شروط صيام المرأة الحامل -الحلقة 18

رمضان هو شهر جوع وعطش ولكنه يعتبر في نفس الوقت بلسما وشفاء للأجساد والأرواح. وللصيام فوائد عديدة، تتوزع على العديد من الجوانب، منها الجانب الروحي والديني، الأخلاقي الاجتماعي، وكذا بالنسبة إلى الصحة البدنية للصائمين. ويوجد اليوم إجماع من قبل العلماء والأطباء على فوائد الجوع لفترات قصيرة للجسم، فأثناء الجوع يبدأ الجسم في تنظيف الأمعاء والكبد والدم من السموم، وتتقلص أمراض الأوعية الدموية، كما أن الجوع لفترات قصيرة ينشط المناعة. في هذه الزاوية، نسلط الضوء على بعض الجوانب الصحية التي يجب استحضارها من أجل صيام يجسد القول المأثور “صوموا تصحوا”.

ينصح اختصاصيو أمراض النساء والتوليد النساء الحوامل والمرضعات اللاتي لا يجدن لديهن القدرة على الصيام أو يخشين أن يؤثر الصيام سلبا على الأجنة والأطفال الرضع، باستشارة الأطباء المختصين أو القابلات، وإجراء فحص طبي عام قبل اتخاذهن للقرار بصيام شهر رمضان، علما بأن الشريعة الإسلامية تبيح للمرأة الحامل والمرأة المرضعة والأطفال والمرضى الإفطار في رمضان.

يتعين على المرأة الحامل، إذن، مراجعة واستشارة الطبيب قبل اتخاذ القرار بصيام شهر رمضان، كما يتوجب على الحامل التي تصوم رمضان أخذ قسط من الراحة بين الفينة والأخرى خلال النهار والحرص على تناول كميات كافية من المغذيات والسعرات الحرارية عند الإفطار، وتناول ثلاثة لترات من الماء بين الإفطار والسحور، وتجنب تناول الحلويات والوجبات الخفيفة المحلاة التي يتناولها الناس عادة بعد الإفطار في رمضان.

ويتعين على الحامل الصائمة أيضا عدم تعريض نفسها للحرارة الشديدة أثناء النهار كالوقوف في الشمس لفترات طويلة وألا تقوم ببذل مجهود شديد حتى لا يتسبب ذلك في فقد جسمها للماء أثناء الصيام ويعرضها والجنين للخطر. وعند إصابة الحامل بأي مضاعفات أثناء الصوم يجب عليها استشارة الطبيب فورا فقد يحدث انخفاض في حركة الجنين، أو تشعر الحامل بدوار أو دوخة أو هبوط للضغط أو خفقان في القلب، وبخاصة خلال المرحلة الأخيرة من الحمل، فيجب عندها التوقف عن الصيام ومراجعة الطبيب فورا.

لكن هناك بعض الحالات التي يمنع فيها الطبيب الصيام مطلقا على المرأة الحامل، وذلك عند إصابة هذه الأخيرة بأحد الأمراض المزمنة كمرض السكري ومرض الكلى المزمن وقصور في وظائف الكبد والربو الذي يتطلب بخاخا للاستنشاق.

ولا بد من الإشارة إلى أن بعض حالات الحمل الخاصة التي يمكن أن تمنع الحامل من الصيام، وذلك في حال إصابتها بارتفاع ضغط الحمل، والحمل بتوأم، والخوف من خطر الولادة المبكرة، وأمراض الحمل الحادة.

مراحل الحمل

تعد المرحلة الأولى من الحمل (الأشهر الثلاثة الأولى) مرحلة حاسمة ومليئة بالتغيرات سواء بالنسبة إلى المرأة الحامل أو جنينها الذي يكون في مرحلة تكوينه الأولى. وبالنسبة إلى الأم تتسم هذه الفترة بالغثيان والقيء الشديد لذلك تجد الحامل صعوبة في الصيام حيث يفقد جسمها الكثير من السوائل. ويحدث ذلك خاصة عندما تكون المرأة تعيش حملها الأول الذي يختلف عن الحمل لثاني أو ثالث مرة حيث يقل الشعور بالغثيان والرغبة في القيء المستمر وبالتالي يمكن للحامل الصيام.

وفي أثناء المرحلة الوسطى (ثلاثة شهور التالية) يكون الصوم مرهقا وربما مؤذيا للحامل والجنين معا، وكذلك بالنسبة للشهور الثلاثة الأخيرة. ففي حالة صوم الحامل في هذه الفترة قد يتأثر الجنين ويحدث لديه نقص في السكر، وبالتالي قد تكون هناك أثار سلبية في بعض الحالات.

تغذية المرأة الحامل

تحتاج المرأة الحامل بصفة عامة إلى وجبتين من البروتين يوميا بالإضافة إلى الحليب، كما أن الماء له أهمية كبيرة حيث يساعد الجسم على الاستفادة من المغذيات وعلى حمل الفضلات إلى الخارج وتسهيل عملية الهضم.

ومن الأغذية المفيدة للمرأة الحامل عسل النحل وذلك لسرعة هضمه وامتصاصه والاستفادة منه وهو يعطي الطاقة التي تحتاجها المرأة خلال فترة الحمل.

كما أن التغذية الصحيحة للمرأة الحامل هامة جدا لإنجاب طفل سليم والحفاظ على صحة المرأة، فيجب على الحامل الاهتمام بتناول 2 كوب حليب يوميا كمصدر للبروتين، وذلك بعد الشهور الثلاثة الأولى بما أن الحليب يحتوي على الكالسيوم الهام لبناء عظام الطفل وأسنانه، ويجب كذلك الاهتمام بتناول الفواكه والخضراوات الطازجة لغناها بالفيتامينات والأملاح المعدنية التي تحتاجها الحامل، كما أنها تقي من الإمساك الذي يحدث أثناء الحمل.

توزيع الجرعات الدوائية

تنصح الحامل بتناول المكملات الغذائية مثل حبوب الكالسيوم مباشرة بعد الفطور، على اعتبار أنها لن تذهب إلى النوم قبل 6 ساعات يتخللها الكثير من النشاط والحركة. أما حبوب الحديد فيستحسن تناولها قبل السحور. وبالنسبة للأدوية التي تتناولها الحامل لعلاج الحالات المرضية مثل السكري، فعليها استشارة معالجها فقد تنصح بعدم بالصيام أصلا.

مشاكل صحية

من الآثار الأخرى التي تتعرض لها الحامل التي تتمتع بصحة جيدة ولكنها قد تصاب ببعض المضاعفات التي تنتج عن الصيام كالشعور بالغثيان، وانخفاض وزن المولود، والدوار، والبطء في دورة الأيض والتمثيل الغذائي لديها.

وتنصح المرأة الحامل بسرعة مراجعة الطبيب في الحالات التالية:

  • عدم حدوث الزيادة المتوقعة في وزن الحامل، أو حدوث تراجع في الوزن.
  • الشعور بالعطش الشديد.
  • الانخفاض الملحوظ في التبول، أو عندما يصبح لون البول داكنا وذا رائحة نفاذة، مما يعني بالضرورة تعرضها للجفاف، وبالتالي تصبح عرضة للإصابة بالتهاب في المسالك البولية والمضاعفات الأخرى.
  • الشعور بالصداع أو الآلام الأخرى أو ارتفاع حرارة الجسم.
  • الشعور بالغثيان والتقيؤ.
  • حدوث تغير ملحوظ في حركة الجنين، مثل توقف الجنين عن الحركة الدورانية والركل.
  • الشعور بآلام شبيهة بآلام الطلق، وهو إشارة دالة على المخاض المبكر.
  • الشعور بالدوار أو الوهن أو الإجهاد أو التشوش الذهني على الرغم من أخذ قسط كاف من الراحة.

وفي حالة شعور الحامل بأي من هذه الأعراض فينبغي أن تفطر فورا وأن تشرب كمية من الماء بعد إضافة بعض السكر وملح الطعام إليه، أو تتناول محلولا مضادا للجفاف يعطى عن طريق الفم، ثم تتصل بالطبيب فورا.

> إعداد: سميرة الشناوي

Related posts

Top