شرفات أفيلال: التمكين الكامل للنساء من حقوقهن هو صمام أمان لتماسك النسيج المجتمعي

قالت شرفات أفيلال منسقة اللجنة التحضيرية الوطنية للمؤتمر الثاني لمنتدى المناصفة والمساواة، إن “الإيمان بأنَّ التمكين الكامل للنساء من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والنهوض بأوضاعهن، هو صمام أمانٍ لتماسك النسيج المجتمعي، وهو سبيلُ لتحقيق التنمية التي نريد: تنمية منصفة، دامجة، عادلة تتقاسم فيها المسؤوليات بين نساء المغرب ورجاله”.
وأكدت شرفات أفيلال، في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر يوم الجمعة الماضي، على أنه في منتدى المناصفة والمساواة “المنظمة الموازية لحزبنا التقدمي العتيد: حزب التقدم والاشتراكية: القضية النسائية ليست قضيةً فئوية، وليس قضية ثانوية، وليست قضية مناسباتية، توزع من خلالها الورود والعطور وبعض الهدايا، وليست مسألة مزايدات سياسوية، كما أنها ليست قضية بحثٍ عن الزعامة والظهور والتباهي، وليست بمثابة تَرَفٍ فكري أو نضالي، وليست قوسيْنِ يُغلقان عند كل انتخابات أو كلمات فضفاضة نُدَبِّــجُ بها البرامج والوثائق … إنها قضية مجتمعية، أو هكذا يتعين أن تكون، وهي معركة توجدُ في قلب البناء الديموقراطي من أجل مجتمع الحرية والمساواة والديموقراطية والحداثة والتقدم والتنمية والعدالة الاجتماعية… لذلك فهي معركة تعني كافة الديموقراطيين والحقوقيين والمتنورين والحداثيين، أينما كانوا، ومهما تكن مشاربهم الفكرية والثقافية: رجالاً ونساءً”. وفيما يلي تفاصيل نص الكلمة الافتتاحية:

الرفيق الأمين العام لحزبنا، حزب التقدم والاشتراكية؛
الرفيقات والرفاق، عضوات وأعضاء قيادة الحزب؛
السيدات والسادة ضيوف المؤتمر الوطني الثاني لمنتدى المناصفة والمساواة؛
السيدات والسادة، نساء ورجال الإعلام؛
الرفيقات والرفاق المؤتمرات والمؤتمرين؛
أهلا ومرحباً بكن، وبكم، جميعا، في هذه المحطة النضالية لمنتدى المناصفة والمساواة، والتي استعصى علينا تنظيمها لمدة سنتين بالتمام والكمال، بسبب ما فرضته علينا، كما على غيرنا، الجائحةُ من تقليصٍ للأنشطة الحضورية إلى درجة كبيرة، للأسف الشديد.
لكن الأهم، هو أننا، ها نحن، هنا معاً، نلتقي مُجددًا، ونحن نحمل نفس القناعات، ونفس التوجهات، ونفس الهوية، ونفس الإيمان، كما كنا دائما، وأكثر.. الإيمان بأنَّ التمكين الكامل للنساء من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والنهوض بأوضاعهن، هو صمام أمانٍ لتماسك النسيج المجتمعي، وهو سبيلُ لتحقيق التنمية التي نريد: تنمية منصفة، دامجة، عادلة تتقاسم فيها المسؤوليات بين نساء المغرب ورجاله.
في نفس الوقت، نلتئم اليوم، وكلنا حماس وتعبئة من أجل أن نصدح بالصوت العالي، نحن منتدى المناصفة والمساواة، المنظمة الموازية لحزبنا التقدمي العتيد: حزب التقدم والاشتراكية: أنَّ القضية النسائية ليست قضيةً فئوية، وليس قضية ثانوية، وليست قضية مناسباتية، توزع من خلالها الورود والعطور وبعض الهدايا، وليست مسألة مزايدات سياسوية، كما أنها ليست قضية بحثٍ عن الزعامة والظهور والتباهي، وليست بمثابة تَرَفٍ فكري أو نضالي، وليست قوسيْنِ يُغلقان عند كل انتخابات أو كلمات فضفاضة نُدَبِّــجُ بها البرامج والوثائق … إنها قضية مجتمعية، أو هكذا يتعين أن تكون، وهي معركة توجدُ في قلب البناء الديموقراطي من أجل مجتمع الحرية والمساواة والديموقراطية والحداثة والتقدم والتنمية والعدالة الاجتماعية… لذلك فهي معركة تعني كافة الديموقراطيين والحقوقيين والمتنورين والحداثيين، أينما كانوا، ومهما تكن مشاربهم الفكرية والثقافية: رجالاً ونساءً.


السيدات الفُضليات، والسادة الأفاضل؛
رغم ظروف الجائحة التي حَدّت من نشاط المنتدى حضوريا، ها نحن استطعنا، في ظرف زمني قياسي، أن نقوم بتعبئة عشرات التنسيقيات الإقليمية والمحلية للمنتدى، ونحضر، هنا والآن، بالمئات. فتحية خاصة من اللجنة التحضيرية الوطنية إلى كافة المنتدبات والمنتدبين، وأنتن وأنتم تمثلون مُــدناً وأقاليم وجماعات من مختلف ربوع وطننا العزيز. ونأسف أننا لم نستطع، بالنظر إلى الظروف الاستثنائية، من تلبية كافة طلبات المشاركة في هذا المؤتمر الوطني الثاني… لكن مواعيد لقائنا المقبلة ستكون كثيرة وكثيفة وغنية… بالنقاش والعمل والنضال والاقتراح والتبادل.
تحية خاصة، أيضاً، إلى حزبنا، حزب التقدم والاشتراكية، الذي واكب تهييئنا لهذه المحطة النضالية، وهو واثقٌ في قدراتِ نسائه، على وجه الخصوص. ونُــعاهد حزبَــنا أننا سنظل على هويته راسخات، وبمبادئه متمسكات، وعلى هويته التقدمية مدافعات… إنها مسؤولية كبيرة مُلقاةٌ على عاتق هذا الجيل من المناضلات والمناضلين: مواصلةُ المسيرة المشرقة التي رسم معالمَها الرعيلُ الأول وما بعده من رفيقات ورفاق حزب التقدم والاشتراكية، وبَصَمَهَا بالكفاح والتضحيات، إنما حَسْبُنَا أننا، كجيلٍ حالي، نستشعر حجم هذه المسؤولية وثِــقلها أمام الجيل الشاب الصاعد.
الحضور الكريم؛
لا شك في أنكن وأنكم، جميعا، تُدركون سِمات السياق الذي يلتئم فيها مؤتمرُنا الوطني الثاني، هذا: الجائحة وتداعياتها الوخيمة، نفسيا وصحيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا؛ الغلاء الصاروخي للأسعار؛ الجفاف؛ الاضطراب الدولي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية بانعكاساتها السلبية على كل المجالات والممتدة على صعيد العالم كله…. وعليه، فإن السياق صعب ومقلق ومرشَّح لمزيدٍ من التفاقم… سوف يكون له انعكاسات مقلقة على الطبقات الهشة وعلى رأسها النساء دون شك.
هذه الظروف الاستثنائية، لا يتعين أن تُنسينا أنَّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ببلادنا… كانت تتسم بالانحباس من قبل، وهو ما دعانا إلى المناداة بالنَّــفَس الديموقراطي الجديد…. وهو ما دعا بلادنا إلى أن تُعيد النظر في نموذجها التنموي بشكلٍ كاملٍ وجذري…. لكن السؤال الذي يظل مطروحاً، اليوم، هو: هل الحكومة الحالية تقوم بكل ما يجب لأجل التخفيف من وطأة وآثار هذه الظروف القاسية على المواطنات والمواطنين؟؟؟
سأترك الجواب لكم، وللرأي العام، وللنقاش الذي سيجري بيننا خلال هذا المؤتمر.
السيدات، والسادة؛
كل هذه الأوضاع التي تحدثنا عنها، بعجالة، لا شك أنها صعبة ومعقدة وليست أبداً سهلة التجاوز، وهي تهم الجميع: صغاراً وكباراً، شيوخاً وشباباً، نساءً ورجالاً، أُسَــراً ومقاولات، عمالاً ومعطلين…. لكن لا مبالغة، البتة، في القول إنَّ الصفَّ الأول من ضحاياها والأكثر تَــأَثُّــراً بها والأشدُّ هشاشةً من حيث القدرة على مقاومتها، في بلادنا، هنَّ النساء.
هذا هو الواقع المرير، للأسف. ونحن، جميعاً، نعرف السبب العميق وراء ذلك: ببساطة، لأننا مجتمع لا تسوده المساواة بين النساء والرجال. وهذه البعض، فقط، من المؤشرات الدالة والصادمة والمُنْذِرة، حتى لا يقول أحد إننا نتحامل على مجتمعنا:
– في سنة 2019، تعرضت 7.6 مليون امرأة للعنف، من بين 13.4 مليون امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 15 و74 سنة، أي ما يمثل 57%؛
– حواليْ 18% فقط من النساء في سن العمل بالمجال الحضري، هن من يُساهمن في النشاط الاقتصادي، و27% في المجال القروي؛
– تحتل بلادنا مرتبة مخجلة في مؤخرة البلدان، من حيث مؤشر Le Global Gender Gap Index الذي هو مؤشرٌ لقياس الفجوة بين الجنسين يُصدره المنتدى الاقتصادي العالمي: المرتبة 135 من أصل 145 بلداً؛
– نسبة التغطية الصحية لدى النساء أقل بكثير من مثيلتها لدى الرجال؛
– ثلث الأطر العليا، فقط، هن نساء، وما بين 10 و20% من النساء هن فقط من يتحملن مسؤولية ضمن المناصب العليا العمومية؛
– النساء اللواتي يتوفرن على حساب بنكي أقل بمرتين من الرجال؛
– نسبة الهدر المدرسي لدى الفتيات في العالم القروي أكبر من نظيرتها لدى الفتيان؛
– النساء هن الأكثر عرضة للعمل الشاق، والعمل الهش، والعمل الموسمي، والعمل غير اللائق، في كافة المجالات الاقتصادية، وهن الأقل أجراً مقارنة مع الرجال؛
– الارتفاع الهائل، حسب الأرقام الرسمية، لعدد حالات زواج القاصرات، حيث تحول الاستثناء إلى قاعدة….إلخ
هذه مجرد معطيات تُشكّــلُ فَــيْضاً من غَــيْض. وقد تعَمّدتُ أن أُورِدَهَا متفرقة ومتنوعة، لكي نُدرك جيداً، بالدليل القاطع، على أنَّ اللامساواة تُعَشِّشُ بيننا في كل الفضاءات والمجالات، ولكيْ نُدرك أنَّ تقدم بلادنا إذا كان له من عوائق وإكراهات، ففي مقدمتها عجزُنا إلى حد الآن عن تشييد مجتمعٍ ينبني على العدالة والمساواة والمناصفة.
إنَّ كلَّ المؤشرات تُظهر أنَّ الفقر مؤنث، ووضعية الهشاشة مؤنثة، والظلم الاجتماعي مؤنث، والحكرة مؤنثة والعنف بجميع أشكاله مؤنث، وأنَّ صعوبة الولوج إلى معظم الحقوق مؤنث…. لهذا فمعركة بناء المشروع المجتمعي المُؤَسَّسِ على المساواة هو أحد المفاتيح الأساسية لكي نرتقي ببلدنا في كل مناحي الحياة.
نعم، نحن ننتمي، باعتزازٍ إلى مدرسة سياسية متوازنة ومتزنة ومسؤولة. لذلك لا يُمكننا أن نتغاضى عن مكاسب القضية النسائية، التي تحققت على مر عقودٍ، بفضل نضالات القوى الديموقراطية والتقدمية، وبفضل نضالات الحركة الحقوقية والنسائية.
ففي السنوات الأخيرة، عرفت بلادنا إجراء إصلاحات هامة لمدونـة الأسرة، ولقانـون الحالـة المدنية، ولمدونة الشغل، والقانون الجنائي، وقانون الجنسية. والمدونة المؤطرة للانتخابات كما تمت المصادقة على قانون محاربة العنف ضد النساء. وعَبَّرَتِ الحكوماتُ المتعاقبة عن إرادتها في تعزيز حقوق النساء، على الأقل على مستوى الإعلان عن النوايا الحسنة. وكان دستور 2011 تتويجاً متقدما للمكتسبات بتنصيصه على المساواة والمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز.
كما شهد الحقل السياسي والمؤسساتي والإداري مكتسباتٍ، ولو محتشمة وغير كافية، على صعيد تمثيلية النساء. وتقلدت عددٌ من النساء مهام ومسؤولياتٍ كبيرة، واخترقت، عن جدارة واستحقاق، عدداً من القلع التي كانت حِكْراً على الرجال ومعقلا حصريا لهم.
ومع كل ذلك، لا أحد يُجادل في أننا نسجل تقدما بطيئا جدا، بل وتراجعا في عددٍ من المجالات المتصلة بحقوق النساء. كما نسجل تُخمةً على مستوى الخطاب مقارنةً مع الإنجاز. ونَــلمس ترددًا كبيراً لدى معظم الفاعلين في تمكين النساء من حقوقهن. ولذلك نقول بأنه تَــمَّ فعلا تعطيلُ الورش الدستوري في شق المساواة والمناصفة طيلة عقد من الزمن. وهذا ما يطرح علينا، جميعاً، تحديا ضخما، هو الارتقاء بالثقافة الحقوقية داخل المجتمع، وبالممارسة، حتى تصير في مستوى التقدم المُحرزِ على صعيد إنتاج القوانين والمعايير. فكل الدراسات تبين أن موضوع المساواة لا يزال مطبوعاً بطابع الهشاشة، ومكتسباتُه قابلة لأن يتم التراجع عنها في أيِّ لحظة وحين، كما أنه موضوع لا يحظى في المجتمع بطابع الحسم ثقافيا ومن حيث العقليات.
وذلك ما يجعلنا، في منتدى المناصفة والمساواة، أشد حرصاً على اليقظة النضالية المتواصلة، إلى جانب كل مكونات الحركة النسائية والصف الديموقراطي التقدمي. كما يجعلنا نسعى جاهدين إلى التحسيس بأهمية إدماج بُعد المساواة في مؤسسات الثقافة والتنشئة والتربية والإعلام، حيث هناك تُصنع العقليات والتمثلات والتوجهات والآراء.
وأود في هذا الصدد أن أنوه بمبادرة إئتلاف المناصفة دابا التي تترافع لدى صناع القرار السياسي من أجل تنزيل ورش المناصفة الذي أقره دستور 2011، حاملة لمشروع عقلاني جدي وطموح.
لست ناطقة رسمية لهذا الائتلاف لكن كموكن من مكوناته نلتمس من السيد رئيس الحكومة المحترم أن يبدي انفتاحا على الحركة النسائية وأن يتفضل بتحديد موعد لاستقبال ائتلاف المناصفة دابا الذي ننتظره منذ زمن طويلا
الحضور الكريم؛
ونحن نعقد مؤتمرنا الوطني الثاني للمنتدى، بِوُدّنا أن نرسل رسالة إلى كل الفاعلين والمؤثرين في حياتنا الوطنية، مهما كانت مواقعهم أو مسؤولياتهم أو مجالات اشتغالهم: إنَّ قضية المرأة ليست مسألة نخبوية. هو نهوضٌ بالمستقبل… وضمانٌ لمجتمع عادل ومنصف ومتقدم… فلا تنمية بلا مساواة، ولا تقدم بلا مساواة، ولا ديموقراطية بلا مساواة، ولا مكانة لبلادنا بين الأمم بلا مساواة.
ولذلك، هذه مناسبة، لنتوجه، كمؤتمرٍ وطني لمنتدى المناصفة والمساواة، إلى كل نساء العالم، وتحديداً إلى كل نساء المغرب، بالتحية الخالصة، والدائمة كل يومٍ من أيام السنة،…. لكننا نرفض أن نكون مجرد تأثيث للمشهد. بل نحن، نساءً ورجالاً، معًا يدًا في يد من أجل المُضيِّ قُدُماً ببلادنا نحو العُلا والنجاح.
وفي هذه اللحظات التعبوية، فِكرُنا وقلبنا يتجه، بالخصوص، نحو: ربات البيوت، والنساء الأرامل، والنساء المعنفات والمرأة في المناطق الريفية والجبلية والأحياء الهامشية، والعاملات المنزليات، وعاملات النظافة، والنساء السجينات، والمثقفات ونساء الإعلام، والعاملات في الحقول الفلاحية، والعاملات في المصانع والمعامل، والأمهات العازبات، والفتيات بالمجال القروي، والطالبات، والموظفات والأجيرات، والنساء ضحايا الحرب في كل مناطق النزاع بالعالم؛… وكافة فئات وشرائح النساء، نتوجه إليكن بأحر التحايا، على التضحيات والعطاء والكفاح… فأنتن رمز الصمود والنضال اليومي ضد ثقافة اللاعدل واللامساوة…. وضد الظلم التاريخي الذي لا نريده أن يستمر.
السيدات، والسادة؛
إنَّ منتدى المناصفة والمساواة الذي نعقد مؤتمره الوطني الثاني، الآن وهنا، له كل الإرادة في أن يُعطي دفعة قوية إلى النضال من أجل إقرارِ جيلٍ جديدٍ من الحقوق الإنسانية للنساء، تعزيزاً لموقع حزبنا، حزب التقدم والاشتراكية، ولإسهاماته الكبيرة في هذا المضمار. حيث يشهد له التاريخُ أنه حمل هذه القضية منذ نشأته الأولى قبل 80 سنة، حين كان مُجَرَّدُ الحديثِ عن المرأة عَــلَــناً، يُعتبر بمثابة وصمة عار، ويا للأسف الشديد.
حزبنا هو الذي حمل الخطة الوطنية لإدماج المرأة…. حزبنا هو الذي أطلق العديد من المبادرات المؤسساتية في مجال تمكين النساء…. حزبنا هو الذي أدمج النساء في خلاياه التنظيمية وفروعه وقيادته منذ عقودٍ من الزمن. حزبنا هو الذي تواجَدَ منذ البدايات الأولى في قلب الحركة النسائية النضالية، وأسهم في تأسيس عدد من التنظيمات المدنية والحقوقية النسائية. حزبنا كان سَبَّاقاً إلى إدماج مقاربة النوع حين أشرف مناضلاته ومناضلوه على تدبير قطاعاتٍ حكومية اجتماعية….. وها هي مسؤوليتنا اليوم هي أن نواصل هذا المسار المشرق… بلا كَلَلٍ ولا مَلَل.
لذلك، نتطلع إلى أن يكون المنتدى قيمة مُضافة حقيقية، على صعيد النضال الميداني ونضال القرب، كما على مستوى الترافع، وعلى مستوى الاقتراح، وعلى صعيد التأطير والتكوين؛ ولا سيما من أجل:
– إقرار المناصفة في التمثيلية النسائية داخل الأحزاب السياسية، والهيئات المنتخبة، والوظائف الانتخابية ومحاربة كل الصور والكليشيهات والممارسات التي تريد للمرأة أن تكون مجرد ديكور يؤثث المشهد السياسي والحزبي والمؤسساتي؛
– إقرار المناصفة في مراكز القرار والمسؤوليات العمومية؛
– تأطير وتكوين النساء والرجال، على حد سواء، في مجال حقوق النساء، والتحسيس بأهمية إكساب المرأة مكانتها المستحقة في المجتمع؛
– الترافع لأجل ملاءمة الترسانة القانونية والإطار المؤسساتي للمعايير الدستورية والدولية في مجال حقوق الإنسان، وحقوق المرأة تحديداً، والدفع في اتجاه تعديلات جذرية على كل التشريعات ذات الصلة بمكانة النساء وحقوقهن. والنضال من أجل التطبيق الأمثل والسليم لهذه القوانين؛
– إصلاح القانون الجنائي برؤيةٍ تحديثية تنتصر للحريات وتُنصف المرأة المغربية وتُمَكِّنها من المساواة الكاملة. ووضع الآليات القانونية والعملية الكفيلة برصد وتجريم ومنع وزجر كافة أشكال العنف والتمييز والاستغلال والحط من كرامة المرأة والمس بإنسانيتها، في جميع الفضاءات؛
– الإصلاح الجذري لمدونة الأسرة، في اتجاه تعزيز المساواة، والنضال في سبيل المنع النهائي لتزويج القاصرات، بدون استثناءات، وتجريم المخالفين؛ وكذا منع استغلال الزواج غير الموثق لأجل التعدد ومنع هذا التعدد المخجل؛
– العمل من أجل إطلاق حوار هادئ ومتزن حول قضايا الإرث والإجهاض، وحول توسيع فضاء الحريات الفردية عموماً،
– مناهضة الصور النمطية للمرأة في الحقل الثقافي والفني والإعلامي؛
– الدفاع عن ضرورة تدارك النواقص والثغرات التي تم الوقوف عليها أثناء تطبيق القانون محاربة العنف ضد النساء؛
– الترافع من أجل الارتقاء بآليات محاربة العنف والتحرش، والاستغلال الجنسي في أماكن العمل أو في أماكن التحصين العلمي؛
– الكفاح لأجل إقرار المساواة وتوفير الآليات اللازمة لضمان ممارسة الحق في الولوج إلى العدالة من طرف النساء الضحايا؛
– تشجيع النساء ضحايا العنف والتحرش والتمييز على الإفصاح والتبليغ، وتجاوز عقلية الخوف من المحاكمات الصورية من طرف المجتمع والمحيط، والنضال من أجل خلق آلياتٍ لمواكبتهن؛
– خلق آليات حقيقية من أجل تقييم فعلي ومراقبة مؤثرة لمدى إدماج السياسات العمومية والميزانيات العمومية لمقاربة النوع؛
– الترافع من أجل فرض آلية المناصفة في كل مناحي الحياة الوطنية العمومية تماشيا مع مقتضيات الدستورية لبلادنا؛
– مناهضة كل أشكال الالتفاف على القوانين بهدف تحقيق حضور شكلي فقط للمرأة في المجال السياسي والإداري والمؤسساتي؛
– القيام بكل المجهود المطلوب لضمان حق جميع الفتيات المغربيات في التمدرس في ظل شروطٍ مناسبة؛
– النضال من أجل دفع الحكومة نحو تخصيص دعم استثنائي للمرأة في المجال القروي، خاصة والمغرب يعيش على وقع ظرفية الجفاف وندرة المياه؛
– تمكين النساء من حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على الرفع من معدل انخراط المرأة في سوق الشغل، مع الإقرار العملي للمساواة في الأجور وفي كافة الحقوق المهنية.
هذه، فقط، بعض من الأورشا المستعجلة، وغيرها كثير. ننطلق فيها من رصيد النضال على درب تحقيق المشروع المجتمعي القائم على المساواة، بإخفاقاته وتعثراته. ونحن مقتنعون بأنَّ الوقت قد حان من أجل الانتقال نحو إقرار جيلٍ جديدٍ من الحقوق الإنسانية للنساء، بأفق تحقيق هدف المساواة التامة بين النساء والرجال على جميع المستويات وفي كافة الفضاءات والمجالات.
وبهذه المناسبة، فإنَّ منتدى المناصفة والمساواة يُطالبُ الحكومة أن تُسارع نحو بلورة مخططٍ دقيق وناجع ومتكامل يجعل الإنسان عموماً، والمرأة بصفة خاصة، في قلب مجهود الإنعاش الاقتصادي وفي صلب النهوض بالأوضاع الاجتماعية.
وبمناسبة الحديث عن الحكومة الغائبة عن التواصل مع الرأي العام، والمتحججة بالظروف الموضوعية لتبرير عجزها، نقول لها: ها هو مجال أساسي لا يتطلب لا ميزانيات ولا قروض ولا هم يحزنون… هو مجال الحريات والديموقراطية والمساواة يتطلب فقط وحصريا الإرادة السياسية، لأجل الحد من تصاعد مظاهر التمييز والاستغلال والعنف التي تَــطالُ النساء، سواء في المجال القروي أو الحضري، وفي الفضاءات العمومية والمهنية والخاصة. ولأجل الارتقاء بالثقافة والممارسة الديموقراطية، وبفضاء الحريات والحقوق.
السيدات والسادة؛
الرفيقات والرفاق؛
إنَّ التحديات النضالية التي أمامنا عظيمة وعديدة وجسيمة، وطريق المساواة طريقٌ طويل وشاق. أمام مجتمعنا ومؤسساتنا وقوانيننا وثقافتنا، وأمام الحركة الديموقراطية والحقوقية المنتصرة للحقوق الإنسانية للنساء….. أمامنا جميعاً مسارٌ طويل من الكفاح…. الذي لنا كل العزيمة اللازمة، وكل الاقتناع الضروري… بأننا سنقطعه بنجاح.
في الأخير،
بمناسبة مؤتمرنا هذا الذي يأتي في سياق تخليد اليوم العالمي لحقوق النساء، بدلالاته الرمزية القوية والعميقة، نوجه نداءنا الحار إلى كافة مكونات الحركة الديموقراطية والحقوقية والنسائية، من أجل العمل النضالي المشترك، يداً في يد، لتعزيز التأطيرٍ المجتمعي، والترافع المدني والمؤسساتي، وتكثيف النضال الميداني، وتعزيز عملية التفكير، وتكثيف المبادرات الجماعية، بما من شأنه الارتقاء بحقوق النساء، والنهوض، بالتالي، بأوضاع وطننا وشعبنا.
دمتم للنضال أوفياء، وإننا على دربه لسائرات ولسائرون. ولكم كل الشكر على انتباهكم.

< تصوير : عقيل مكاو

Related posts

Top