بدأ “موسم الحيتان” في بولينيزيا الفرنسية الواقعة في جنوب المحيط الهادئ، حيث تزدهر الرحلات البحرية لمشاهدة الحيتان وحتى السباحة معها، مما يثير تساؤلات ومخاوف في شأن صحة هذه الحيوانات البحرية الضخمة.
وتشكل تاهيتي أكبر جزيرة في بولينيزيا الفرنسية، وتبلغ مساحتها أكثر من 1000 كيلومتر مربع، وهي مكان متميز لمشاهدة الحيتان.
يقول جوليان أنطون، وهو مرشد في “تاهيتي دايف منجمنت” (إدارة الغوص في تاهيتي) “نحن محظوظون بوجود الحيتان الحدباء التي تقترب من الشعاب المرجانية بحثا عن الراحة والهدوء. وتحاول الإناث الهروب من الذكور، لذا تأتي لحماية أنفسها وتسبح بانتظام على طول الشعاب المرجانية”. وتتيح هذه الشركة المعتمدة من الحكومة البولينيزية إمكان الالتقاء بالحيتان.
يخضع هذا النشاط المزدهر لضوابط صارمة لمحاولة تجنب الإضرار بهذه الأنواع المحمية، والتي يبلغ عددها حوالي 80 ألفا في نصف الكرة الجنوبي. وبعد أن اقتربت من الانقراض، زاد عدد الحيتان بشكل ملحوظ منذ أن دخل الوقف الدولي لحظر صيد الحيتان التجاري حيز التنفيذ في عام 1986.
ويفرض مرسوم من الحكومة البولينيزية، نشر في 25 أبريل 2024، مسافة أمان تبلغ 100 متر بين الحيوان والقوارب المرخصة، و15 مترا مع السباحين.
يقول جوليان أنطون “إنها واحدة من الأماكن الأخيرة على هذا الكوكب التي يحق لنا مراقبتها من هذه المسافة القريبة. إن أعداد (الحيتان) في حالة جيدة جدا، لذا فهي حقا فرصة كبيرة”.
ورغم نجاحها السياحي والمكاسب المالية التي توفرها، تتعرض السباحة مع الحيتان لانتقادات من جمعيات وجزء من المجتمع العلمي. وتشير دراسة أجريت في جزر تونغا، ونشرت عام 2019 في مجلة “بلوس وان ” PLOS One، إلى وجود “سلوكيات ينبغي تجنبها”، بما في ذلك الغوص لفترات طويلة، مع آثار غير معروفة على صحة الحيتان
المخاطر لا تتعلق بالحيوانات فقط. ففي أغسطس 2020، أصيبت سباحة تبلغ 29 عاما بجروح خطيرة على الساحل الأسترالي بعد أن وجدت نفسها عالقة بين حوتين. وفي غضون أسبوع، سجلت البلاد حادثين آخرين لحيتان.
وتندد الجمعية البولينيزية “ماتا توهورا”، التي تعمل على حماية الثدييات البحرية، الانتهاكات المنتظمة من القوارب والسباحين الذين يقتربون من الحدود المسموح بها.
وتقول أنييس بينيه، عالمة الأحياء ومؤسسة الجمعية، “اليوم، هناك عدد كبير جدا من القوارب على الماء. إنه حقا الاضطراب الناتج عن العدد (وهو ما يشكل مشكلة) وبالتالي يجب علينا الحد من عدد القوارب حول الحيتان والدلافين. إنها إدارة للنشاط يتعين القيام بها”.
وتضيف الباحثة “يمكننا السباحة مع الحيتان من دون إزعاجها… هذا ممكن إذا أخذت الوقت، وإذا كنت صبورا وإذا فعلت ذلك بحب، وهو ما ينطبق على جميع الحيوانات”.
وتقوم الجمعية بحملة لتحديد فترة حظر للمراقبة، من الساعة الثانية بعد الظهر، للسماح للحيتان بالراحة والاحتماء ليلا، في إجراء يهدف إلى تحقيق التوازن بين النشاط السياحي واحتياجات الحيتان.
أ.ف.ب