شعبنا يريد…

يصر شباب (20 فبراير) ومختلف التنظيمات التي أعلنت مقاطعتها لاستفتاء فاتح يوليوز على ترديد شعار «الشعب يريد…»، في كل استهلال لتظاهراتهم وللكلام، ولئن كانت العبارة جسدت قدرة تواصلية نافذة في البدايات، فإنها مع توالي التحولات والأحداث، خصوصا بعد بروز مشروع الدستور الجديد، أصبحت تطرح بدورها بعض الأسئلة بشأنها.
ما معنى إقران جمود المواقف والعناد وسلبية التفكير برغبة الشعب وإرادته؟ وما معنى جعل إرادة الشعب في صف الرافضين والعدميين فقط؟ ووفق أية معايير ديمقراطية (انتخابات، استفتاء أو استطلاعات رأي) تبلورت هذه النتيجة /الشعار؟ وهل من يختلفون مع موقف المقاطعة لا يمثلون الشعب ولا تجسد أفكارهم إرادة الشعب؟
عندما تصطف أحزاب الكتلة الديمقراطية مثلا وراء موقف واحد يدعو إلى التصويت بـ «نعم» لفائدة مشروع الدستور الجديد، ألا يمثل هذا تعبيرا عن إرادة فئات واسعة من الشعب المغربي؟ فعلى الأقل العدد أكبر من منخرطي التنظيمات المقاطعة (انتخابيا وتاريخيا).
وعندما نضيف إلى القوى الثلاث باقي الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية التي أيدت مشروع الدستور، فهل يكون من المنطقي حينها الكلام عن «الشعب يريد…» من لدن المقاطعين؟
وعندما نتصفح مضامين ما تنشره الصحف الوطنية وافتتاحياتها ومقالات الرأي فيها، ونخلص إلى أن أغلبيتها الواسعة تلقت مضامين الوثيقة الدستورية بإيجابية كبيرة، فهل بقي من معنى لـ «الشعب يريد» كما يصرخ به المقاطعون؟
وهل كل هؤلاء بنوا مواقفهم على أوامر من جهات خفية، أو أنهم تلقوا إذنا مسبقا بخصوص مواقفهم ومذكراتهم وشعاراتهم؟
إن شعبنا اليوم يريد أن يفتح الدستور الجديد الباب أمامه لبناء مجتمع ديمقراطي يتطور ويؤمن العيش الكريم لأهله ويقوي دولة القانون والحداثة..
شعبنا اليوم يريد أن ينجح في التغيير من دون دماء أو دبابات في الشوارع، ويحمي المؤسسات ويكرس الاستقرار والتعايش..
شعبنا اليوم يريد أن يؤسس الدستور الجديد لإصلاحات سياسية حقيقية في البلاد تقضي مع الفساد والمفسدين في الانتخابات وفي الجماعات المحلية وتعيد للسياسة نبلها وتنهي اقتصاد الريع والزبونية والرشوة والحيف الاجتماعي…
شعبنا يرفض اليوم أن يقبض الظلاميون، باسمه، على رقابنا ويجروا البلد إلى الوراء، وإلى القضاء على كل المكاسب الديمقراطية والثقافية التي تحققت بدماء ونضالات شعبنا وشبابنا.
شعبنا يرفض اليوم جر البلد إلى ما تعانيه شعوب قريبة منا في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها…
شعبنا لديه الثقة في بلده وفي قواه الديمقراطية الحقيقية، ويريد أن يشد على المكاسب والتراكمات ويواصل بناء المستقبل.
وحتى ننجح في كل هذا، يجب أن نذهب بكثافة إلى مكاتب التصويت في فاتح يوليوز ونعبر عن رأينا.

[email protected]

Top