روكبان: الهيأة ستشكل قوة اقتراحية فعالة إذا توفرت لها الوسائل اللازمة

صادق مجلس النواب، في وقت متأخر من مساء أول أمس الثلاثاء، على على مشروع قانون رقم 79.14 المتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وهو المشروع الذي أثار الكثير من الجدل خلال الآونة الأخيرة.
وصادق المجلس، خلال جلسة عمومية، بالأغلبية على المشروع الذي نجحت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، منذ أيام، في تمريره، بالأغلبية أيضا، ضمن لجنة القطاعات الاجتماعية، وذلك بعد جلسات ماراطونية عرفت مناقشة عاصفة وانسحبت على إثرها المعارضة من جلسات اللجنة، مما يسر تمرير مشروع القانون المذكور في اللجنة وإحالته على المجلس ليصادق عليه ضمن جلسة أول أمس.    
وأكد رشيد روكبان، رئيس فريق التقدم الديمقراطي، في مداخلة باسم الفريق خلال المناقشة العامة للمشروع، أول أمس الثلاثاء، أنه لا يمكن النظر إلى هذا الأخير”على أنه تراجع أو أننا لا زلنا نراوح مكاننا باعتماده”، مشددا على أنه يعتبر بالعكس من ذلك خطوة إيجابية في اتجاه التفعيل الديمقراطي للدستور، وتقدما مهما في “تنزيل المنظومة القانونية والمؤسساتية للدستور في مجال المساواة والمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز”، وهو ما عملت الحكومة على القيام به “بجرأة وشجاعة”.
وأقر رئيس فريق التقدم الديمقراطي الذي صوت لفائدة المشروع، أن القانون المحدث لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز لم يكن “مقنعا مائة بالمائة” لجميع الأطراف الممثلة داخل مجلس النواب، بما فيها بعض فرق الأغلبية، وذلك على الرغم من المقاربة التشاركية التي نهجتها الحكومة في الإعداد له.
وأشار روكبان أن القانون “لا يتصف بالكمال أو المثالية”، لكن تم التوافق حوله في إطار “تغليب منطق التوافق والتضامن”، و”تدبير الاختلاف بالشكل الذي لا يؤثر سلبا على السير العادي للمؤسسة التشريعية”.
وأكد روكبان أن “الهيأة ستشكل قوة اقتراحية مؤسساتية فعالة وحقيقية إذا توفرت لها الموارد البشرية والمالية والمادية اللازمة للقيام بمهامها”.
وذكر في نفس الوقت بعدد من الملاحظات التي سبق أن أبداها الفريق خلال مناقشة المشروع والتي تهم أربع نقاط أساسية في صيغة المشروع المصادق عليه، تتعلق تحديدا بمسألة التعريف، وطبيعة المهام، وتشكيلة الهيأة، ومسألة التوطين الترابي أو المجالي للهيئة.
وشدد روكبان على أن حزب التقدم والاشتراكية يعمل على الترافع والدفاع عن رؤاه  وتوجهاته في احترام لباقي وجهات النظر، لكنه لا يتردد في الانخراط الإيجابي في تحصين المكتسبات وتثبيتها والاستمرار في المرافعة والعمل على تطويرها وتعزيزها في المستقبل.
وكانت الوزيرة بسيمة الحقاوي قد أكدت، لدى تقديمها للمشروع أمام المجلس، أن الهيئة “ستضطلع بدور هام في مجال رصد المعيقات التي تحول دون إعمال مبدأي تكافؤ الفرص والارتقاء بالمعاملات في الحياة العامة وقياس درجة التطور المحقق على هذا المستوى”.
وأبرزت أن الهيئة ستساهم أيضا في تنمية قدرات كل الفاعلين في القطاعين العام والخاص من خلال إثراء النقاش العمومي، وتقديم مختلف أشكال المساعدة التقنية اللازمة للسلطات العمومية ومختلف الفاعلين في القطاعين العام والخاص، من أجل السعي إلى التحقيق الفعلي لمبدأي المساواة والمناصفة وعدم التمييز.
ويخول المشروعلهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز صلاحيات في مجال الإحالة الذاتية حيث ينص على أن بإمكان هذه الهيئة أن تبادر تلقائيا إلى إبداء رأيها حول مشاريع القوانين أو المراسيم وكذا إبداء رأيها، بطلب من أحد مجلسي البرلمان، في مشاريع أو مقترحات القوانين.
كما يمكنها تقديم مقترحات أو توصيات بهدف تعزيز قيم المساواة والمناصفة وعدم التمييز وتكريسها وإشعاعها، والاضطلاع بدور مؤسسي كقوة اقتراحية من أجل النهوض بمبادئ المساواة والمناصفة وعدم التمييز.
وتأتي المصادقة على المشروع في إطار تسريع وتيرة إخراج عدد من القوانين التي تندرج في سياق تعزيز الحماية للنساء والنهوض بحقوقهن، حيث ينتظر أن تتم المصادقة أيضا خلال هذه الدورة على مشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، بينما شرع مجلس المستشارين بدوره يوم أمس الأربعاء في مناقشة مشروع قانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، بعدما تمت المصادقة عليه بمجلس النواب الشهر الماضي.
إلا أن هذا المسار مازال لا يخلو من تعثرات، حيث تجري مناقشة هذه القوانين في المؤسسة التشريعية في ظل جدل كبير وانتقادات قوية من قبل المعارضة البرلمانية وهيئات من المجتمع المدني والحركة النسائية، والتي تعتبر أن الصيغ الحكومية للقوانين المتعلقة بحقوق النساء، لا تتجاوب بصفة حقيقية وفعلية، مع المطالب والاحتياجات المعبر عنها في هذا الاتجاه.  

سميرة الشناوي

Related posts

Top