عملة “البيتكوين”.. بين المنع والتقنين في القانون المغربي

تقترب عملة البيتكوين الرقمية من 40 ألف دولار، محققة أعلى مستوى مقارنة مع مثيلاتها من العملات الرقمية في سوق التداول الرقمي الآن، حسب موقع “بينونس” للتداول الرقمي.

ويحتل المغرب الرتبة الرابعة إفريقيا، بعد نيجيريا، جنوب إفريقيا وكينيا، والرتبة الأولى بين دول شمال إفريقيا بنسبة 2.38% مستخدم من إجمالي الساكنة، أي ما يعادل أكثر من 850 ألف شخص يمتلكون عملات رقمية افتراضية، بحسب إحصائيات موقع “تريبل إي”.

ومقابل هذا الإقبال المسجل على البيتكوين، يرى بنك المغرب أن تداول هذه العملة الرقمية “يتم في سوق غير منظم، وأن هذه العملة الافتراضية لا سعر رسمي لها، بل تتم في بيئة معلوماتية لها قواعدها الخاصة، والتي قد لا تكون مناسبة للأشخاص الذين ليس لديهم معرفة وإلمام جيد بالتكنولوجيا، ونظرا لشدة تقلباته، فإن هذا السوق محفوف بالمخاطر”.

وتفاعلا من المغرب مع هذه العملة المنفلتة، تم إصدار قرار بمنعها عام 2017، بحجة أن “المعاملات عن طريق العملات الافتراضية تشكل انتهاكا للوائح الصرف، وتكون عرضة للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في القوانين السارية”.

وحذر مكتب الصرف في بيان صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، وبنك المغرب، والهيئة المغربية لسوق الرساميل من المخاطر المرتبطة بالبيتكوين كافتقادها لحماية المستهلك وتقلبات سعر صرفها وإمكانية استخدامها في “أغراض إجرامية، بما في ذلك غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.

وفي هذا الصدد، وقفت السلطات النقدية المغربية، على تداول هذه العملات لدى بعض الأشخاص “بالرغم من التنبيهات السابقة بخصوص المخاطر المرتبطة باستعمال العملات الافتراضية مثل البيتكوين، فقد تمت معاينة استمرار بعض الأشخاص الماديين والمعنويين في استخدام هذا النوع من العمليات”.

وبحسب بنك المغرب، فإن التعامل بالبتكوين، يعتبر نشاطا غير مقنن، “يتسم بنوع كبير من التقلب مما يتسبب في غياب أي حماية بالنسبة للمواطن، خاصة وأن هذا النظام يتميز بجاذبيته وسهولة استخدامه”، ولهذه الاعتبارات، يحث الأشخاص المعنيين على الالتزام التام بالقوانين الجاري بها العمل في هذا الميدان، والتي تحظر استعمال مثل هذه التعاملات المالية، حماية للمواطن ضد أي انحراف ذي طابع قانوني أو خسائر مالية.

ويحذر بنك المغرب من غياب أي حماية قانونية لتغطية الخسائر في حال حدوث عجز في منصات التبادل، نظرا للتغيرات الكبرى في أسعار الصرف سواء نحو الارتفاع أو نحو الانخفاض في وقت وجيز جدا، وبشكل غير متوقع.

وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي المغربي المهدي فقير في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن قرار منع تداول العملات الرقمية قرار متوازن وبناء، مشيرا إلى أن هذه العملات مجهولة المصدر، ولا تخضع لأي رقابة وتؤثر بشكل أو بآخر على التوازن النقدي والمالي للبلد، بحكم أنها تستنزف الاحتياطي من النقد الأجنبي، وبالتالي فمن الأفضل أن يطبق القانون.

ويرى المهدي فقير، أن قرار حظر العملات الرقمية بالمغرب، يبقى قرارا سياديا، داعيا الأشخاص المتداولين لهذه العملات والطامعين في الأرباح إلى تحمل مسؤوليتهم، لأنه “لا يعذر أحد لجهله بالقانون، والدولة لها أسبابها الموضوعية والواضحة وراء هذا المنع”، على حد تعبيره.

وأوضح الخبير الاقتصادي المغربي، بخصوص موضوع تقنين هذه العملات الرقمية، أن المغرب يروم إلى إحداث عملة رقمية مغربية معترف بها من طرف بنك المغرب، وعيا منه بضرورة استخدام هذه العملات لكن بشكل مضبوط ومقنن.

من جهته، صرح المحامي والأستاذ الجامعي الحسني الإدريسي محمد، أن القانون المغربي لحد الآن يمنع تداول العملات الرقمية، لكن مؤخرا بدأت عدة بوادر لمناقشة إمكانية مراجعته والسماح بشكل من الأشكال بالتداول بالعملات الرقمية، وهذا ما صرح به والي بنك المغرب.

وقال الحسني الإدريسي محمد لجريدة بيان اليوم، إنه “ربما هناك آفاق لمراجعة موقف المشرع المغربي في هذا الإطار، أخذا بعين الاعتبار الاتجاه العالمي كون هذه العملة أصبحت تعتبر من العملات المستقبلية، خصوصا مع ما يعرفه العالم من تحولات وبوادر قصور النظام العالمي المالي، كاعتماد الدولار كعملة صعبة ونظام سويفت وأنظمة أخرى، حيث تم تقنين هذه العملات الرقمية وتم الإقرار بها كعملة رسمية في عدة دول كأمريكا اللاتينية، وفي آسيا، وبعض الدول الإفريقية والعربية”.

وأكد الإدريسي أن “ما يجري في المحيط الإقليمي والدولي والتطورات التي يشهدها النظام المالي الاقتصادي العالمي، دفع بالمسؤولين الماليين في المغرب سواء والي بنك المغرب، ووزير المالية إلى إمكانية مراجعة بعض الشروط القانونية للتداول بهذه العملة”.

وذكر المتحدث ذاته، أنه لا توجد ضمانات واضحة، بشأن استقرار هذه العملة، وقابليتها للتداول، وحمايتها القانونية لأموال الناس، لضمان امتياز الرساميل وأن لا تؤدي إلى التضخم واستخدامها لطرق غير مشروعة كغسل الأموال، وإلى حدود الآن لا يوجد قرار نهائي للتقنين، ولكن هناك مناقشة جدية في الموضوع من طرف والي بنك المغرب ربما ستسفر عن نتائج للحسم في هذا النقاش.

سلمى شادي (صحافية متدربة)

Related posts

Top