل هذا الموقف السياسي المبدئي والتذكير به، أقام الحزب بمقره الوطني في الرباط حفلا فنيا متميزا شاركت فيه فعاليات ثقافية وجمعوية وحقوقية أمازيغية، وجرى رسم لحظة فنية احتفالية حميمية بهذه المناسبة الوطنية.
الاحتفال برأس السنة الأمازيغية جرى كذلك في فروع الحزب بالمناطق من خلال مهرجانات فنية وندوات ثقافية، وعرفت مساهمة فنانين وأدباء ونشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية، وبالتالي مثلت المناسبة فرصة كذلك لتطوير حوار عقلاني عميق حول مختلف إشكاليات ومهام النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وهو ما أفرز أفكار ومقترحات ومبادرات، لا شك أنها ستغني مشاريع الوثائق التحضيرية المتعلقة بالمؤتمر الوطني العاشر للحزب.
وفي السياق نفسه، كانت لافتة الخطوة المتميزة التي أقدم عليها حزب التقدم والاشتراكية، والمتمثلة في ترجمة قانونه الأساسي إلى الأمازيغية وكتابته بحرف:”تيفيناغ”، وذلك كثمرة لمجهود علمي قام به باحثون ومختصون في الأمازيغية، وفي اللغات والترجمة، ونسقت أشغاله بتضحية وتطوع وكفاءة الشاعرة والإعلامية الرفيقة خديجة أروهال.
هذه الخطوة الرمزية هي بالفعل مبادرة غير مسبوقة في الحقل الحزبي المغربي، وتندرج ضمن الاصطفاف المبدئي النضالي المعروف لحزب التقدم والاشتراكية دفاعا عن النهوض بالأمازيغية وتأهيلها وترسيمها وتكريس حضورها في المجتمع، في التعليم والإعلام والقضاء والإدارة والفضاء العمومي…
إن إبراز هذه المبادرات التي أقدم عليها حزب وطني تقدمي عريق مثل التقدم والاشتراكية، والتذكير بمواقفه التاريخية والمبدئية من قضية الأمازيغية، هو من باب التأكيد على رفض إحاطة الأمر بالشعبوية السياسية والمزايدات الكلامية البئيسة، وبالتالي افتعال حروب الوهم حواليه، وأيضا من باب الحث على ضرورة تقوية تفكير العقل الذي يرتكز أولا إلى البحث الموضوعي والمصداقية العلمية، وإلى الجدية النضالية ووضوح النظر إلى المستقبل، وإلى كل الرهانات الثقافية والتنموية والمجتمعية والديموقراطية المطروحة اليوم على البلاد.
إن الحديث عن الأمازيغية اليوم يجب أن يستحضر كل هذا وأن يصر على الثوابت، وأن يأخذ بعين الاعتبار كل ما تراكم من مكتسبات عملية ومؤسساتية لحد الآن، وأيضا ما برز من مشاكل وتجليات خصاص وقصور، ثم ضعف منظومة المتابعة والتقويم والتطوير، والحاجة إلى استكمال الأوراش والبرامج وإطلاق آفاق لها، تكون ممتدة في الواقع ولها الأثر الملموس في حياة الناس وعلى الأرض…
رأس السنة الإمازيغية الذي يمثل بداية التقويم الأمازيغي، هو يرتبط أساسا بالأرض والهوية والوجدان، وهو ليس فقط طقوس غذائية أو احتفالية أو علائقية بلا مضمون أو خلفية، ولكنه يدل على تجذر تاريخي متأصل للإنسان الأمازيغي في شمال إفريقيا، ومن ثم يبرز الدرس القوي من كل هذا، وهو ضرورة الإمساك بالدلالات المتصلة بالهوية العريقة والمتميزة لشعبنا، وأيضا ما يميز تاريخ بلادنا من عراقة وتعدد، ورسوخ قيم الانفتاح والتكامل في التاريخ الحضاري للمغرب، وارتباط شعبه بالأرض و…الوطن، ثم أيضا استثمار كامل هذا العمق التاريخي لتطوير بناء المواطنة الحديثة المنتصرة لقيم الديموقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، والمنفتحة على التقدم والحداثة والتعددية والنهوض بتقدم وتنمية الوطن.
كل عام وشعبنا وبلادنا يراكمان خطوات التقدم والتنمية والوحدة والديموقراطية…
“أسكاس إيغوذان”
< محتات الرقاص