استفاقت الأوساط الرجاوية، وغير الرجاوية، على حجم الصدمة التي خلفها الهروب الكبير لعزيز البدراوي، هروب من المسؤولية التي بحث عنها، بتوصية من مقربيه، تخلي وسط الطريق قبل نهاية الموسم، بأشهر معدودة.
فهذا الرجل الذي تعمد المجيء للجمع العام الذي نصبه في تجاوز صارخ للقانون، وهو يقود سيارة فارهة بلون مذهب، وعلامة من النوع الرفيع، إلا أن هذه السيارة العجيبة، لم يعد يظهر لها أي أثر منذ تلك اللحظة، اختفت كما اختفت كل الوعود التي قدمها بكثير من السخاء…
فعل هذا الرئيس كل شيء، من أجل أن يصدق الجميع وعوده، سعى لنيل الثقة المطلقة، وبالفعل وعد وهاجم، روج وزايد، لفت الانتباه بدرجة قصوى، فكان له ما أراد، وانفرد بكل الصلاحيات، كما منح ورقة بيضاء، تحمل توقيع الثقة العمياء…
بالفعل كسب الثقة، ونال التأييد المطلق، بل كان الرجاويون على استعداد لينصبوه رئيسا مدى الحياة، ولم يعد هناك أي تحفظ أو نوع من التروي، فكانت الصدمة الكبرى…
«غادي نبلبلوها» و»غادي نديرو ميسا» و»هانا جيت»…والكثير والكثير من التعابير والمفردات والوعود.. أطلقها هذا البدراوي منذ أن أعلن قبوله تحمل مسؤولية الرئاسة، ليواصل بعد ذلك خرجاته سواء المحسوبة أو غير المحسوبة.
أخطاء كثيرة دشن بها عهده، نصب من نصب، أبرم تعاقدات، جلب مدربين، اتخذ قرارات، استغنى عن أفراد، اتهم البعض، وخلق جوا مشحونا غير صحي تماما…
وفي الوقت الذي كان على هذا الرئيس التواري نسبيا عن الأنظار، والاشتغال في صمت، وانتقاء حركاته وسكناته، فضل إطلاق العنان لخرجات وتدوينات في غير محلها، ساهمت في إثارة المشاكل والصراعات الهامشية، كما حرمت النادي من الهدوء المطلوب.
منذ الموسم الماضي وضع هذا الرئيس «المغوار» نفسه تحت الضغط؛ فمباشرة بعد تحمله المسؤولية، وعد بتحقيق ألقاب، في ظرف وزمن قياسيين غير مناسبين تماما، وطبيعي أن يفشل في الوفاء بذلك، لأنه بصراحة كان مخطئا في تقديره على جميع المستويات…
انتظر الجميع هذا الموسم، على أمل التمكن من تحقيق وعوده الكثيرة، وعوض التحفظ مرة أخرى في كل خرجاته وتعدد تدويناته، واصل الهجوم الكاسح، والانسياق وراء تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وهو سلوك يظهر رغبة أكبر في التسويق لنفسه ولاسمه كشخص، أكثر من صفته كرئيس له التزامات، ومطوق بواجب التحفظ، والابتعاد عن صغائر الأمور…
وجاءت الخاتمة المدوية، بعدما تبين للجميع مرة أخرى، أن البدراوي ليس لديه القدرة من الناحية المالية للوفاء بالوعود التي وزعها يمينا ويسارا، وما الملايير التي وعد بجلبها، مجرد خدعة بهدف كسب تأييد الجمهور الرجاوي، هذا الأخير الذي كان يمنى النفس، في العثور على رئيس قادر على إخراج النادي من أزمة طاحنة، تعصف به منذ عدة سنوات.
انكشفت الأمور أخيرا، ولم يعد هناك مجال للشك في أن عهد البدراوي انتهى على إيقاع خيبات أمل كبيرة، وما على الرجاويين الحقيقيين سوى لملمة الصفوف، وجمع الشتات، وتجاوز الخلافات الهامشية والصراعات الثنائية، بهدف إصلاح الأخطاء وتجاوز العثرات، فمصلحة الرجاء لا تقبل الحسابات الضيقة…
يبقى التساؤل في الأخير: هل ستتم محاسبته؟ أم سيذهب لحال سبيله كما كان الأمر مع بعض الرؤساء السابقين؟…
>محمد الروحلي