انتقل إلى دار البقاء خالد الناصري، وزير الاتصال الأسبق والقيادي السابق بحزب التقدم والاشتراكية، مخلفا مسارا حقوقيا وسياسيا ودبلوماسيا حافلا قوامه الوطنية الصادقة والتفاني في خدمة القضايا الكبرى للوطن.
وقدم الراحل، الذي وافته المنية، أمس الأربعاء، بعد معاناة مع المرض، خدمات جليلة للمملكة على شتى الأصعدة، وكرس حياته على مدى عقود من مساره الحافل للدفاع عن قضايا البلاد بأسلوبه المتفرد، القائم على المسؤولية والالتزام بالمبادئ في مرحلة هامة من تاريخ المغرب.
فقد تقلد الراحل طيلة مساره الحافل مسؤوليات رسمية عدة، أبرزها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة ما بين 2007 و2012. كما كان يشغل منصب سفير المملكة بالأردن منذ سنة 2018.
حول بداياته ومساره النضالي وعطاءاته لحزبه ولوطنه استقينا التصريحات التالية لرفاقه وزملائه ولمن جايلوه. وقد أجمعت هذه التصريحات على أن المشهد الحقوقي والسياسي والدبلوماسي الوطني فقد برحيل خالد الناصري أحد رجالاته البارزين الذين قدموا خدمات جليلة للمملكة بحس عال من الوطنية، وحنكة سياسية مشهود له بها من أجل ترسيخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية: رحمة الله عليك يا خالد إن حزبك لن ينساك وإنك ستظل نبراسا لامعا في تاريخ وذاكرة حزبنا
فقد المغرب البارحة وحزب التقدم والاشتراكية أحد القادة السياسيين اللامعين في التاريخ المعاصر للمغرب.
خالد الناصري رحمة الله عليه كان مناضلا منذ السنوات الأولى من شبابه، وتربى في مدرسة الوطنية الخالصة والتشبث بالمقومات الأساسية لبلادنا؛ ومنذ أن التحق بحزبنا في الستينيات من القرن الماضي، وهو يحتل الصفوف الأمامية في النضال من أجل تتبث استقلال بلادنا والدفاع عن وحدتها الترابية وعن استكمالها، والدفاع المستميت في الوقت ذاته عن الديمقراطية والمؤسسات الدستورية وعن الحريات وحقوق الإنسان.
خالد الناصري وهو في السنوات الأولى من مساره المهني في بداية السبعينيات كان أيضا في الصفوف الأمامية دفاعا عن المعتقلين السياسيين وهو ما فعله طيلة حياته المهنية هاته.
خالد الناصري كان له في نفس هذه السنوات إسهام هائل وبارز بقلم ثاقب وأفكار نيرة وقدرة هائلة على النقاش والجدل الإيجابي؛ كان له مسار في المجال الإعلامي والصحفي وفي جريدة بيان اليوم بطبعتيها الفرنسية والعربية.
خالد الناصري رحمة الله عليه كان مفكرا لامعا، جامعيا بارزا، رجل قانون قل نظيره، متحكم بشكل عميق في القضايا الدستورية، إلى درجة أننا صحبة عدد من رفاقه وأصدقائه الأقرباء كنا ننعته بالدستور.
خالد الناصري ساهم بشكل أساسي من خلال ما كان يسميه بجدلية الوفاء والتجديد في تجديد المسيرة الفكرية والسياسية لحزب التقدم والاشتراكية، إلى جانب عدد من القياديين البارزين الآخرين، وخالد الناصري كان أيضا مسؤولا وطنيا بارزا ووزيرا متفوقا وسفيرا لامعا.
سيظل بالنسبة إلي شخصيا خالد الناصري رحمة الله عليه رفيقا وصديقا وأخا قطعنا معا عقودا من الزمن في نضال مشترك، فكرنا معا، أنتجنا معا، كتبنا معا، ناضلنا معا، وواجهنا معا، قاومنا معا، ودافعنا معا عن قيمنا ومبادئنا ومواقفنا المشتركة التي هي قيم ومبادئ ومواقف حزب التقدم والاشتراكية.
رحمة الله عليك يا خالد إن حزبك لن ينساك وإنك ستظل نبراسا لامعا في تاريخ وذاكرة حزبنا.
***
مولاي إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية: كان وفيا لآرائه وأفكاره ومبادئه
كان خالد الناصري رحمه الله من المناضلين الأوفياء لآرائهم ولأفكارهم ومبادئهم، كما كان كذلك رفيقا بشوشا دائما، منفتحا أمام كل الآراء ويرد عليها بلباقة.
فعلا كان مرجعا ومثالا بالنسبة لرفاقنا جميعا، بقي لآخر لحظة متشبثا بما حكم حياته كلها، أظن أن الحزب فقد أحد رموزه في الواقع مع ذهاب السيد خالد إلى دار البقاء.
***
عبد الواحد سهيل عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية: كان مناضلا وإطارا ومفكرا وألمعيا وأستاذا مدركا لا يمكن تصور حجم حزني على فقدانه
كان الرفيق خالد الناصري صديقا عزيزا، وأخا قريبا مني جدا إلى جانب العلاقات الحزبية التي كانت تجمعنا؛ عرفته حين كان طالبا، آنذاك كنت مسؤولا عن التنظيم الطلابي بكلية الحقوق، وطلب مني الانخراط في الحزب، ومنذ ذاك كانت علاقتنا وطيدة.
آخر مرة رأيته كانت قبل 15 يوما بمؤسسة علي يعته حيث أصر على الحضور للمحاضرة رغم حالته الصحية الحرجة وحضر كل أشغالها؛ هذا الرجل كان طبعه الأساسي أنه رجلا خدوما وكان مناضلا على كافة المستويات، سواء على مستوى إنتاج الأفكار، واشتغل كصحفي وكمحام وكأستاذ جامعي وكرئيس مؤسسة لتكوين الأطر، واشتغل طبعا كمناضلا في الحزب، وكان من مؤسسي الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية…
كان خالد الناصري رجلا يتحلى بروح الجدية والواجب وكان محبا للحياة وللناس، خاض معاركا، حضر كمحام في كل المحاكمات السياسية التي وقعت بين السبعينات إلى التسعينات، كان كذلك من مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وقد اشتغل كمسؤول على مؤسسة تابعة للجامعة العربية تشتغل على موضوع الحريات وحقوق الإنسان.
الرجل كان في نفس الوقت مناضلا وإطارا ومفكرا وألمعيا وأستاذا مدركا وكان صديقا وأخا عزيزا، لا يمكنك أن تتصور حجم حزني على فقدانه، لكن هذه مشيئة الله.
***
مصطفى البرايمي عضو مجلس رئاسة حزب التقدم والإشتراكية: خالد الناصري يتميز ببعد النظر وبتحليل سياسي عميق
يعتبر الفقيد العزيز، والقيادي في حزب التقدم والاشتراكية، خالد الناصري، من الرفاق الأعزاء، الذين لم يبدلوا تبديلا. كان رحمه الله، وهو الذي جمع بين صفات الأكاديمي، الأستاذ، المحامي، السفير ورجل دولة، يتميز بمعرفة واسعة وعميقة، وبإحساس سياسي قوي، وله بيداغوجية خاصة، وكانت تدخلاته في اجتماعات الحزب تتسم بمستوى رفيع جدا، وببعد النظر، وبتحليل سياسي عميق، ويتفاعل معها الرفاق بشكل إيجابي، بل كان جميع الرفاق ينتظرون تدخلاته التي كان يمزج فيها بين المقاربة الإيديولوجية والمقاربة السياسية.
الفقيد كان أيضا رجل نكتة، دائم الابتسامة، وفي جل نقاشاتنا، كان دائما ما يختمها بنكتة أو مستلمحة، ليبين أن هناك تفاهما بيننا وأننا على نفس المنوال.
اليوم، يلتحق خالد الناصري بالرفيق الأعلى، بعد حياة نضالية على مستويات متعددة، سيبقى دائما حاضرا بيننا، لما قدمه للحزب ولجريدة البيان وبيان اليوم من خدمات جليلة، في أوقات عسيرة وصعبة، لم تكن سهلة، كان فيها الفقيد، حاضرا بقوة ومناضلا ووفيا وملتزما بقضايا الوطن والشعب .
كان الفقيد أيضا نجما ساطعا في سماء النشاط السياسي المغربي، وفي النشاط الحقوقي، وقد ترأس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في بداية التسعينات، وفي كل مراحل التاريخ المغربي المعاصر، كانت بصمات الفقيد حاضرة ومتجسدة، في مواقفه وتحاليله الرصينة ونضالاته، ومساهماته في قراءة الدساتير المغربية .
إن رحيل رفيقنا خالد الناصري، خسارة للوطن وللحزب، فقد كرس حياته من أجل أن يجعل من حزب التقدم والاشتراكية، حزبا قويا، جماهيريا، طلائعيا وثوريا بكل معنى الكلمة، فرحمة الله عليه، وعزائي الحار لأسرته ورفاقه وأصدقائه ومعارفه.
***
عبد السلام الصديقي وزير التشغيل الأسبق عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية: المغرب يفقد رجلا نادرا على جميع المستويات
تلقيت بتأثر بالغ خبر وفاة رفيقي وصديقي الأستاذ خالد الناصري. خلف رحيله صدمة لدي ولدى أصدقائه ورفاقه وعموم الحركة الوطنية الديمقراطية، فقد فقدنا رجلا نادرا على جميع المستويات، من حيث خصاله الإنسانية تصل إلى درجة الكمال، فقد عاش حياته متواضعا ومناضلا مناصرا ومدافعا عن جميع القضايا العادلة.
تعرفت أول مرة على رفيقي خالد الناصري، في بداية الثمانينات حيث جمعتنا الحياة المهنية، إذ كنا نشتغل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدارالبيضاء، وكنا نلتقي في اجتماعات دورية، وعلى المستوى الشخصي، كانت الروح الرفاقية ونوع من المودة تطبع علاقتنا، علما أن الناصري كان أحد أبرز قادة حزبنا ومن الرعيل الذي رافق المؤسسين، وتقاسم منعطفات سياسية صعبة.
وكان الناصري يمتلك أسلوبا فصيحا في تحليل الأمور، حيث كانت له منهجية خاصة، نادرا ما ينفعل، وكان رجل توافقيا ينجح دائما في حلحلة الخلافات حيث يغلب القواسم المشتركة، وكان هذا معينه طيلة مساره النضالي على مختلف الجبهات، بل كان للرفيق خالد الناصري مسارات متعددة وكلها تترجم الروح النضالية العالية التي كان يتميز بها كتقدمي، فقد كان مناضلا حقوقيا نشطا حيث يعد إحدى القامات الحقوقية التي بادرت إلى تأسيس للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، كما يتردد بصفته محاميا ورجل قانون في الدفاع ومؤازرة المعتقلين السياسيين.
ولا ينحصر مجال اهتمام الناصري في القضايا الحقوقية بل مارس الصحافة من أوسع أبوابها، حيث كان يكتب المقالات باللغتين العربية والفرنسية لينشرها في جردتي البيان وبيان اليوم التابعتين لحزب التقدم والاشتراكية، هذا علما أنه اشتغل ل كمستشار قانوني وسياسي لفترة طويلة إلى جانب القائد علي يعتة، كما تمكن خلال تحمله لمختلف المسؤوليات كوزير وسفير أن يؤدي مهامه بكل تفان وإيمان خدمة للوطن.
في آخر مرة زرته وكانت قبل أسبوع من رحيله، استقبلني رغم معاناة المرض بابتسامته وشغف النقاش الذي كان يتملكه حيث تحدثنا حول قضايا عديدة وطنية ودولية، وفي لحظة توجه لي بالكثير من التأثر قائلا» أنا أعاني من شيء بسيط، إذ لدي قدرات فكرية هائلة حول مختلف القضايا لكني لا أستطيع الكتابة ولا القراءة نظرا لوضعي الصحي»، وقد أجبته» كن مطمئنا سآتي بعد رمضان عندك للبيت وأسجل كل ما يدور في ذاكرتك من أفكار»، لكن الموت لم يمهلنا لإنجاز ذلك.
***
رحال زكراوي عضو مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية: كان الراحل متميزا بصداقاته وعلاقاته الرفاقية وقبل كل شيء بأخلاقه العالية
خالد الناصري أحد قيدومي حزب التقدم والاشتراكية.. مسيرة أكثر من نصف قرن كان متميزا بصداقاته وعلاقاته الرفاقية وقبل كل شيء بأخلاقه العالية، هو مناضل فذ ووطني غيور متشبث حتى النخاع بقيمه ومبادئه في الدفاع عن دولة الحق والقانون والديمقراطية ببلدنا.. رحيله خسارة كبيرة للوطن وللحزب.. لروحه الرحمة والسكينة والسلام ولأسرته وحزبه خالص العزاء.
***
عبد العزيز قراقي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط: الناصري رجل تبسيط الأفكار المعقدة
كتب لي أن أدرس خلال مساري الجامعي مادة القانون الدستوري عند أستاذين جليلين رحمة الله عليهما عبد الرحمن القادري في السنة الأولى من الإجازة، وخالد الناصري في السنة الأولى من دبلوم الدراسات العليا، والحقيقة أن الأستاذين ينتميان إلى مدرستين مختلفتين، فبقدر ما كان الأستاذ عبد الرحمن القادري معجبا بالتجربة الدستورية الفرنسية، وبالضبط تلك التي أسس لها دوكول مع الجمهورية الخامسة، بقدر ما كان الأستاذ خالد الناصري مجسدا للمدرسة النقدية في القانون الدستوري، التي كان يقودها كبار فقهاء فلسفة القانون من قبيل ميشيل مياي، والحقيقة أن هذا الانتماء لم يكن له أدنى تأثير على مستوى جودة محتوى المحاضرات، ولم يكن معيارا لتقييم الطلبة، كانت الظروف تفرض في السنة الأولى من الإجازة مسافة بين الطالب والأستاذ لاعتبارات متعددة، من بينها العدد الكبير للطلبة، وبداية حياة الطالب الجامعية، التي تقتضي الاستئناس بالانتقال من طقوس التعليم الثانوي إلى مناخ التعليم الجامعي، بينما في السلك الثالث، يقترب الطلبة أكثر من الأستاذ، ويتكون عندهم تراكم معرفي يسمح لهم بالمناقشة، وربما بناء المعرفة بشكل تشاركي، مثلما كان يسمح بذلك الأستاذ خالد الناصري رحمة الله عليه.
أتذكر جيدا طريقته في تبسيط الأفكار المعقدة، وحرصه على أن يكون لكل كلمة معناها الدقيق في كلامه، ناهيك عن روح الدعابة أحيانا التي كانت تشعر الطلبة بنوع من الألفة بينهم وبينه، وأتذكر بالمناسبة نقاشات كانت تدور بيننا حول دولة القانون، وكنت أستفسره باستمرار رحمة الله عليه، عن السبب الذي يجعلنا نحن العرب نضيف كلمة الحق إلى المفهوم الأصلي ليصبح دولة الحق والقانون، فكان يستفيض في الشرح، ويتفرس في أعيننا عن وقع خطابه.
مضت الأيام وشاءت الأقدار أن أصبح أستاذا، وتقلد هو مناصب عديدة، ومرة حضر إلى كلية الحقوق السويسي، وكانت المناسبة تأسيس تنسيقية لشعب القانون العام بالمغرب، وقدمت عرضا في الجلسة الأولى، وعند انتهاء أشغالها بادرني بالتحية، فأخبرته أنني كنت من طلبته، فرح لذلك وقال لي رحمة الله عليه مداعبا «الحمد لله أن ما بذلته من جهد في الجامعة بمدينة الدار البيضاء لم يضع» .
لا أملك الآن إلا أن أترحم على روحه الطيبة، وأسأل الله أن يؤويه إليه في الفردوس الأعلى.
***
عبد الرزاق العكاري أستاذ التعليم العالي، مدير الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة: الناصري.. الأستاذ الذي يحرص على تقاسم معارفه مع طلبته
فقدت الساحة الوطنية أحد أبرز الوجوه القيادية والسياسية وأحد رجالات الدولة الإصلاحيين، فقد كان لي شرف حضور محاضرات الأستاذ خالد الناصري كطالب ضمن أول فوج بالمعهد العالي للإدارة بالرباط، حيث كان الراحل يشغل في ذات الوقت منصب مدير المعهد، هذه المؤسسة التي تأسست بمبادرة من طرف جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني.
وعمل خالد الناصري على بلورة فكرة هذا المعهد على أرض الواقع وجعله أداة في خدمة تحديث وتطور الإدارة المغربية والمساهمة في تكوين نخبة من الأطر العليا القادرة على تقديم إضافة نوعية لمشروع تطوير الإدارة المغربية.
كانت المحاضرات التي يلقيها علينا الأستاذ خالد الناصري تتجاوز كثيرا البعد النظري لتتملك بعدا يرتبط بالواقع انطلاقا من خبراته الواسعة وتجاربه الميدانية كقيادي سياسي في حزب تقدمي وكرجل قانون وحقوقي ومسؤول في الدولة، وكانت علاقتنا به لا يحصرها في كوننا طلبة، بل كان يعتبرنا رفاقه حيث كان لا يبخل في أن يتقاسم معنا كل ما يرى فيه فائدة لنا من تجاربه، وكان هاجسه أن تصل الدفعة الأولى للمعهد بعد التخرج لمواقع المسؤولية من أجل المساهمة في رفع التحديات التي يعرفها المغرب، ذات الصلة بإصلاح الإدارة والبعد التنموي.
لم يكن الأثر الطيب للأستاذ خالد الناصري الذي يتفرد بخصال ومعاملة راقية ينحصر اتجاه الطلبة بل يمتد لدى كافة المتعاملين معه.
رحم الله الفقيد، وألهم أسرته الكبيرة والصغيرة بالصبر والسلوان.
***
أحمد شوقي بنيوب المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان: خالد الناصيري كان رجلا من عيار كبير في مجال سياسة حقوق الإنسان
فقدنا برحيل الأستاذ الفاضل السي خالد الناصري رجلا من عيار كبير في مجال سياسة حقوق الإنسان حيث القانون والقانون الدولي لحقوق الانسان والسياسة والقيم ففي هذا المضمار كان في طليعة النخبة التي أسست لنهج جديد مطلع التسعينات من القرن المنصرم مارسها بعقل منفتح وأفق متقد وصبر عميق وروح جذابة وأخلاق عالية وفرح إنساني.
لا نزال تحت وقع الفراق الله يرحمه بواسع رحمته ويرزق أسرته ورفاقه ومحبيه الصبر الجميل….
ستكون فرصة الذكرى الأربعينية مناسبة للوقوف على بذله وكرمه النضالي والمعرفي.
***
سعيد سيحيدة رئيس اللجنة الوطنية للتحكيم في حزب التقدم والاشتراكية: خالد الناصري قامة وطنية شامخة تفانت في خدمة قضايا الوطن الكبرى
تعرفت على الرفيق خالد الناصري رحمه الله، في سبعينيات القرن الماضي، لحظة تأسيس الشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، حيث كنت إلى جانبه في المكتب الوطني وكان حينها الرفيق سالم لطافي شفاه الله هو الكاتب الأول.
خلال هذه المرحلة كان الراحل الرفيق خالد الناصري مكلفا بالعلاقات الخارجية بالمكتب الوطني للشبيبة المغربية للتقدم والاشتراكية، وكنت حينها شابا صغيرا أشتغل إلى جانبه، وأحضر معه في اجتماعات الإعداد لبعض المهرجانات الشبابية، مما جعلني أستفيد كثيرا على مستوى العلاقات مع المنظمات الشبابية الصديقة المغربية والدولية، وأستفيد أيضا على مستوى صياغة البلاغات، وأسلوب الحوار والإقناع.
وعرف الرفيق خالد الناصري بمقالاته السياسية والتحليلية الرزينة والتي كنا نقرأها بشغف كبير في جريدتي البيان بالعربية والفرنسية، وكانت مقالات غزيرة ومستمرة، كان يوقعها أحيانا، باسمه، وأحيانا أخرى يكتبها دون توقيع، لكن كنا نعرفها لأنها كانت مميزة وتحمل بصمته في الكتابة والتحليل، وهي البصمة التي كانت تحيلك مباشرة على خالد الناصري الذي كان مزدوج اللغة عربية وفرنسية وكان يكتب برصانة وعمق.
كما عرف فقيد حزب التقدم والاشتراكية، بمقالاته العديدة حول القضية الوطنية وأساسا خلال سبعينيات القرن الماضي، علما أنه مثل حزب التقدم والاشتراكية ضمن الوفد الذي ذهب إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي عندما عرضت عليها قضية الصحراء المغربية، وكان يكتب من هناك مقالات وتحاليل حول الموضوع وكان يبعثها لجريدتي البيان بالعربية والفرنسية.
جانب آخر، يتعين التذكير به، هو أن الرفيق خالد الناصري، كانت له مساهمات قوية في إعداد مشاريع الأطروحات السياسية للمؤتمرات الوطنية لحزب التقدم والاشتراكية منذ تأسيسه.
كما كان فقيها دستوريا ساهم بشكل كبير في النقاش الذي واكب مختلف المحطات الإصلاح الدستوري.
إلى جانب كونه كان خطيبا سياسيا مفوها، فقد كان الفقيد واحدا من مؤسسي مدرسة محاماة حزب التقدم والاشتراكية، إلى جانب الراحلين حميد لحبابي ومحمد أنيق، والرفيقين عبد العزيز بنزاكور شفاه الله، وعبد اللطيف أعمو أمد الله في عمره، بالإضافة إلى كونه رحمه الله كان شغوفا بالنضال الحقوقي، وكان واحدا من مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب الأستاذ عمر عزيمان، وكان عضو مكتبها الوطني.
وفي هذا السياق، فقد عرف بمرافعاته وسط المحاكم، حيث كان ينصب في العديد من الملفات للترافع عن رفاقه في حزب التقدم والاشتراكية، ومناضلي اليسار عموما خلال المحاكمات السياسية التي شهدها القرن الماضي، وتحديدا خلال فترة ما بات يعرف بـ «سنوات الرصاص».
إلى ذلك فقد كانت تربطه علاقة متميزة مع الوسط الإعلامي والصحفي، وكان يحظى باحترام الجميع، حيث ترأس إحدى لجان المناظرة الوطنية للإعلام التي احتضنتها مدينة الرباط سنة 1993 تحت شعار «الفضاء الإعلامي: رهانات المستقبل».
وعندما تحمل الراحل مسؤولية وزارة الاتصال في الحكومة ما بين 2007 و 2012، اشتغل كرجل دولة متميز على العديد من الملفات، وواصل الاشتغال على ملفات كان قد بدأها رفيقه محمد نبيل بنعبد الله، أبرزها إطلاق القناة الأمازيغية وغيرها من الملفات.
الجانب الآخر من شخصية الرفيق خالد الناصري، كونه كان يقدس علاقته بأسرته الصغيرة، زوجته وأبناؤه، وكان يحترم هذه العلاقة بشكل كبير، بالإضافة إلى حرصه على الارتباط بكل أفراد عائلته، فقد كانت تربطه علاقة متينة بعمه الأستاذ والشيخ محمد المكي الناصري رحمه الله.