احتضنت المديرية الجهوية للثقافة بالقنيطرة، حفل قراءة وتوقيع لرواية «خضرا والمجذوب» للروائي عبد المالك المومني، قارب الأستاذ أحمد الجلطي في ورقته عوالم الرواية، مركزا على شعرية المكان والاستراتيجية المعتمدة في السرد ومرتكزاتها الأسلوبية.
فالرواية من خلال بطلها الرئيسي أحمد، تستعيد المكان « العين الخضرا / الناعسة التي تبقى مهادا لمراتع الصبا وبوتقة ذاكرة مشتركة لجماعة من الأتراب.
في حين يسعى بنعيسى النائب البرلماني وصديقه المقاوم والمهندس بنحدو لكي يتم استثمارها كمشروع منتجع سياحي، ومن الناحية الفنية – يستطرد المحلل – بأن للرواية قيمتها الفنية المائزة عبر استثمار المحكي الشعبي والأسطوري ولاسيما فن الحلقة، مع السعي إلى انتهاك الحدود القارة للجنس الأدبي، كما تميزت الرواية بالتدجين اللغوي والخطابات الموازية تخصيبا لطاقتها التناصية والحوارية.
أما الأستاذ « محمد الصولة فعنون ورقته بـ « الكتابة الروائية بالمغرب وسؤال المعمار الروائي «خضرا والمجذوب» للروائي عبد المالك المومني نموذجا»،
وبعد توطئة عامة حول الرواية العربية عامة والمغربية خاصة ، مشيرا بأن الرواية المغربية ، وهي تلامس التغيرات العالمية والكونية ، ارتبطت بمحيطها وما ينضح به من توترات وتجليات اجتماعية وثقافية وسياسية.
فعنوان الرواية كدال رمزي مكاني يستند على لفظين يلخص مبنى الحكي ومسار السرد، فـ «خضرا» مستغرفة في الماضي ولواعج نوستالجية، أما المجذوب فهو حالة استهامية في مجرى تفضيض النص، فالعلاقة بين خضرا والمجذوب تشي بنسق أسطوري ينتظم فيه تاريخ المكان بالعودة إلى البدايات.
وتتراوح الكتابة في الرواية بين الكتابة التاريخية وطقوس الأسطورة – يقول الصولة – في معرض حديثه، حيث يتضح أن العلاقة بين المكون التاريخي والمكون الروائي يفضيان للتعبير عن شواغلها، فالأول يقف عند حدود التوثيق، والثاني يروم الحلم المنفتح على الآتي .
إن تلازم العلاقة بين تاريخ المكان وطقوس أسطرته منحت الرواية بعدا مرآويا، تجسد في وضع السارد ورمزية المكان، بكون ما حصل علاقة جسدية وصوفية، فالروائي نسج متخيلا من المظاهر الأسطورية، وتمسي «خضرا» كائنا أسطوريا تتبأر داخله التشظيات السردية.
البناء السردي – حسب الباحث- يدخل ضمن مايمكن تسميته بالرواية الجديدة الطليعية، التي تستمد في بنائها إلى مرجعيات عدة تأتلف وتختلف حسب السياقات الزمانية وألفة الأمكنة وغرابتها.
بخصوص الاستعمال اللغوي في رواية «خضرا والمجذوب» للروائي عبد المالك المومني، فهو اشتغال على النص التراثي المنفتح على التأويل الهيرمينوطيقي، متجاوزا المنطق اللسني العلمي الميتولوجي إلى كونه يختزل إشكالية أفق إنساني يهتم بإمكانيات وقدرات الوجود الكوني للإنسان، فالسارد في الرواية مستعرضا الأحداث لا يني عن التراجع عن تقديم صورة متكاملة للمكان ولروابطه المتداخلة الاجتماعية والسياسية والتراثية والنفسية.
بعد تقديم الورقتين النقدتين، قدم القاص محمد الشايب شهادة في حق المحتفى به، عنون كلمته بـ «عبد المالك المومني: طيبة إنسان وفروسية مبدع»، جمع بين طيبة الإنسان وصدقه وبين فروسية المبدع وتميزه، مقل في الكلام والإبداع وعميق فيهما معا، يرسم خطواته بهدوء دون ضجيج يزينه التواضع والحكمة والاستناد لمكارم الأخلاق، فالكل يحبه وطوبى لمن اجتمعت على حبه القلوب.
الأوراق النقدية المقدمة عقبها نقاش خصب ساهم فيه الجمهور الحاضر، وقبل عملية توقيع الرواية ألقى الكاتب عبد المالك المومني كلمة بصوت متهدج وهو يعبر عن سعادته الكبرى وطلبته الذين أطرهم بالأمس يقول – تواضعا – يتعلم منهم اليوم، معبرا عن سعادته وفرحته بهذا اللقاء الذي حج إليه جمهور غفير، تقديرا لمكانة الأستاذ الإنسانية والجامعية فضلا عن الإبداعية، وفي الختام أهدى الأديب والفنان التشكيلي محمد سعيد سوسان هدية رمزية باسم فرع اتحاد كتاب المغرب بالقنيطرة للروائي والزجال والأكاديمي عبد المالك المومني.
متابعة: المصطفى كليتي
رواية “خضرا والمجذوب” في ضيافة فرع اتحاد كتاب المغرب بالقنيطرة
الوسوم