> شهادة بقلم: سعد الله عبد المجيد*
الفنان عزيز سعد الله الباتشينو العربي
سمعت لأول مرة عن الفنان سعد الله عزيز حين كان يحدثني ابن أخي فؤاد سعد الله عن أصدقائه في المعهد البلدي للمسرح ( الحسين بنياز– محمد كافي– صلاح الدين بنموسى – بوشعيب الطالعي –الركراكي – ادريس – وعزيز سعد الله) وهو يتدرب على مشهد مسرحي أمره أستاذه المرحوم الطيب العلج بمراجعته وقراءته وفهمه.
وارتبطت معرفتي بالفنان عزيز سعد الله في عمقها بصداقتي مع أخيه عبد الحق الذي كنت أتقاسم معه طاولة القسم بثانوية مولا ي عبد الله.
ودخلت عائلة عزيز سعد الله في ما يمكن أن أسميه «حق الجوار» حيث كانت دار أخي الأكبر محاذية لدار المقاول النزيه المرحوم الحاج سعد الله والد عزيز.
في علاقتي مع عزيز سعد الله والمسرح، بدأت التعامل معه منذ بداية السبعينات حيث كنت أتجاذب معه شؤون المسرح وأمور العائلة وقضايا درب السلطان ونحن واقفين ننتظر انطلاقة عروض مسرح الهواة والتي كانت تقام آنذاك على خشبة مسرح الشبيبة والرياضة المعروف بـ La casablancaise. وفي سنة 1985/84 أخرج مسرحية «خلي بالك من مدام» والتي كانت من تأليف وتعاون مشترك بيني وبينه.
دخل الفنان عزيز سعد الله مباشرة ميدان الاحتراف بعد تخرجه من المعهد البلدي للمسرح. انخرط في فرقة المسرح البلدي التي كان يترأسها المرحوم عميد المسرح الطيب الصديقي. فانطلق معرفيا وتطبيقيا من مرجعيات تراتبية ومنهجية مسرحية..
ثم اهتدى باستمرار ببوصلة عبقريته إلى ميدان التلفزيون منذ طلائع السبعينيات، حيث كانت مساحة الحضور آنئذ ضيقة ونادرة إلا من مبادرات ضئيلة لفرقة مسرح الإذاعة والتلفزيون وفرقة الشعب المكونة من المرحوم محمد العلوي ومحمد الخلفي والدسوكين والزعري والفنانة نعيمة المشرقي وثريا جبران، وسكيتشات المرحوم محمد بلقاس وعبد الجبار الوزير.
وعلى مقربة من هؤلاء الفنانين الكبار نجح الفنان عزيز سعد الله رفقة شريكة دربه الفنانة خديجة أسد – والتي لا بد أن أنوه بدورها الكبير الذي لعبته في حياة عزيز الاجتماعية والفنية على امتداد مساره الطويل – في تأسيس وتكريس مشروع فرجة تلفزيونية وسينمائية نذكر منها على سبيل المثال:
– في التلفزيون: مسلسل «هو وهي» – «بنت البلاد» – برنامج TV3 رفقة حميد بن الشريف
– في السينما: فيلم «ساعي البريد» إخراج حكيم النوري – Number one
تابعت ريبرتوار «فرقة مسرح 80» والتي أنشأها كل من الفنان عزيز سعد الله والفنانة خديجة أسد.. فكانت أعمالها وعروضها (صاروخ امزميز- برق ما تقشع- سعدك يا مسعود – خلي بالك من مدام – كاري حنكو – كوسطة يا وطن…) حاضرة بمنطلقاتها وفرجتها التي رسخت في أذهان الناس»مسرح الفودفيل» و»مسرح العائلة» و»المسرح الساخر»..
ورفقة ممثلين محترفين: سعاد صابر، خديجة أسد، حمادي عمور، عزيز موهوب، محمد مفتاح، صلاح الدين بنموسى… استطاع الفنان عزيز سعد الله أن يؤكد بصمته الإبداعية الخاصة في التأليف والاقتباس وأسلوبه المتميز في الإخراج، فهو متفرج وقارئ وناقد مسرحي منذ الزمن الأول لمسرح الهواة الذي كانت آثاره تخلق دهشة وتجربة ومثار أسئلة في أوساط المثقفين والسياسيين والجمهور والفنانين المحترفين على حد سواء.
الفنانة خديجة أسد..
جوهرة المسرح المغربي
أما الفنانة خديجة أسد، فهي امرأة استثنائية بكل المقاييس، بحكم تعدد مواهبها في مختلف المجالات:
– هي الممثلة المتميزة في مجال المسرح والدراما التلفزيونية والسينما.
– هي الكاتبة والأديبة والناقدة.
– هي المستشارة الفنية والتي لا تكون في مجال الفن إلا مرشدة وحكيمة.
وإن اقتربنا من طبيعة العمل الإنساني والاجتماعي للفنانة خديجة أسد، فلا مندوحة غير ربطها بالمرأة والزوجة والأم والأخت والرفيقة الطيبة الأخلاق… هي المرأة التي تحمل منار التضحية والصبر، بما يعنيه من سلوك وأخلاق وطريقة عيش وأسلوب تفكير.. حضورها يمنح دائما شحنة إضافية للاستمرار في العطاء.. هي المتواضعة والمتطوعة والمتعاونة في مختلف مراحل العمل الفني من بداية ورشة الكتابة إلى تحية نهاية العرض أو جنيريك الفيلم أو المسلسل…
هي فنانة استثنائية بكل معنى الكلمة.. معدة ومنظمة ومصممة ملابس بامتياز.. لكنها تبقى بتواضعها متخفية في عمق سماحتها ولطفها.. هي التي كان لها قصب السبق في فرجة «السيتكومات» وفرجة الثنائي وفرجة المنوعات variétés
الفنانة خديجة أسد.. امرأة استثنائية، لأنها تشتغل وتحترق وفق نار التواضع والصبر والصمت لتعلي من شأن حضور المرأة المغربية… ولتصقل جوهرة الفن المغربي ليبقى دائما تحفة في الإبداع.
الفنانة خديجة أسد تستحق عن جدارة لقب «جوهرة المسرح المغربي» وتستحق أجمل وأروع تكريم…
إن الفنان عزيز سعد الله رفقة الفنانة خديجة أسد والتي أنحني لها احتراما وتقديرا على دعمها وسندها لأخي عزيز سعد الله، كانا ولا يزالان ممن شقوا ورسموا لنا طريق المسرح والتلفزيون والسينما في وقت صعب المراس، واستمرا بإصرار في الحضور الوازن والعطاء المتزن والإبداع الرزين رغم الإكراهات ومشاق الطريق، في تحد شجاع وجريء لكل الانكسارات والاندحارات ولكل دماميس الظلام..
أختي خديجة.. أخي عزيز..
ستظلان لنا وللجيل القادم نجوما مضيئة وهادية..
لكما محبتي وتقديري واحترامي.
* كاتب ومخرج مسرحي