كشف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (CES)، في تقرير جديد له حول” الحماية الاجتماعية في المغرب، واقع الحال، الحصيلة وسبل تعزيز أنظمة الضمان والمساعدة الاجتماعية”، أن التزام المغرب محدود بالمعايير الدولية، لاسيما وأن تغطية مخاطر حوادث الشغل تسند لشركات التأمين الخاصة بدلا من المؤسسات العاملة في مجال الضمان الاجتماعي.
وزاد التقرير، حديث النشر، والذي تتوفر بيان اليوم على نسخة منه، أن منظومة الحماية الاجتماعية في المغرب تتسم بعدم انتظامها حول رؤية موحدة وأهداف متجانسة، إذ لا توجد آليات للتضامن أو حتى التكامل بين مكوناتها، موضحا أن هذه المكونات، تواجه مشكل التوازن المالي، والاستدامة، ونقص جودة الخدمات ضد المخاطر الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن العديد من مؤسسات الضمان الاجتماعي تواجه رهانات كبرى تتعلق بالتوازنات المالية، ناتجة عن انخفاض معدلات الخصوبة، والولوج المتأخر على نحو متزايد إلى سوق الشغل، فضلا عن انخفاض معدل تغطية السكان النشطين المشتغلين “35 في المائة”.
ورصدت الدراسة ذاتها، أن “أوجه القصور” في هذه المنظومة كبيرة جدا، مما ينطوي على مخاطر كبرى ويجعل أعدادا كبيرة من الساكنة لا تستفيد من أي تغطية أو تستفيد من خدمات محدودة جدا، مردفة أنه لا يتم الاعتراف إلى اليوم بحوادث الشغل والأمراض المهنية بوصفها مخاطر تدخل في نطاق الضمان الاجتماعي، كما أن تغطيتها التي تنظمها قواعد القانون المدني، تظل محدودة ومقيدة بإجراءات معقدة.
ووقف المجلس، أثناء إعداده لهذا التقرير، على معطى يتعلق بأن غالبية المسنين لا يستفيدون من الحق في معاش التقاعد، بمعدل 70 في المائة، كما أن أزيد من 60 في المائة من السكان النشيطين المغاربة لا يستفيدون من أنظمة التقاعد القائمة، و30 في المائة فقط من يستفيدون حاليا من تأمين إجباري عن المرض، مبرزا أن العاملون في القطاع “غير المنظم” من الضمان الاجتماعي، لا يستفيدون من معاش التقاعد وحوادث الشغل أو الأمراض المهنية، بحيث يتحملون معظم النفقات المتعلقة بالصحة.
وأفاد المصد ذاته، أن معدلات وفيات الأمهات والأطفال لا تزال مرتفعة، “ويعزى ذلك على وجه الخصوص إلى ضعف الولوج إلى العلاجات في فترة ما بعد الولادة والرعاية الصحية لحديثي الولادة في الوسط القروي، ويبقى الأطفال، سواء كانوا في مرحلة ما قبل التمدرس أو المراهقة، لاسيما الفتيات في المناطق القروية، وكذا الشباب غير المؤهلين أو ذوي المؤهلات الضعيفة، عرضة لخطر الانقطاع عن الدراسة والسقوط في مخالب العمل غير المنظم والفقر”، يشير تقرير المجلس.
وكشف التقرير في الآن ذاته، أن “الأطفال البالغون ومن في وضعية إعاقة يواجهون مصاعب جمة في الولوج إلى الخدمات الأساسية للتعليم والصحة، ومخاطر متنامية للبطالة والفقر، في غياب مساعدة أسرهم ومساعديهم حتى يتمكنوا من مواجهة التكاليف الإضافية المترتبة عن وضعيتهم”، مشددا على ضرورة وضع برامج المساعدة الاجتماعية وتنفيذها بما يتماشى مع مبادئ احترام كرامة الأفراد وحقوقهم الأساسية.
ووقف التقرير المنشور حديثا على الاستمرارية الضعيفة للنشاط المأجور في القطاع المنظم، إلى هشاشة سوق الشغل ومحدودية الولوج إلى الضمان الاجتماعي، مقدما نموذج القطاع الفلاحي، الذي يتم فيه التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأجير واحد من بين أجيرين اثنين لمدة لا تقل عن ستة أشهر من أصل اثني عشر شهرا، إذ يستلزم من هذا الأجير قضاء ضعفي المدة الزمنية المطلوبة من أجير عادي للحصول على الحق في معاش التقاعد.
ويتسم نظام الحماية الاجتماعية للأشخاص الموجودين في وضعية بطالة، وفق المجلس، بتأثر سلبي على مستوى استمرار العلاقات المهنية غير النظامية، وهشاشة عقود الشغل، وعقود الشغل غير النظامية،
بالإضافة إلى التهرب من التصريح بالأجراء ومن أداء الاشتراكات برسم الحماية الاجتماعية، علاوة على ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب والشباب من حملة الشهادات، والبطالة طويلة الأمد.
وعن مبادرة التعويض عن فقدان الشغل، سجلت المؤسسة وجود محدودية في هذا النظام، واصفة إياه “بغير الكافي للحماية من مخاطر البطالة”، لاسيما وأن “نسبة المستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل أقل من 1 في المائة من مجموع الأشخاص الموجودين في وضعية بطالة، والمقدر عددهم بـ 10 في المائة من مجموع الساكنة النشيطة”.
وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في الأخير بضرورة توسيع نظام التغطية الاجتماعية لشتمل جميع أجراء القطاع الخاص، ثم إحداث آلية للاحتفاظ بالمؤمن لهم، الذين تم التوقف عن التصريح بهم، في نظام الضمان الاجتماعي، علاوة على تخصيص شيكات لأداء المستحقات الاجتماعية (شيكات خدمات التشغيل) للعمال المنزليين والمساعدين العائليين، فضلا عن توسيع نظام الضمان الاجتماعي ليشمل العمال غير المأجورين.
< يوسف الخيدر