علاقة الوداد بالرجاء

على امتداد التاريخ، شهدت العلاقة بين الغريمين التقليديين فريقي الوداد والرجاء البيضاويين، تنافسا حادا وصراعا مفتوحا، ما شكل على الدوام ملح المنافسة الرياضية على الصعيد الوطني، نظرا لقيمة الناديين وقاعدتهما الجماهيرية الكبيرة سواء داخل المغرب أو خارجه.

كانا دائما وأنشئا ليبقيا، رمزين رياضيين كبيرين، والأكيد أنهما سيستمران بنفس القيمة وبنفس المكانة التي لا يمكن مقارنتها بباقي الأندية كبر شأنها أو صغر، فقطبا العاصمة الاقتصادية قدر لهما أن يكونا دائما في مقدمة الأحداث، وهو ما يضع دائما مسؤولي الناديين الأحمر والأخضر تحت ضغط رهيب. 

وتعرف العلاقة بين الناديين ومنذ النشأة إلى اليوم، فصولا وأحداثا وحكايات مثيرة للغاية، سواء بين المسيرين أو الجمهور، وبصفة خاصة أسماء من المحبين المعروفين بعشقهم الشديد لفريقيهما، إلى درجة أصبح البعض منهم يحمل هويتهما وألوانهما، والأمثلة كثيرة وكثيرة جدا، كما أن هناك أسماء تحولت إلى رموز التصقت بالناديين.

ورغم كل هذا الصراع وكل هذه الإثارة والتنافس، فإن الأمر لم يتجاوز الحدود الرياضية المتعارف عليها، وكثيرة هي المقابلات التي شهدت تواجد جمهور الفريقين بنفس المدرجات جنبا إلى جنب، كل طرف يشجع فريقه، مع يطبع ذلك من فصول مثيرة للغاية، ولحظات مرح وإبداع وسخرية، لكنها  لا تتجاوز بطبيعة الحال الحدود المسموح بها.

كثيرا ما شهدت بعض المقابلات الدولية والمناسبات التكريمية التضامنية، اجتماع لاعبي الفريقين بتشكيلة واحدة وضمن ائتلاف واحد، وكثيرا ما عزز بعض لاعبي الرجاء صفوف الوداد في مقابلات دولية مع فرق شهيرة، مبادرة حميدة من الراحل عبد الرزاق مكوار. 

هكذا كانت العلاقة على الدوام، وهكذا تمنيناها أن تستمر، لكن في السنوات الأخيرة، بدأنا نشاهد حالات من الاحتقان والتشنج بين جمهور الفريقين، امتد للأسف إلى باقي المكونات، بل وصل الأمر إلى حدود المواجهة والاعتداءات الجسدية، كما لوحظ تراشق بالكلمات والإساءة اللفظية من طرف بعض المسيرين الذين بدأوا يغدون بسلوكاتهم الرعناء حربا لا منتصر فيها، بل –على عكس- إنها تسيء إلى تاريخ الناديين الفريقين

فقد كنا ننتظر أن يكون هناك تعاون وتقارب ونقاش دائم، وعلاقة عادية بين الفريقين، صحيح أن كل فريق من حقه الدفاع عن مصالحه ووجوده والتطلع إلى ما هو أفضل، وهذا طموح مشروع وعادي، لكن الإساءة للطرف الآخر  ومحاولة المساس أو النيل من قيمة الفريق المنافس أو  إذكاء النعرات ومحاولة تصدير الأزمة وخلق مشاكل له، فهذا غير مقبول تماما، فالفريق الخصم ليس عدوا يستحق الإساءة. 

كم هي الصورة جميلة عندما نشاهد مثلا رئيسي ناديي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين جنبا إلى جنب بالمنصة الرسمية، يتابعان الكلاسيكو بعدما تناولا الطعام معا بمطعم واحد وبنفس المكان،  واعتبار الفريق الزائر ضيفا يستحق كرم الضيافة، هكذا نريد العلاقة بين الناديين الكبيرين الوداد والرجاء، علاقة تنافس في إطار من الروح الرياضية العالية،  وليس علاقة تنافر وتباعد وتخاصم وعداء دائم.

والحقيقة التي يجب أن يقر بها الجميع، ويعمل على أساسها، هي أن كرة القدم الوطنية بدون الوداد والرجاء لا تساوي شيئا … وانتهى الكلام. 

محمد الروحلي

Related posts

Top